إستعدادا للسهرة المرتقبة مع الصحبة في المقهى المعتاد ...إستحم وتنظف ولإضافة لمعة سحرية على شعره الأسود وضع مزيدا من " الجل " ، لبس البدلة الرسمية بعد أن تعب وهو يمزج بين لون والقميص ولون " ربطة " العنق ، لم ينسى أن يكون حذائه هو الآخر لامعا نظيفا ...إنتهت الإستعدادات باناقة كاملة فيها عطر زكي جميل ينتشر في أرجاء المكان ...في كل منطقة يمشي فيها تتساقط وتتركز الأنظار عليه ...فقد جذبهم بشعره اللامع الجميل ...أناقته ..بدلته ..هندامه المتناسق والمتمازج الألوان ..لوحة فنية رائعة وكانها حديقة مشرقة بانوار ورودها وازهارها وأشجارها ...وعطر له رحيق كالأزهار يجعل كل من يمشي بجانبه يتمنى أن يصافحه ويقبله علها تنساب على الجسد وتبقى رائحة طيبة للأبد ....وحتى لا انسى كثير ممن رأووه كانوا يقولون في سرهم ذرا للحسد " الله يواقي عليك ويحرسك يا الشب " فهو أنيق ورشيق من أعلى رأسه حتى مخمص قدميه ....!!!!!
وفي مشهد آخر إستعد ل " شمة الهوا " المرتقبة مع نفس الصحبة على شاطئ المرجان الجميل ، تهيأ وجمع لها لبسا واكلا وشربا ، وصلوا الشاطئ لتبدا حفلة الشواء ، وما أن أصبح اللحم جاهزا تنادوا لتناول الطعام ، أنقضوا جميعا عليه ، كل قطعة تؤكل تخرج عظما ممسوحا وتقذف في النهاية بشكل عشوائي في جنبات المكان ، -حمدوا الله - كثيرا ولم ينسوا أن يشكروه ، ولتكتمل عملية الهضم من الأكل الكثير الذي تناولوه تناولوا المشروبات الغازية على عجل ليتفرغوا للسباحة لترمى هي الأخرى بشكل عشوائي في جنبات المكان فارغة يلعب فيها الريح ، إستمتعوا أكلا وشربا ولعبا وأنتهت الرحلة ولكن هنالك ضحايا واكوام كثيرة من بقايا الأطعمة والمشروبات والمكسرات وفحم الشواء تراكمت وانتشرت في المكان وعلى العكس من شعره الجذاب اللامع أصبح المكان بفعل " الأنيق " ومن معه مكان بشع لاسع يلسع كل من أقترب منه بحشرة من تلك الحشرات الثقيلة والكريهة التي تجمعت عليه ورائحة نتنة تسبب فيها " أبو ريحة طيبة " ومن معه فاحت بنتانتها في جنبات المكان بل ان كل من يمر عليها بات عليه أن يزكم أنفه ضاغطا عليه بكلتا يديه متمنيا ان لا تعلق رائحة المكان في جسده لقد هرب الجميع ممن أتى من بعده إلى المكان ولسان حالهم يدعي ويقول " الله يواقي عليك يا بيئتنا ويحرسك " من كل شخص غير مسؤول ....حقا الاناقة ليست منظرا فقط بل هي محضرا للوعي والسلوك وإذا كانت مجرد منظر ...فسامحوني ان قلت " إنها حماقة " فمن العار ان ينطبق علينا المثل " من برا رخام ومن جوا سخام " ....بيئتنا إنعكاس لوعينا وحضارتنا فلا تلوثوها وتستنزفوها بإهمالكم ...لتبقى لنا جميعا .