زاد الاردن الاخباري -
يؤكد الأردنيون في العيد الحادي والخمسين لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يوافق غدا الأربعاء اعتزازهم وفخرهم بوطنهم وقائدهم، وبأن يبقى الأردن وطنا للحرية والأمن والاستقرار .
وحرص الأردنيون وهم يحتفلون بهذه المناسبة على بذل جهود وطنية مخلصة واستثنائية تليق بالعيد وبصاحبه، ليزهو الوطن بمنجزات إصلاحية مهمة تحققت باقتدار وأديرت بحكمة، وبقي الأردنيون وكما كانوا على الدوام لا تلين عزيمتهم ولا تكل مساعيهم ولا هم يحيدون عن مبادئهم وثوابتهم وعقيدتهم، وعبروا عن ذلك بمشاركتهم الكبيرة في الانتخابات النيابية الاخيرة .
وتمضي المملكة الأردنية الهاشمية في عهدها الرابع بقيادة الهاشميين، واثقة متوجة بالعز والفخار تؤكد وجودها كدولة عصرية ديمقراطية عصية على التراجع أو الانحناء أمام التحديات، دولة تكبر وتزهو بمنجزاتها وتاريخها وحضارتها ومستقبلها وبدورها المحوري والمهم في قضايا المنطقة التي ازدادت تعقيدا وخطورة .
ولد جلالة الملك عبدالله الثاني صبيحة يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شعبان سنة 1381 هجرية الموافق للثلاثين من كانون الثاني 1962 ميلادية .
وقال المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، في خطابه الذي وجهه إلى شعبه الأردني في الرابع من شباط 1962 "لقد كان من الباري جل وعلا، ومن فضله علي وهو الرحمن الرحيم أن وهبني عبدالله، قبل بضعة أيام، وإذا كانت عين الوالد في نفسي قد قرت بهبة الله وأعطية السماء فإن ما أستشعره من سعادة وما أحس به من هناء لا يرد، إلا أن عضوا جديدا قد ولد لأسرتي الأردنية، وابنا جديدا قد جاء لأمتي العربية" .
أمضى جلالة الملك عبدالله الثاني المرحلة الأولى من تعليمه في الكلية العلمية الإسلامية في عمان، وانتقل في المرحلة الإعدادية والثانوية، إلى مدرسة سانت ادموند في ساري بانجلترا ومن ثم إلى مدرسة إيجلبروك وبعدها إلى أكاديمية دير فيلد في الولايات المتحدة الأميركية.
نشأ جلالته عسكرياً محترفاً، فقد تدرج في المواقع العسكرية من رتبة ملازم أول، إذ خدم كقائد فصيل ومساعد قائد سرية في اللواء المدرع الأربعين، وفي عام 1985 التحق بدورة ضباط الدروع المتقدمة في فورت نوكس بولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأميركية، ليعود جلالته بعدها قائدا لسرية دبابات في اللواء المدرع 91 في القوات المسلحة الأردنية برتبة نقيب في العام 1986، كما خدم في جناح الطائرات العمودية المضادة للدبابات في سلاح الجو الملكي الأردني كطيار مقاتل على طائرات الكوبرا العمودية، وهو مظلي مؤهل في القفز الحر.
وكانت لجلالته عودة إلى الدراسة الأكاديمية العليا في العام 1987، حيث التحق بكلية الخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون في واشنطن، وأتم برنامج بحث ودراسة متقدمة في الشؤون الدولية ضمن برنامج (الماجستير في شؤون الخدمة الخارجية) المنظم تحت إطار مشروع الزمالة للقياديين في منتصف مرحلة الحياة المهنية.
وعاد جلالته ليستأنف خدمته العسكرية، إذ عمل كمساعد قائد سرية في كتيبة الدبابات الملكية 17 في الفترة بين كانون الثاني 1989 وتشرين الأول 1989 ومساعد قائد كتيبة في الكتيبة ذاتها من تشرين الأول 1989 وحتى كانون الثاني 1991 ، وبعدها تم ترفيع جلالته إلى رتبة رائد، وخدم كممثل لسلاح الدروع في مكتب المفتش العام في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية.
قاد جلالة الملك عبدالله الثاني كتيبة المدرعات الملكية الثانية في عام 1992 وفي عام 1993 أصبح برتبة عقيد في قيادة اللواء المدرع الأربعين، ومن ثم أصبح مساعداً لقائد القوات الخاصة الملكية الأردنية، ثم قائداً لها عام 1994 برتبة عميد ، وأعاد تنظيم القوات الخاصة في عام 1996 لتتشكل من وحدات مختارة لتكون قيادة العمليات الخاصة، ورقي جلالته إلى رتبة لواء عام 1998.
وفضلاً عن خدمته العسكرية المتميزة والتي تولى خلالها مواقع قيادية عدة، تولى جلالته مهام نائب الملك عدة مرات أثناء غياب جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه عن الأردن، وكانت الإرادة الملكية السامية صدرت في 24 كانون الثاني عام 1999 بتعيين جلالته ولياً للعهد، علما بأنه تولى ولاية العهد بموجب إرادة ملكية سامية صدرت وفقا للمادة 28 من الدستور في يوم ولادة جلالته في 30 كانون الثاني عام 1962 ولغاية الأول من نيسان 1965.
واقترن جلالة الملك عبدالله الثاني بجلالة الملكة رانيا في العاشر من حزيران 1993، ورزق جلالتاهما بنجلين هما سمو الأمير الحسين، الذي صدرت الإرادة الملكية السامية باختياره وليا للعهد في 2 تموز 2009، وسمو الأمير هاشم، كما رزق جلالتاهما بابنتين هما سمو الأميرة إيمان وسمو الأميرة سلمى.
وباقتدار ونهج إصلاحي استطاع جلالته ومنذ أن تولى سلطاته الدستورية في السابع من شباط عام 1999 أن يرسم ومعه الأردنيون جميعا حاضرا مفعما بالعمل الجاد والدؤوب من اجل مستقبل متميز .
لقد أرسى جلالته رؤية واضحة للإصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن فجاءت أوراق النقاش التي خطها جلالته وحملت فكرا سياسيا متقدما ومنبثقا من استنارة مستقبلية ورؤية إستراتيجية مدروسة لتحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديمقراطي وبناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البنّاء حول عملية الإصلاح.
فجلالته قال في أولى تلك الأوراق النقاشية التي حملت عنوان "مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة "إنني أؤمن بأن رؤية المواطنين للعملية السياسية، سواء أكانوا يمثلون حزباً سياسياً أو فئة اجتماعية محددة، تقوم على اعتبارها فرصة للتنافس العادل والشريف من أجل الوصول إلى أفضل الأفكار والحلول".
وخلال العامين الماضيين وبسبب ظروف المنطقة وتحولات الربيع العربي التي أنتجت واقعا عربيا جديدا، وقف الأردن صامدا وواثقا واستطاع جلالته بحكمته ومعه الأردنيون جميعا استيعاب المستجدات في صورة مشرفة ونقية .
فقد وجد الأردن نفسه أمام تحديات جديدة تمثلت باندفاع موجات من اللاجئين السوريين إلى أراضيه وانقطاع في امدادات الغاز المصري التي كانت مصدرا مهما لتوليد الطاقة، إضافة إلى أزمة اقتصادية عالمية أثرت على الاقتصاد الوطني، ومطالبات شعبية بتسريع عملية الإصلاح الشامل في المملكة، وجلالته يرى في الربيع العربي فرصة كي يمضي الأردن قدما في جهود الإصلاح وتحقيق التنمية في مختلف القطاعات .
وفي مقابلة مع محررة الشؤون الدولية في مجلة لونوفيل اوبزرفاتور الفرنسية الشهر الجاري، قال جلالته: الأردن تقبل الربيع العربي وتبناه منذ بدايته، حيث شهد عملية إصلاح سياسي غير مسبوقة وتعديلات واسعة النطاق شملت ثلث الدستور، وإنشاء مؤسسات ديمقراطية جديدة مثل الهيئة المستقلة للانتخاب والمحكمة الدستورية، وآليات رقابة أقوى، وتعزيز الفصل بين السلطات، وضمان استقلال القضاء، وعدم تغول سلطة على أخرى".
وفي عهد جلالته ازداد النسيج الاجتماعي منعة وقوة، ووقف الأردنيون جميعا في وجه التحديات ومحاولات بث الفرقة والتطرف والنيل من مقدرات الوطن، فكان أبناء الشعب الأردني الواحد وهم يخرجون للتعبير السلمي عن آرائهم وتطلعاتهم مثالا في الحرص على امن وطنهم واستقراره وازدهاره، وشكلوا على مدار أكثر من عامين جرت فيهما آلاف المسيرات صورة حضارية عز نظيرها في المنطقة .
وجلالته يؤكد أن ما يميزنا نحن الأردنيين أن لدينا تاريخا وإرثا قائما على أسس راسخة من التسامح والاحترام المتبادل، وبالرغم من أننا قد نختلف في توجهاتنا السياسية، إلا أننا نتشارك في نفس القيم، فنحن شعب واحد يجمعنا مصير واحد في هذا الحمى العربي الهاشمي.