إن المتابع للمشهد السياسي لجلسة الاربعاء المشؤوم لاعضاء مجلس النواب يصاب بالصدمة والذهول ، لما انطوى على سلوكيات نواب المجلس السابع عشر من تصرفات توحي بمقدار الغوغائية والتخبط وعدم القدرة على ضبط الاعصاب لمن يعتبرون انفسهم ممثلي الشعب ، والذين لا بد ان يكونوا اكثر حكمة ومهنية تحت اروقة مجلس الشعب .
وما يزيد الاستغراب بان الآلية في التعامل مع هذا الموقف وما رافق جسامة اخطاء بعض هؤلاء النواب ، الا ان تصرفاتهم ذكرتني بسلوكيات الطلبة بالمدارس الابتدائية ، فترى من يقفز فوق الكراسي والطاولات ومن يصيح ويعربد والاخر يهدد ويتوعد وبين كر وفر كاد ان ينجم الى حادثة لا يحمد عقباها مسقبلا .
ولهذا فان هذه السلوكيات لم تاتي من فراغ وانما تعتبر عن مكنون الشخصيات التي مارستها ، وعدم معرفتهم بخطورة هذه التصرفات والا لما قاموا بمثل هذه الافعال التي اعطت انطباعاً ، بان هذا المجلس لا يبشر خيراً في المواسم والجلسات القادمة .
ومن هنا لا يجوز ان تمر هذه الحادثة دون ترسيخ مفاهيم جديدة لاخلاقيات العمل النيابي ، يتم توثيقها من خلال النظام الداخلي للمجلس والذي اصبح بحاجة الى تطوير ، بما ينسجم مع تحقيق الغاية من وجود هذا النظام الداخلي ليساعد في ضبط سلوكيات النواب تحت اروقة هذا المجلس دون الاضرار بمصالح السلطات الاخرى او التغول عليها.
وان أخلاقيات العمل النيابي تنصب على وجود"وثيقة تحدد المعايير الأخلاقية والسلوكية المهنية المطلوب أن يتبعها أفراد هذا المجلس ،وتعرف بأنها بيان المعايير المثالية لمهنة النيابة وتتبناه جماعة مهنية أو مؤسسة لتوجيه أعضائها لتحمل مسؤولياتهم المهنية." وتحكم هذه الاخلاقيات و الآداب العامة وتحددها القوانين واللوائح الخاصة بها ، ويتم ذلك من خلال ميثاق أخلاقي لهذه المهنة ويضم القواعد المرشدة لممارسة مهنة النيابة .
ويجب أن تتميز بنود الميثاق الأخلاقي التي توضح جميع الالتزامات المهنية أمام زملاء المهنة الواحدة، المهنة نفسها، المؤسسات التابعين لها ، المستفيدين منها،الدولة ، المجتمع بكونها: مختصرة ، سهلة واضحة ، معقولة ومقبولة عملياً ، شاملة و ايجابية .
وتختلف المسؤولية الأخلاقية والقانونية باختلاف أبعادهما ، فالمسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات تكون أمام شخص أو قانون، أما المسؤولية الأخلاقية فهي أوسع وأشمل من دائرة القانون لأنها تتعلق بعلاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبغيره .
ولذا نتمنى ان نرى ميثاق العمل الاخلاقي للعمل النيابي ، بما يساهم في تطوير وتحسين اداء النواب بشكل يبعد اطلاق الاحكام جزافاً على الاخرين ، ودون الاساءة الى صورة ودور المجلس التشريعي والرقابي الذي أسس المجلس من اجله.