الإنتحار !!!
تناقلت وسائل الاعلام المحلية والاجنبية نبأ تواجد للقوات الامريكية في الاردن بهدف تدريب عناصر من الجيش الحر وقوات اردنية للدخول الى الاراضي السورية لتشكيل منطقة عازلة , بالإضافة الى السيطرة على الاسلحة الكيماوية الموجودة في سوريا, علما أن القوات الامريكية هي نواة لعشرين الف عسكري سيصلون الى الاردن لإنجاز المهمة حسب المصادر الاعلامية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو :ماهي مصلحة امريكا واسرائيل للدخول الى سوريا لمحاربة قوات النظام واسقاط بشار الاسد وانهاء الصراع مادام هناك من يقوم بهذه المهمة نيابة عن اسرائيل؟ لقد كفّى ووفّى الجيش السوري الحر في انجاز هذه المهمة وعلى الطريقة التي كانت تحلم بها اسرائيل, فها هي القوة العسكرية السورية الكبيرة تُدمر بالكامل , طائرات تتساقط ودبابات تتفجر وجنود تقتل , وشعب يذبح وبيوت تدمر أي أن سوريا كلها –تحت النار- تحترق, وهذا ماكانت تصبوا اليه اسرائيل قد تحقق ودون ان تخسر شيئاً. أن مصلحة الغرب واسرائيل على وجه الخصوص وبدعم خليجي عربي في اطالة مأساة الشعب السوري واطالة الحرب, ففيها فوائد كبيرة لاسرائيل وامريكا, من استنزاف وتدمير لسوريا واستنزاف لحزب الله وايران الداعم القوي للنظام السوري وهو مايحقق المصالح الغربية واسرائيل دون جرح عسكري اسرائيلي واحد, وانه من المؤكد أن اطراف غربية واسرائيل تدعم الجهتيين النظام والمعارضة المسلحة من أجل اطالة الحرب لإنهاء سوريا تماماً وباسم الاسلام وبأيادي اسلامية, وهذا يذكرنا بما قامت به وكالة المخابرات المركزية الامريكية في ثمانينات القرن الماضي وبفتاوى من شيوخنا وعلماء الدين الاسلامي لتجنيد عشرت آلآف الشباب المسلم باسم الدفاع عن افغانستان ضد الغزو السوفيتي, وبعد أن قضوا مهمتهم قامت امريكا وحاصرتهم بافغانستان وقتلتهم وسجنت من بقي منهم حياً بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2011 , افلا نتعلم من دروس الماضي؟
والسؤال المشروع الذي يتبادر الى ذهن الاردنيين هو : ماهي مصلحة الاردن في الدخول في المعمعة السورية؟, هل رجالات الدولة الاردنية واصحاب القرار يريدوا ان يدمروا البلاد ويهلكوا العباد كحرب بالوكالة عن الاخرين؟
إن الحرب الدائرة في سوريا لا ناقة فيها للاردن ولا جمل , ومن اراد ان يحمي الشعب السوري فعليه ان يُدخل قواته الى سوريا عبر حدود غيرحدود الاردن, لقد احتلت امريكا العراق لعقد من الزمن, وبينها وبين الحكومة العراقية اتفاقيات امنية, فليحاربوا هم ومن اراد من اتباعهم من العرب من الجانب العراقي, اما ان يدخل الاردن في الصراع الدائر في سوريا ليُقتل أبناءُنا و تدمر مدننا فهذا مرفوض شعبياً رفضاً كلياً لان المستفيد الوحيد لما يجري في سوريا هو الكيان الصهيوني والفوضى من مصلحة هذا الكيان.
إن معركة الاردن ليس في سوريا ولا في العراق ولا حتى مع اسرائيل آنياً, إن معركتنا مع منظومة الفساد التي دمرت البلاد وارهقت العباد وسلبت مقدرات الوطن, وتحصنت بقوانيين مؤقته تحميها, معركتنا مع من باع ارض الوطن ومؤسسات الوطن يثمن بخس, معركتنا مع الذين تربعوا على مفاصل الدولة,معركتنا مع إعادة بناء اقتصاد الوطن , معركتنا مع مؤسسات النقد الدولية التي ارهقت كاهل المواطن, معركتنا مع اعادة التوازن للموازنة العامة, وتقليص العجز.
باختصار معركتنا في إعادة الثقة المفقودة بين المواطن والمسؤول من خلال بناء منظومة من التشريعات الاصلاحية وتطبيقها للوصول الى العدالة والحرية والمساواة وتعميق مفهوم القيم والاخلاق للوصول الى دولة المؤسسات. أما سوريا فلديها من الرجال والسلاح ما يغنيها عن تدخلنا لإن دخولنا الى سوريا انتحار للدولة الاردنية !!!!!!!!
د. سامح ابوشنب