تابعنا مكرهين ما دار في جلسات الثقة من خطابات نارية ونفاقية على مدار اكثر من اسبوع ، لعل وعسى نرى مجلس نواب السابع عشر بصورة مختلفة عن سابقيه الا ان السيناريو ما زال كما هو باختلاف الاسماء وبالرغم من تغير نسبة كبيرة من اعضاء مجلس النواب .
فقد انتهت جلسات الثقة بمنح حكومة الدكتور عبد الله نسور الثقة بـ(82) صوتاً، وهو ما يعني أن الحكومة حازت على ثقة 56% من النواب المصوتين و55% من مجمل مجلس النواب، وهو ما يعني أن مجلس النواب بتصويته على منح الثقة بهذه النسبة لم يكن بعيداً عن توجهات الشارع الأردني، حيث رأى 54% من الأردنيين في آخر استطلاع للرأي أن الحكومة قادرة على تحمل مسؤولياتها.
ولكن المتابع لما جرى من نقاشات داخل اروقة المجلس وكثير من التناقضات في الخطب السياسية ، والتغير والتلون بشخصيات النواب وخاصة اصحاب الخبرة الطويلة ، والاصطفافات غير المبررة في افشال الحكومة بعدم حصولها على الثقة دون مسوغات سليمة وحجج تحاكي هذا التوجه ، مما ساهم في جعل النواب في حيرة من آمرهم ، وان التشتت في توجهات الكتل كانت هي السمة الغالبة ، وهذا نتيجة عدم الترابط بين اعضاءها على اسس برامجية وانما هي عبارة عن تحالفات مصلحية آنية شكلتها طبيعة تواجدهم في مجلس النواب ، وليس ضمن اسس حزبية تجعل هذه التكتلات من اجبار الحكومة على تنفيذ برامجها.
وبالرغم انني لست ما كل قضايا الكوتا لاي من شرائح المجتمع الاردني الا ان اعضاء مجلس النواب والمراقب للمشهد النيابي الحكومي خلال الأيام الماضية قادر على اكتشاف أن المرأة النائب كانت الاكثر تالقاُ وحضوراُ وزادت من ارباك الحكومة في موقفها ، فقد حجبت 12 نائب امرأة الثقة عن الحكومة من أصل 17 نائب امرأة اي أن 70% من النواب النساء حجبن الثقة، وبالتالي لابد من زيادة الكوتا النسائية ، او التغير في مزاج الناخبين بالانتخابات القادمة بزيادة التصويت للمراه ، وكذلك على الحكومات الأردنية أن تعيد حساباتها فيما يتعلق بمدى تأثير النائب المرأة تحت قبة البرلمان، وإيلاء النائب المرأة الاهتمام لجذبها باتجاه الحكومة.
فاذا كان دولة ابو زهير استطاع ان يحصل على الثقة بالاستعانة بصديق وهو حق له حتى يستمر في رئاسة الحكومة ، فان وسيلة الابتزاز السياسي اصبح سمة لبعض النواب والكتل السياسية لتحقيق مصالح فردية سواء بالتوزير او ان يصبحوا اعضاء بمجلس الاعيان ، ولم تكن مصلحتهم الوطن وهمومه.
وما يزيد الامر استغراباً التوجة نحو اجراء تعديل وزاري في القريب العاجل ، ولا ادري الى متى هذه الملهاة السياسية وارهاق الخزينة والشعب بمثل هذه الحالة استرضاء لبعض الكتل السياسية وخاصة ان الحكومة قد اخذت الثقة ، وما هو المبرر لذلك، وهل هي توزيع مكافأت وهبات.
ولذا فاننا نتمنى ان يظهر بالافق القادم لتكتلات النواب ما يسمى بالمعارضة الايجابية ، او كما اطلقوا عليها بحكومة الظل تساعد على وضع الدواء على الجروح وان تجعل الحكومة من وضع ضوابط لاداءها دون الذهاب الى ايجاد اي نواة لاشكال جديدة من انواع الفساد الاداري والعمل على مناكفة الحكومة على مصالح هذه التكتلات وليس مصالح الشعب الذي انتخبهم ، وان يبتعد اعضاء مجلس النواب نحو الاصطفاف حول تشكيلات داخلية ذات بعد اقليمي او مناطقي او عنصري تؤثر على مسيرة الاردن الخيرة في خدمة القضايا العربية والاسلامية.
bsakarneh@yahoo.com