العنف الجامعي وازمة الاخلاق والقيم
د.بلال السكارنه العبادي
تشكل ظاهرة العنف الجامعي والتي ما تنفك للتلاشى بين الفينة والاخرى ، حتى تظهر من جديد لتدق ناقوس الخطر في مضارها والتبعيات المتعلقة بها ،خاصة في امتدادها وانتشار العنف الاجتماعي تبعاً لذلك ، وما يتبع من اطلاق للعيارات النارية وتحريق وتكسير وحتى القتل والطعن وكل مظاهر الحقد الاجتماعي المخزن في ادمغة الطلبة الباعث على الحيرة والاستغراب والاستهجان ، وما ان تنطلق شرارة بسيطة لاحتمالية وقوع حالة من الخلاف ما بين عدد من الطلبة وعلى اسباب تافه وغير مبرره لتنطلق بعد ذلك مواكب الدعم والمؤازة والمناصرة لابناء العشيرة الواحدة في دفع العار الذي وقع عليهم من هذا الخلاف وتظهر بعدها حالة من الهستيريا والضرب والطعن والايذاء والشتم والتحقير لتمتد للاهل من اجل النصرة والمعونة ، والذي يساهم بدوره الى حدوث النزاع والصراع الاجتماعي والتشرذم والفتن ما بين افراد العائلة والاسرة والعشيرة الواحدة وبين العشائر .
إن حادثة جامعة مؤته وما سبقها في نفس الاسبوع في كثير من الجامعات الاردنية من اعمال عنف وشغب وما نتج عنها وفاة الطالب اسامه الدهيسات رحمه الله ، وغيره من عشرات الاصابات لتشكل ازمة في الاخلاق والقيم ، وذلك يتطلب الذهاب بعيداً نحو سياسات واستراتيجيات تحول دون تأزيم الحالة والوصول الى المجهول في اقتصادنا التعليمي وثروتنا الوحيدة بالاستثمار بالعنصر البشري .
ولذا فان الجامعات تسعى الى التقليل من مخاطر العنف الجامعي التي اثبتت اخر الدراسات ان التعصب القبلي يشكل واحداً من العناصر الرئيسية في حدوثه، وذلك في كافة الجوانب المتعلقة بالعملية التدريسية وعدم وجود لاي شكل من اشكاله السلبية سواء في توظيف الكوادر البشرية لديها من اعضاء هيئة تدريس او الاداريين او في السلوكيات المتعلقة بالتعامل مع الطلبة ولذلك للدور البارز والمهم لهذه الجامعات في بناء اجيال واعية ومثقفة من الطلبة تكون هي اللبنة الاساسية في ادارة شؤون الدولة مستقبلاً وفي كافة القطاعات العامة والخاصة .
وما تقوم به الجامعات من ادوار وانشطة ثقافية وعلمية وتعليمية من اجل تنمية ثقافة الحوار والتسامح وبناء قاعدة سليمة من التواصل الايجابي من بين الطلبة لتساعد على تعزيز لغة الحوار وتنمية ثقافة الاحترام ونبذ كافة اشكال العنف الجامعي التي تتشكل من خلال التعصب القبلي .
ومن هنا فان الجامعات تستخدم كافة الوسائل والادوات التي تساعدها للتقليل من مظاهر التعصب القبلي داخل اروقة الحرم الجامعي والتي تبرز من خلال عقد اللقاءات وتوجية الطلبة من قبل اعضاء هيئة التدريسية ، وكذلك عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل واقامة الاحتفالات والمهرجانات المتعلقة بالاعياد الوطنية وغيرها من الانشطة اللامنهجية التي تساعد في تاطير وتنمية العلاقة الايجابية ما بين الطلبة والنشاطات اللامنهجية ويبرز ذلك من خلال كافة الأنشطة الاجتماعية واللقاءات التي تتم داخل حرم الجامعات سواء كانت تتعلق بالمعارض الخيرية والأنشطة الرياضية التي تتم ما بين الكليات في داخل الجامعة أو ما بين الجامعات نفسها وكذلك المعارض التي تتعلق بابراز الوقائع التاريخية ذات الاثر في تكوين وبناء الاردن .
بالإضافة إلى ان الجامعات تقوم بعمل الرحلات الترفيهية الجماعية وتشكيل اتحادات للطلبة لإتاحة المجال لدى الطلبة في انتخاب أعضاء من زملائهم في المجالس الطلابية للتعبير عن آرائهم وقضاياهم وهمومهم ، وكذلك قيام الجامعات بالتعاون مع المؤسسات الوطنية التي تقوم بتقديم خدمات التوظيف والتدريب للطلبة أثناء الدراسة او بعدها مثل صندوق الملك عبد الله للتميز ومؤسسة انجاز ووزارة التخطيط وغيرها ،لاعطاء الفرصة لتنمية قدرات الطلبة والذي يساعد بدوره الى الحد من العنف الجامعي وعمل نوع من الانسجام ما بين الطلبة و ايجاد الالفة والتعاون والثقة لتعزيز ودعم رسالة الجامعات وبالتالي نبذ كل اشكال العنف الجامعي .
والسؤال الذي يطرح اذا كانت جامعاتنا تقوم باستخدام كافة الوسائل المساعدة على التخفيف من ظاهرة العنف الجامعي ، فان على الهيئات التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الاجتماعية والدينية والسياسية والاجهزة الحكومية ان تساعد في تقليل كل من شانه ان يزيد العنف داخل الجامعات حفاظاً على سمعة التعليم العالي كونه مورد اساسي للاقتصاد الوطني.
bsakarneh@yahoo.com