زاد الاردن الاخباري -
الذي يتابع المشهد السياسي الأردني بتفاصيله وتفصيلاته، سيجد أن الإخوان المسلمين –الآن- قد تم محاصرتهم في دائرة ضيقة، ويقود -هذا الحصار - المحافظون والمتشددون بكافة أنواهم وأشكالهم، في الأجهزة الحكومية أو في المؤسسات السياسية كبعض الأحزاب، أو في القطاع الشعبي وقطاع النخب المتنفعة أو حتى أصحاب النوايا الحسنة.
كانت لدي نظرية حول الإخوان تسمى "نظرية الأنفاق والجسور" وتقول بإختصار: " يعتمد منهج الإخوان المسلمين نظرية الأنفاق والجسور، فهم يحفرون نفقا للوصول إلى السلطة، ثم يخترعون جسرا لكسب تعاطف الشارع"، ولكن ذلك مبرر لحزب سياسي، فقد اجتمعوا من أجل هذا الهدف، والتقت نواياهم وأفكارهم وبرامجهم ومخططاتهم، كحزب سياسي، من أجل تحقيق تلك الأهداف، ومنها على سبيل المثال، الوصول إلى السلطة، وكذلك الإبقاء على تقبل الشارع لهم وكسب تعاطفه طوال الوقت، وتوسيع رقعة القواعد الشعبية بأي ثمن، بالتحالف مع اليسار تارة والليبراليين تارة أخرى والحكومة أحيانا والأمريكان أحيانا أخرى، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فهذا هو شأن الأحزاب، في كل مكان.
بالطبع لست مؤيدا للإخوان وأقول دائما بأنني أختلف معهم، ولكني لا أفهم لماذا يتحولون إلى أعداء فجأة، أو محتلين، فهذا يريد سحقهم وذاك يريد إسقاطهم وماكينة عملاقة تعكمل ضدهم لكسر انوفهم وتعريتهم، مع أنهم كحزب سياسي، هم أكبر حزب سياسي في الأردن، وفي الديمقراطية، يكون على الحزب السياسي الأكبر حجما في مكان ما مسؤوليات جمّة ومهمة صعبة سواء أكان في السلطة أو خارج السلطة، فكيف نقاوم الإخوان وهم لم يتولوا السلطة أبدا، ولماذا نحاربهم حرب تكسير عظام؟
في المقابل، المحافظون والمتشددون في الأردن ليس لهم مظلة تجمعهم، فهم متفرقون هنا وهناك، يستمتعون "شخصيا" في ملاحقة الإخوان ويتصيدونهم، يتهمونهم بكثير من الإتهامات، وينظمون حملات "غير مخططة" للقضاء عليهم، لكن الإخوان لا يجدون سوى الحكومة في "بوز المدفع"، بالطبع هي الحكومة التي يرأسها معارض سابق، فيقولون هؤلاء "أزلام النظام" وفي واقع الأمر، ولدي معلومات كثيرة، أن المتشددين المحافظين ليسوا كلهم جزءا من النظام والحكومة بل هناك خصوم كثر للإخوان، في الأحزاب، وفي الإعلام وفي الشارع، وفي المتقاعدين، وفي المحافظات، عدا عن حربهم القديمة المتجذرة مع القوميين، والتي بدأت أيام "عبد الناصر" ولن تنتهي أبدا.
إذا كان النظام يبحث عن التنمية السياسية الحقيقية فعليه أن يتجه نحو تنظيم المتشددين في حزب سياسي لديه برامج وأهداف واضحة المعالم، معلنة، ولا يقول لي أحدكم أن ذلك ليس عمل النظام، على العكس، نحن نريد التشجيع والمبادرات وفتح الأبواب، وكذلك كبح جماح الذين يهاجمون الإخوان بسبب أو بدون سبب بتوجيههم وإنذارهم ومعاقبتهم إذا لزم الأمر، حتى يخرج النظام سالما من المعادلة الشعبية، ويبقى على مسافة واحدة من الجميع، علميا وعمليا وواقعيا، أما كيف يتم ذلك، فعلى وزير التنمية السياسية، بسام حدادين، المعارض السابق، الذي يقبض راتبه حاليا من الشعب، أن يقول لنا كيف يمكنه أن يحقق التنمية السياسية التي يتولى مسؤوليتها؛ في إيجاد مظلات سياسية للفئات التي تلتقي بالفكر والمنهج والأهداف، والتي تعمل حاليا بإرتجالية ومزاجية وفردية، ولا تجد من يؤسس لها الطريق.
كلمة حق: خصومتي مع الإخوان، لن تمنعني أبدا الدفاع عنهم كلما اقتضى الأمر.