إن تجربتنا الأردنية في مجال الإعلام الإلكتروني تجربة رائدة ومميزة .. إذا ما قورنت بمثيلاتها في الدول الأخرى.. فقد واكبت التطور التقني الذي كان له دوراً كبيراً في تنمية وتطوير هذه التجربة .. ولأننا في عصر العولمة والسرعة فقد خطى كثير من المواقع الإخبارية الأردنية خطوات ايجابية ذكية نحو إبراز ذواتهم مهنياً .
ولان الثورة المعلوماتية التي نعيشها ساقتنا إلى حياة رقمية تتصف بسرعة الوصول إلى المعلومة وسرعة تناول الخبر وتناقله بفترة زمنية قياسية من خلال الصحف الإخبارية الالكترونية التي طرحت نفسها كمنافس قوي بديل للصحف الورقية اليومية وبدون أية تكاليف مادية .. خاصة مع استخدامه للتقنيات الحديثة ومن خلال الإمكانيات التفاعلية وطرح التساؤلات والتفاعل مع الخبر والقضايا التي تهم الوطن والمواطن وبروح من المسؤولية الوطنية ..
ولكن عند البعض يبدو أن الأمر مختلف خاصة مع تزاحم المواقع في السبق والاستحواذ على الأخبار بالرغم من اداركنا تماما أن الخبر كما يقال “مقدساً” عند الإعلاميين والصحفيين ، والتعليق “حراً”. لكن يبدو أن هذه العبارة السهلة والواضحة لم تكن مفهومة وواضحة بالقدر نفسه عند كثير من المسؤولين عن الفضاء الإعلامي الإلكتروني، وربما أنها – لسوء الحظ - لم تصل بعد إلى مسامع كثير من كتاب ومحرري المواقع الإلكترونية التي تنشر يومياً عشرات الأخبار ، بعضها ما هو صحيح ومؤكد ومحدد المصدر، وأكثرها مفبركاً ، أو “مطبوخاً ”، أو كأنها غدت “وصفة جاهزة وسريعة” وسياسة متبعة لكثير من تلك المواقع، أو على الأقل اتجاهاً محدداً ومتجدداً، ونهجاً يومياً متبعاً من قبل بعض المشرفين والممولين لتلك المواقع، والمصيبة الأكبر هي السياسة المتمثلة بثنائيات ( النسخ واللصق ) للنشر على المواقع الإلكترونية أو على قنوات التواصل الاجتماعي ، فما أن تقرأ خبراً حول موضوعٍ ما بغض النظر عن أهميته وخطورته، وتعتقد لبعض الوقت أنه صحيحاً كونه صدر - بحسب الموقع الذي نشره - “من مصدر مسؤول أو موثوق”، ولأنه متداولاً في الكثير من المواقع إلكترونية، حتى تفاجأ بقراءة ذات الخبر بعد قليل بشكل مختلف ومنسوباً إلى ذات المصدر “الموثوق”. أو ان الخير يحذف أو يزال بناءا على مزاجية المحرر ، ونفس المشهد يتكرر يومياً بشكل يثير لدى المتابع أو القارئ الحيرة، بين “اليقين” و “الشك” في غياب مصدر إعلامي “مستقل” أو ناطق رسمي يمكن أن “نثق فيه” وفي صحة ما يرد منه من أخبار ومعلومات، وفي ظل كثرة التسريبات والأخبار العاجلة اليومية التي ترد .
آن الأوان إلى سبيل لضبط وتنظيم حرية الرأي والتعبير في الفضاء الإعلامي الإلكتروني وإلى “تأمين” و”حماية” و”تقنين” وإلى فرض بعض “الضوابط”، ومنع تفشي ظاهرة “الغش الخبري والإعلامي” على المواطن ، وربما يحتاج إلى “أمانة عامة” لنقل “الخبر الأصلي”، وإلى إنشاء “هيئة وطنية لتحديد مواصفات ومقاييس الأخبار والتحليلات الصحفية”، وإلى إنشاء جمعيات شعبية لحماية القارئ / المستهلك المحلي”، وإلى تشكيل مجلس وطني أعلى للحفاظ على صحوة “ الضمير” المهني ...
في ضوء ما سبق نرى أن الكثير من المواقع الإخبارية الالكترونية الناجحة تستحق الوقوف طويلاً أمامها والعمل على منحها هامشاً كبيراً من الحرية.. كي تشكل مع الإعلام الرسمي واقعاً جديداً مميزاً .. ولتترك بالتالي بصماتها المميزة في الإعلام الأردني المتنامي .. ولتشكل حالة تشاركيه بين المواطن الأردني وبين الجهات المسؤولة..إضافة لكونها وعاءً معرفياً يحتاجه الفرد في عصر أصبحت فيه المعلومة هي أداة ثورة معرفية ضخمة قادمة يجب ألا نتخلف عنها كما تخلفنا عن الثورة الصناعية في القرن الماضي .
مع تحياتي