هناك اهتمام واسع وكبير جداً في عالم الادارة والسياسة بعملية اتخاذ القرار وكذلك بصنع القرار, وفما هو القرار؟ يكمن تعريف القرار بأنه (أسلوب الاختيارالرشيد بين البدائل المتاحة لتحقيق هدف معين). ومن ذلك التعريف يمكن استنتاج:
- 1 أن اتخاذ القرار يتم من خلال اتباع عدة خطوات متتابعة تشكل أسلوباً منطقياً في الوصول إلى حل أمثل.
2- أن لأي موقف أو مشكلة عامة حلولاً بديلة يجب تحديدها وتحليلها ومقارنتها بقواعد أو مقاييس محددة.
3- أن طريقة اكتشاف البدائل وتحديد قواعد الاختيار واختيار الحل الأمثل تعتمد على هدف أو مجموعة أهداف يمكن تحقيقها.
وبالرجوع إلى قرار رئيس الوزراء "المؤقت" المنفرد والذي أتخذ فيه رفع اسعار المشتقات النفطية والتى تعتبر من السلع الارتكازية , مما سيؤدي الى متتالية سعرية, تمس فقط (الطفرانين) من اصحاب الدخول المتدنية والمتوسطة ، محققةً مكاسب حقيقية للتجار واصحاب رؤوس الاموال, إذ أنه من ابسط القواعد الاقتصادية والتي تدرس في السنة الاولى في الجامعات والتي ربما لم يسمع بها رئيس الوزراء , أن التجار يحققون أعلى ارباح في حالات الحروب والتضخم.
والسؤال الأول المطروح على الرئيس هو, هل الرئيس اتبع خطوات متلاحقة شكلت اسلوبا منطقياً ومقنعاً للوصول الى حل أمثل لعجز الموازنه ؟ والجواب عند الرئيس وحده لأنه كما يدعي أنه اتخذ القرار بمفرده متجاهلاً التوصيات الامنية والرغبة الملكية وردت الفعل الشعبية. أما مانتوقعة ان الرئيس اتخذ اسلوباً غير منطقيا على الإطلاق , لأن الخطوات التي استخدمها الرئيس, الاعلام, والسلطة المطلقة العمياء التى ادعى انه انفرد بها دون الاخذ بالنصائح التي قدمت له, مدعياً العلم كله نافيا العلم والمعرفة عن الاخرين.
والسؤال الثاني وهو,هل الرئيس بحث عن بدائل اخرى وحدد قواعد الاختيار بين البدائل للوصول للحل الامثل للمشكلة؟ الملاحظ أن الرئيس ليس مسموحاً له البحث عن بدائل وإنما لديه خيارٌ وحيد المتمثل برفع الاسعار فقط, والدليل على ذلك أنه وعد بدمج مؤسسات مستقلة يوم الاحد تشكل عبئاً على المواطن والوطن, وكما قال احمد حسن الزعبي في مقاله ( الاحد الذي لن يأتي) أن آحاداً ثلاث مرت ولم نرى دمجا للمؤسسات . كما ان هوشير زيباري وزير خارجية العراق قال في بغداد وعند زيارته لمعرض الصناعات الاردني , لا اعرف لماذا لايستورد الاردن النفط العراقي باسعار تفضيلية, ونحن الاقرب الى الاردن جغرافياً؟, وسمعنا بالامس ان العراق قدم مائة الف برميل نفط الى الاردن مجاناً, كما ان هنا من البدائل الصخر الزيتي والذي من عشرات السنين نسمع من مسؤولي الدولة أن الصخر الزيتي لن يكون مجدياً الا اذا وصل سعر برميل النفط الى 50 دولاراً, ها وقد وصل الى مئة دولاراً ألم يعد مجدياً من الناحية الاقتصادية..؟
البديل الاخر, تخفيض نفقات الحكومة, من سيارات لازالت تجوب الشوارع حتى ساعات متأخرة من الليل بالنمرة الحمراء والبيضاء وحتى بغير نمرة, مصاريف المؤتمرات والسفرات والضيافة ومخصصات كبار رجال الدولة (اشاعات ان وزير الاعلام حصل على 400الف دينار لشراء بيت), تقاعد الوزراء الربعي , السفارات المنتشرة في أرجاء المعمورة وكأننا دولة عظمى لنا مصالح في كل مكان, الغاء قانون ضريبة الدخل المؤقت والعودة الى القانون السابق. المقصود هناك بدائل كثيرة لتمويل عجز الموازنة وكان على الرئيس البحث عنها قبل اتخاذ القرار.
فبئس القرار!
والسؤال الاخير للرئيس هو: هل حدد قواعد الاختيار واختيار الحل الأمثل لتحقيق الهدف المنشود, مع الاخذ بعين الاعتبار الاثار السلبية لكل بديل؟
وفي النهاية قرار رفع الاسعار قرار غير رشيد ولا حكيم ولا وازن او مدروس في ظرف يعاني فيها المواطنون في غالبيتهم من الفقر والقهر والجوع, وفي ظل الشتاء والارتفاع الكبير للاسعار , وما نتجع عنه من قلاقل امنية , لم تصل بعد الى مداها, فمن يتحمل المسؤولية.. ؟
فبئس القرار!!!