صفة الامام العادل
ﻛﺘﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﳌﺎ ﻭﱄ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡﺍﻟﻌﺎﺩﻝ، ﻓﻜتب ﺇﻟﻴﻪﺍﳊﺴﻦ ﺭﲪﻪﺍﷲ:
ﺍﻋﻠﻢ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ، ﺃﻥ ﺍﷲ ﺟﻌﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻗﻮﺍﻡ ﻛﻞ ﻣﺎﺋﻞ،ﻭﻗﺼﺪﻛﻞ ﺟﺎﺋﺮ،ﻭﺻﻼﺡ ﻛﻞ ﻓﺎﺳﺪ،ﻭﻗﻮﺓ ﻛﻞ ﺿﻌﻴﻒ،ﻭﻧﺼﻔﺔ ﻛﻞ ﻣﻈﻠﻮﻡ،ﻭﻣﻔﺰﻉ ﻛﻞ ﻣﻠﻬﻮﻑ.
ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻛﺎﻟﺮﺍﻋﻲ ﺍﻟﺸﻔﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﻠﻪ، ﺍﻟﺮﻓﻴﻖ بها، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﺎﺩ ﺃطيب ﺍﳌﺮﺍﻋﻲ،ﻭيذودها ﻋﻦ ﻣﺮﺍﺗﻊ ﺍﳍﻠﻜﺔ،ﻭﳛﻤﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺒﺎﻉ،ﻭﻳﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺫﻯﺍﳊﺮ ﻭﺍﻟﻘﺮ. ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻝ : ﻛﺎﻷﺏﺍﳊﺎنيﻋﻠﻰ ﻭﻟﺪﻩ، ﻳﺴﻌﻰ ﳍﻢ ﺻﻐﺎﺭﺍً،ﻭﻳﻌﻠﻤﻬﻢ ﻛﺒﺎﺭﺍً؛ ﻳﻜﺘسب ﳍﻢﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ،ﻭيدﺧﺮﳍﻢ ﺑﻌﺪ ﳑﺎﺗﻪ. ﻭﺍﻹﻣﺎﻡﺍﻟﻌﺪﻝ ﻛﺎﻷﻡﺍ ﻟﺸﻔﻴﻘﺔ ﺍﻟﱪﺓ ﺍﻟﺮﻓﻴﻘﺔ ﺑﻮﻟﺪﻫﺎ، ﲪﻠﺘﻪ ﻛﺮﻫﺎ،ﻭﻭﺿﻌﺘﻪ ﻛﺮﻫﺎ،ﻭﺭﺑﺘﻪ طفلاً , ﺗﺴﻬﺮ ﺑﺴﻬﺮﻩ، ﻭﺗﺴﻜﻦ ﺑﺴﻜﻮﻧﻪ، ﺗﺮﺿﻌﻪ ﺗﺎﺭﺓ ﻭتفطمه ﺃﺧﺮﻯ،ﻭﺗﻔﺮﺡ ﺑﻌﺎﻓﻴﺘﻪ،ﻭﺗﻐﺘﻢ ﺑﺸﻜﺎﻳﺘﻪ. ﻭﺍﻹﻣﺎﻡﺍلعادﻝ : ﻭﺻﻲ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ،ﻭﺧﺎﺯﻥ ﺍﳌﺴﺎﻛﲔ، يربي ﺻﻐﲑﻫﻢ، ﻭﳝﻮﻥ ﻛﺒﲑﻫﻢ.
ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻝ :ﻛﺎﻟﻘﻠﺐ ﺑﲔ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ، ﺗﺼﻠﺢ ﺍﳉﻮﺍﺭﺡ ﺑﺼﻼﺣﻪ،ﻭﺗﻔﺴﺪ ﺑﻔﺴﺎﺩﻩ.
ﻭﺍﻹﻣﺎﻡﺍﻟﻌﺪﻝ : ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﲔ ﺍﷲ ﻭﺑﲔ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻳﺴﻤﻊ ﻛﻼﻡﺍﷲ ﻭﻳﺴﻤﻌﻬﻢ،ﻭﻳﻨﻈﺮﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﻳﺮﻳﻬﻢ،ﻭﻳﻨﻘﺎﺩﺇﱃ ﺍﷲ ﻭﻳﻘﻮﺩﻫﻢ. ﻓﻼ ﺗﻜﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻠﻜﻚ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻛﻌﺒﺪ ﺍﺋﺘﻤﻨﻪ ﺳﻴﺪﻩ، ﻭﺍﺳﺘﺤﻔﻈﻪ ﻣﺎﻟﻪﻭﻋﻴﺎﻟﻪ، ﻓﺒﺪﺩ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﺷﺮﺩ ﺍﻟﻌﻴﺎﻝ، ﻓﺄﻓﻘﺮﺃﻫﻠﻪ ﻭﻓﺮﻕ ﻣﺎﻟﻪ.
ﻭﺍﻋﻠﻢ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﻟﻴﺰﺟﺮ بها ﻋﻦ الخبائث والفواحش، ﻓﻜﻴﻒ ﺇﺫﺍ ﺃﺗﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻳﻠﻴﻬﺎ! ﻭﺃﻥ ﺍﷲ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺣﻴﺎﺓ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ، ﻓﻜﻴﻒ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻠﻬﻢ ﻣﻦ يقتص ﳍﻢ! ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻳﺎﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ،ﻭﻗﻠﺔ ﺃﺷﻴﺎﻋﻚ عنده ،ﻭﺃﻧﺼﺎﺭﻙ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺘﺰﻭﺩ ﻟﻪ ﻭﳌﺎ بعده ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺰﻉ ﺍﻷﻛﱪ.
ﻭﺍﻋﻠﻢ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺃﻥ ﻟﻚ ﻣﻨﺰﻻﹰ ﻏﲑ ﻣﻨﺰﻟﻚ الذي انت ﻓﻴﻪ، ﻳﻄﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﺛﻮﺍﺅﻙ، ﻭﻳﻔﺎﺭﻗﻚ ﺃﺣﺒﺎﺅﻙ، ﻳﺴﻠﻤﻮﻧﻚ في ﻗﻌﺮﻩ ﻓﺮﻳﺪﺍﹰ ﻭﺣﻴﺪﺍﹰ. ﻓﺘﺰﻭﺩ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺼﺤﺒﻚ يوم يفر المرء ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ. ﻭﺃﻣﻪ ﻭﺃﺑﻴﻪ ﻭﺻﺎﺣﺒﺘﻪ ﻭﺑﻨﻴﻪ ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ \" ﺇﺫﺍ ﺑﻌﺜﺮ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ. ﻭﺣﺼﻞ ﻣﺎﰲ ﺍﻟﺼدورﺭ \" ، ﻓﺎﻷﺳﺮﺍﺭ ﻇﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻻﻳﻐﺎﺩﺭ ﺻﻐﲑﺓ ﻭﻻ ﻛﺒﲑﺓ ﺇﻻ ﺃﺣﺼﺎﻫﺎ. ﻓﺎﻵﻥ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﻭﺃﻧﺖ ﻣﻬﻞ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻝ ﺍﻷﺟﻞ،ﻭﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻷﻣﻞ. ﻻﲢﻜﻢ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﰲ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﲝﻜﻢ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ، ﻭﻻ ﺗﺴﻠﻚ بهم ﺳﺒﻴﻞ الظالمين، ﻭﻻ ﺗﺴﻠﻂ المستكبرين ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ؛ ﻓﺈنهم ﻻ ﻳﺮﻗﺒﻮﻥ ﰲ ﻣﺆﻣﻦ ﺇﻻ ﻭﻻ ﺫﻣﺔ، ﻓﺘبوء ﺑﺄﻭﺯﺍﺭﻙ ﻣﻊ ﺃﻭﺯﺍﺭﻙ،ﻭﲢﻤﻞ ﺃﺛﻘﺎﻟﻚ ﻣﻊ ﺃﺛﻘﺎﻟهم.
ﻭﻻ ﻳﻐﺮﻧﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻨﻌﻤﻮﻥ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ ﺑﺆﺳﻚ،ﻭﻳﺄﻛﻠﻮﻥ ﺍﻟﻄﻴﺒﺎﺕ ﰲ ﺩﻧﻴﺎﻫﻢ ﺑﺈﺫﻫﺎﺏ ﻃﻴﺒﺎﺗﻚ ﰲ ﺁﺧﺮﺗﻚ. ﻭ ﻻﺗﻨﻈﺮﺇﱃ ﻗﺪﺭﺗﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻧﻈﺮﺇً ﻗﺪﺭﺗﻚ ﻏﺪﺍًﻭﺃﻧﺖ ﻣﺄﺳﻮﺭ ﰲ ﺣﺒﺎﺋﻞ ﺍﳌﻮﺕ،ﻭﻣﻮﻗﻮﻑ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﷲ ﰲ ﳎﻤﻊ ﻣﻦ ﺍﳌﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﻨﺒﻴﲔ ﻭﺍﳌﺮﺳﻠﲔ،ﻭﻗﺪ ﻋﻨﺖﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻟﻠﺤﻲ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ. ﺇني ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ،ﻭﺇﻥ ﱂﺃﺑﻠﻎ ﺑﻌﻈﱵ ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻪ ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻲ، ﻓﻠﻢ ﺁﻟﻚ ﺷﻔﻘﺔ ﻭﻧﺼﺤﺎً، ﻓﺄﻧﺰﻝ ﻛﺘﺎبي ﺇﻟﻴﻚ ﻛﻤﺪﺍﻭﻱ ﺣﺒﻴﺒﻪ ﻳﺴﻘﻴﻪﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻬﺔ ﳌﺎ ﻳﺮﺟﻮﻟﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ.
د.سامح ابوشنب