تساءلت ومجموعة من الزملاء التربويين عن الجمود الوظيفي في هياكل وزارتنا العتيدة ( وزارة التربية والتعليم ).. والذي ترفضه ديناميكية الحياة المتجددة .. لحاجتنا الملحة إلى انطلاقة تواكب وتوائم رتمها خاصة ما يتعلق منها بالأنظمة والقوانين الوظيفية المتعلقة بالمناصب الإدارية .. فهل حاجاتنا ملحة للتبديل والتغيير والتدوير وهل ذلك هو سياسة تربوية أم إدارة نحتاجها ؟ أم كلاهما معا ؟
إننا نحتاج إلى قرار تربوي إداري جرئ بمبررات موضوعية يعود بالفائدة - بعيدة المدى- على الكيان التربوي.. فمن وجهة نظري أن أي تغير يحتاج إلى إرادة قويه وعزيمة جريئة قبل الإدارة لان الإرادة الجريئة هي من تصنع التغيير وهي المحرك للتغيير.. فعندما تكون الإرادة قويه عندهـا يحدث التغير.. إلى أن نصل إلى الهدف المنشود.. ليأتي دور السياسية التربوية الصحيحة في وضع الاستمرارية في التغير الذي نطمح .
لم أشأ الكتابة في هذا الموضوع الذي سأطيل عليكم به .. ولكني تعمدت أن أتريث قليلا مستمزجا آراء العديد من الزملاء من معلمين ومدراء مدارس ومشرفين تربويين ورؤساء أقسام وغيرهم فيما سيعكس اثر ذلك التغيير وانعكاساته من وجهه نظرهم بتحقيق الأهداف التي نطمح إلى تحقيقها للارتقاء بأدائنا الوظيفي.. ما يشير إلى أن هذه السياسة قد تنجح في الوصول إلى المبتغى الذي من أجله تأتي فكرة التدوير والتغيير والتبديل وهذه دلالة واضحة وأكيدة كي يعم روح العمل الجاد والدءوب بين الجميع بكل همة ومسؤولية بالرغم من تحفظنا على أداء البعض والذي يتعمد شداً عكسيا وتحريضا للحفاظ على منصبه .
وفي ذلك .. دعوني أقول مخاطبا من يرق له ومن لم يرق : أن التدوير الوظيفي ضمن فهمنا الأدائي أحد أهم الاستراتيجيات لتطوير أداء العاملين في أيه مؤسسة ، لأنه يعتبر من الطرق الفعالة لتطوير أداء العاملين من مديرين ورؤساء أقسام وموظفين ..ذلك أن التدوير الوظيفي يتيح للموظف ممارسة عمله بطريقة جديدة تخرج عن الروتين المتبع منذ فترة وجوده في موقعة الوظيفي وكذلك يتيح له اكتساب خبرات جديدة مع زملاء جدد بالإضافة إلى خبراته السابقة ناهيك عن إمكانية ضخ دماء جديدة لتولي مهام أدارية جديدة .
إن إتباع سياسة التدوير في المواقع الإدارية هي حاله صحية في نظام تربوي متعطش لتدوير الخبرات والتي تسمح بتراكم التجربة ومراجعة تقييميه لها واستخراج العبر للابتعاد عن ضعف التسلسل الوظيفي والتخبط في قنوات الاتصال الرأسية والأفقية هذا ما يوحي بأن التغير إستراتيجية مهمة وواضحة لا بد من انتهاجها بين الفينة والأخرى .
أما التغير الذي نقصده هنا أو بمعنى آخر التبديل في المواقع بحد ذاته لمن يخاف التغيير فكما هو معرف في علم الاجتماع والنفس هو راحة ويجلب السعادة .. كذلك فانه يهدف إلى تدريب الأفراد على المواقع التي يمكن فيها اتخاذ الإجراءات المختلفة بعيدا عن المحسوبية , إضافة إلى تقليص احتمالات الملل والضجر نتيجة الروتين والرتابة, وزيادة إمكانات التحفيز والأداء, وذلك من خلال تنوع الواجبات التي يقوم بها الفرد مع كادر مختلف في جو وظيفي جديد.
يجب ان يؤخذ بالاعتبار أن التبديل والتدوير يجب أن يعطى الوقت الكافي .. كما وينبغي أن نكشف عن (الشيخوخة الهرمة) لبعض إمبراطوريات الكثير من الأقسام التي ما زالت مختبئة في جلد نمر فالكثير من رؤساء الأقسام – مع احترامي لغالبيتهم- شكلوا كيانات يصعب اختراقها وتنظر لمن حولها ممن لديهم القدرة والكفاءة على تولى مهامها نظرة الغازي أو الطامع بكنز سليمان ولذلك فعندما نضخ دماء خبيرة جديدة ضمن تخصصها قادرة على تولي مهامها بشجاعة في تلك الأقسام ذلك ما يمكنها من اختراق التقوقعات السائدة
لذلك فنحن في الميدان نتمنى أن يكون التدوير موضة العام 2013م ليطبل له من يرغب بطريقته .. متمنين المنفعة لجهازنا التربوي العتيد .
ولكن .. !! دعونا نتصارح بمزيد من الشفافية ..!! إذ أن هناك ما يجب أن يؤخذ بالحسبان وبدرجة عالية من الحس بالمسؤولية وهي أن بعضاً من المواقع القيادة لا تحتاج إلي تدوير على الإطلاق.. بل تحتاج إلي تغيير واجتثاث من الجذور ذلك أننا لا نريد نقل الخيبة من مكان إلى آخر والنتيجة هو نقل الأشخاص لمجرد النقل .. ونقل صاحب الجهد لمكان يحتاجه ليصلح ما أفسده الدهر .. ليحل محلة من يعود بالموقع الوظيفي وأدائه سنوات إلى الوراء .. وفي النهاية فان ذلك (تدوير في تدوير ) لعل الجميع يذوق طعمه بطريقته فأما مستريح أو مستراح منه .. ونأمل أن تكون النتيجة المرجوة عند حسن ظن الجميع .. بل ونريد انعكاسها على الوظائف القيادية لمنظومتنا التربوية التي نتمنى أن تتطور بقدر دعواتنا لها بالخير .. والحكم الآن سابق لأوانه ولا يتعجل المتعجلون لعل الله يجعل في كل أمر خيرا .
وقبل أن انهي .. فإنني أعتقد أن التدوير الوظيفي إذا أحسن تطبيقه وفق معايير واضحة سوف يكون بإذن الله في صالح جهازنا الوظيفي ..فبقاء أي مسؤول أو قيادي في منصبه لفترة طويلة لا يساعد على خلق أجهزة إدارية متطورة ذات كفاءات عالية من شأنها المساهمة في رقي ذلك الجهاز الذي يتربع على كرسيه ذلك والمسؤول لفترة طويلة .. فسياسة تدوير المناصب تعطي حيوية ومرونة جديدة لأي جهاز إداري تتم فيه بغض النظر عن نجاح ذلك والمسؤول أو فشله في القيادة فإن كان ناجحا .. فالمصلحة تقتضي أن ينقل نجاحه لموقع آخر بدلا من أن يكون حكرا على موقع معين تميز فيه واستفاد منه ولهذا فعليه أن ينقل إمكاناته وقدراته المميزة لموقع آخر حتى تعم الفائدة ..
ولذلك أعود الي القول : لطالما أن العمل مستمر فان التغيير والتجديد والتدوير يقضي على الخمول والبيروقراطية والمحسوبية ولكن إن أردنا التغيير المنشود فلا بد من أن نعطي للمسؤول وقته الكافي وفرصته الكاملة للتغيير .. لان وزارة بحجم وزارة التربية والتعليم لن يظهر عليها التغيير بشكل مفاجئ بل تحتاج إلى السير بتواتر باتجاه الإصلاح المرجو وفق خط زمني كاف .
وفقنا الله جميعا لخدمة كياننا التربوي الشامخ بخطاً واثقة ليبقى عامرا بجهود كل الشرفاء في هذا الوطن الأشم ..ولنسير جميعا نحوه بخطى واثقة وسعي وعزم لا يكل ولا يمل من خلال تبني مفاهيم وأدوات الجودة الشاملة وتنفيذ عمليات التحسين المستمرة للارتقاء بمستوى الخدمات والأداء بما يتوافق مع توجيهات قياداتنا الملهمة .
مع تحياتي