" العرس " أصبح في عرف البعض ليس مجرد شعور بالفرحة بل يتعدى ذلك للتعبير للغير " أننا هنا " فإذا كان جارنا قد نصب " صواووين " العرس بشكل ملفت وذو محضر ومنظر وأحضر من أحضر من فرق موسيقية ومطربين وأوسع سرفا ورقصا ولحما فيه فأنا الآخر " سأفت فتا " ليكون عرسنا أكبر وأكثر منه محضرا ومنظرا وطربا ولحما لتصل في النهاية لنتيجة شبه مؤكدة بأن العرس وأصحابه لا يهمهم سوى التعبير عن المكانة والقيمة والوجاهة بين الناس وتحت شعار " اللي معاه قرش بسوا قرش " ، وهنالك أيضا من الأعراس ما فيه " العرط " المسلح في جميع أنواع الأسلحة التي يتم التباهي فيها " بالطخ " والرمي و"الصلي " ليعرف من هم في أطراف المدينة إن لحمنا مرا ويا " ويله اللي يعادينا " وهكذا يصبح عرسنا عرضا تمثيليا فيه أكثر من رسالة وقطعا تتجاوز مسألة - " النقوطات " والزغاريد" وعلى الجميع أن يدرك معانيها ...!!!!
بالأمس القريب انتهى ما أصطلح تسميته عندنا بالعرس الديمقراطي وهنا لفت نظري أكثر من حالة لا تختلف كثيرا عما يشوب أعراسنا للأسف من " فت " و "سلخ " و " عرط " مسلح فمن كان يملك المال كان أكثر انتشارا في كل مناطق المملكة وبكل وسائل الإعلان والترويج واكتنفت المظاهر في جميع أشكالها الأدوات المستخدمة في الانتخاب بدءا من " البهرجة " و" الفخفخة " في مقرات الترشيح والوجبات والحلويات المستخدمة في ضيافة المؤازرين والمؤيدين والمرتادين لها وكأنها رسالة على الفقراء والمعوزين أن يفهموها " صوتك " الأبيض ليومك " الأسود " ، وسعادته " إن شاء الله " إن أصبح نائبا سيكون من " السدادين " ، وما إن أعلنت النتائج حتى بدأ "العرط" المسلح في كل أشكال وأنواع السلاح للتعبير عن الفرحة مصحوبا في عرض ل " قطارات " ومواكب من السيارات والحافلات في كل أنحاء المدن تسير بجنون وهستيريا الفرح دونما أي شعور بالإحترام لخصوصية المكان والزمان لتكون الرسالة أيضا وصلت فالعائلة أو العشيرة كسبت المعركة الانتخابية وعادت لها مقاعد " الشيخة " والوجاهة والمكانة لتنسى أو تتناسى في غمرة الفرحة ما ذكره أبنهم ومرشحهم في بيانه الإنتخابي الذي لم يجف حبره بعد عن الديمقراطية واحترام الأقلية والإلتزام بالأنظمة والتعليمات المرعية وملاحقة المخالفين والمتجاوزين لها ...!!!!!
للأسف ما زال عرسنا الديمقراطي ...مجرد " عرطا " ديمقراطيا مسلحا ويتحمل مسؤولية تبعاته الحالية والمستقبلية الدولة والمجتمع بكل مكوناته فقانون الانتخاب الحالي بحاجة ماسة للتعديل ليسمو التوافق الوطني في روحه وممارساته على أرض الواقع وليصنع تمثيلا مجتمعيا حقيقيا يخرج بنا من حلقة العصبة إلى حلقة أوسع فيها الكل المكمل للمسار الديمقراطي الحقيقي أما المجتمع باختصار فعلى كل الأجهزة التربوية والإعلامية الرسمية وغير الرسمية والأسرة أن تنبري لتعليم وتعزيز مقولة سيد الخلق في النفس والسلوك " أن أكرمكم عند الله أتقاكم " .....وليس أكثرنا مالا أو أتقننا " عرطا" وليكون مجتمعنا بكل مكوناته ومخرجاته متحضرا وذو محضر ومنظر قولا وفعلا ......!!!!!!!