زاد الاردن الاخباري -
ربما يختلف البعض حول مواقف نادين لبكي السياسية، خصوصا في مجال نظرتها المعارضة للحروب، وينتقد اعمالها الفنية بسبب مواقفها السياسية. بيد ان كثيرين ممن شاهدوا مسرحية (Reasons To Be Pretty) على خشبة مسرح المدينة في شارع الحمراء (راس بيروت) التي يستمر عرضها خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، شعروا بمقدرة نادين الكبيرة كممثلة، بالاضافة الى موهبتها كمخرجة.
ولعل المشهد الذي اكد هذا الامر كان ذلك الذي تقرأ فيه نادين (واسمها في المسرحية ستيفاني) من حفنة من الاوراق ما كتبته عن صديقها عادل (طلال الجردي) من صفات جسدية وخلقية بشعة، جعلتها تقرر الانفصال عنه، ولكنها، وفي الوقت عينه، وبالرغم من انفعالها'الشديد في تلك اللحظة، لم تستطع اخفاء زخم محبتها المستمرة له. وتكرر هذا الامر في المشهد الاخير الذي تودعه فيه، وتتحدث عن خطيبها الجديد وميزاته وثروته وهدايا ؟؟ الثمينة ولكنها تقترب من عادل، في الوقت عينه، وتسعى الى لمسه ثم تتمتم كلمات معبرة عن عدم تمكنها من تجاوز تعلقها العاطفي به، مهما كانت الظروف.
مشهدان صعبانن تمكنت نادين من ادائهما بقدرة فنية رائعة، مما دفع الجمهور الى التصفيق الحاد لها، في اكثر من مناسبة، قبل انتهاء عرض المسرحية الفكاهية الطابع عموما.
واذا اسهبنا في الحديث عن هذه الممثلة والمخرجة المبدعة فمن الانصاف ايضا الثناء على ظلال الجردي الذي ادى دوره كالحبيب عادل الذي تركته حبيبته لاسباب واهية، ببراعة كبيرة. فمن اصعب الامور اداء دور فكاهي ودرامي في آن واحد، والتعبير عن الانتماء الى طبقة اجتماعية محدودة الدخل مستعدة للرضوخ بمرارة لوضعها، برغم معاناتها لفقدان الحبيبة. وقد فعل الجردي ذلك بنجاح، واضحك الجمهور واحزنه ايضا، وساهم مع نادين وباقي الممثلين والمخرج جاك مارون (الذي نقل المسرحية الى الاجواء العربية بحرفية كبيرة) في جعل الجمهور يقف لمدة ثلاث دقائق او اكثر في نهاية العرض الافتتاحي معبرا عن اعجابه الشديد بها.
كما نجح المخرج مارون والممثلون في عرض حساسيات وقلق طبقة اجتماعية محددة (الطبقة الوسطى السفلى الكادحة) ازاء استخدام الجمال الجسدي والمظهر الخارجي لتحقيق الآمال والتطلعات الاجتماعية والطموح للافضل برغم التضحية بالحبيب.
وخلاصة ما يمكن قوله عن هذه المسرحية، التي شاركت فيها الممثلة القديرة ندى ابو فرحات في دور الصديقة الواشية التي تدفع ثمن وشايتها بخيانة زوجها (ايلي متري) لها، وتندم على ذلك، انها قُدمت باحتراف كبير في شتى المجالات، ان في الديكور والموسيقى المرافقة للمشاهد، او في مستوى التمثيل والاخراج او في التنظيم التقني عموما.
وهي تشكل فخرا للعمل المسرحي اللبناني الذي تشرف على عودة انطلاقة الفنانة الكبيرة نضال الاشقر، عرابة عودة مسرح المدينة الى الساحة الفنية اللبنانية.
ولعل اختيار مسرحية للمخرج الامريكي نيل لابوت الذي لمع في مسارح امريكا واوروبا والعالم، وتقديمها من دون دبلجة مصطنعة في فحواها وقالبها، بل على العكس باضافات ذكية وخفيفة الظل في السيناريو، يشكل ليس انجازا فنيا لمارون فحسبن بل بشهادة على شجاعة جميع من عمل على انجاح هذا العمل في اوضاع لبنان الصعبة جدا حاليا.
القدس العربي