في الأوضاع الدستورية الراهنة، أرى أنه لا يوجدُ مخرجٌ دستوري لما قد يُفكّر فيه البعضُ من إمكانية توزير بعض أعضاء مجلس النوّاب، فالمسألة تتصادمُ مع أبجديات الدستور الأردني القائم أساساً على فكرة الفصل بين السُلطات، ورغم أن مرونة هذه المبدأ هي القاعدة، لكن هذه المرونة لا تسمحُ بأي حالٍ من الأحوال باندماج هذه السُلطات مع بعضها البعض اندماجاً سيؤدي إلى خلق تحدياتٍ دستوريةٍ لا مخرج لها، فضلاً عن التأثير على وظائف هذه السُلطات تأثيراً ساحقاُ.
وعليه فتوزير النوّاب خطأ دستوري يجب ألا يقع به أحد؛
فعلى الجانب الإجرائي، ثمة تحديات دستورية تمنع توزير النوّاب؛ فهل سيبقى النائبُ الوزير نائباً؟ أم هل سيكون مقعده في مجلس النوّاب شاغراً؟ وهل ستُجرى انتخاباتٌ تكميليةٌ لملئ المقعد الشاغر؟ أو سُيتركُ شاغراً؟ وإذا كان النائب الوزير سيبقى نائباً؟ وجرى تصويتٌ في مجلس النوّاب، فما هو الحلُ بالنسبة لصوته؟ وخاصة في مسألة التصويت على الثقة بالحكومة؟ وكيف سيتم أصلاً احتساب نصاب الجلسات في مجلس النوّاب بحضوره وزيراً مع الحكومة مثلاً؟ وغيرها من التعقيدات الدستورية والقانونية!!
وفي الجانب الموضوعي يبدو أن المسألة تطرح تحدياتٍ جدية تخرق بشكلٍ مباشر مبدأ الفصل بين السُلطات في الدولة؛ فوظائف النائب بحسب الأصل هي التشريع والرقابة على الحكومة، وثمة فصلٌ مفترضٌ بين السُلطات سيتحول - في حالة توزير النوّاب - إلى وصلٍ بين سلطة التشريع والتنفيذ، بل واندماج بينهما. وسيتم - بحكم الأمر الواقع- إلغاء وظيفة الرقابة. فلا يعقل أن يطرح النائب - باعتباره نائباً- سؤالاً على نفسه - باعتباره وزيراً-، ولن يستجوب – من باب أولى- نفسه أو يطرح الثقة فيها إن هو أخطأ كما لن يكون مشاركاً في طرح الثقة بحكومة هو أحدُ أعضائها!
المسألةُ برمتها تبدو أكثر من مجرد خطأٍ دستوري، وفي الأوضاع الدستورية الراهنة، هي أقرب إلى الخطيئة التي يجبُ تفاديها حمايةً لما تبقى من فكرة الدولة، وضرورةً لإبقاء رمق الحياة في نظامنا الدستوري والبرلماني.