العدوان الاسرائيلي على سوريا: نظرة تأمل
الدكتور محمد علي صالح الرحاحله
rahahlehm@yahoo.com
يأتي العدوان الإسرائيلي عل سوريا، سوريا تلك القلعة الباقية من زمن اليقظة العربية و زمن القومية العربية من الزمن الذي كانت فلسطين قبلة العرب و بوصلتهم توحدهم اذا تفرقوا و تجعلهم على قلب رجل واحد اذا تعرض فيها اي عربي لاي مكره، اجل الباقية من زمن المقاومة و التحرير قلعة عصية على العدوان و الاستعمار منذ بدا التاريخ. سوريا الحضارة و الحرف و الكلمة، و اذ اقول سوريا فهي المشرق العربي بكل فسيفسائه المشرقية المعروفة، يأتي هذا العدوان رسالة واضحة فيها سطر واحد و جملة واحدة ان المقصود تدمير المقاومة العربية و ان يكون العرب خرافا يسوقها الاستعمار الى المسلخ دونما النطق بحرف.
اجل يأتي هذا العدوان على سوريا بعد ان عجزت كل آلة الحرب الكونية و عجزت الأموال العربية التي تدفع هنا و هنالك لتدمير الحضارة العربية و تجعل العرب قوم بلا حضارة قوم قادمون من بداية التاريخ، يأتي هذا العدوان على سوريا ليؤكد على شيئا واحد لاغيران ما تمر فيه الامة العربية بكافة اقطارها ليس كما يصوره البعض من انه ربيع عربي ويفتح ابواب الحرية و الديمقراطية على مصراعيها للشعوب العربية بل هو عقاب لكل الأنظمة العربية التي وقفت مع قضايا الأمة و في مقدمتها قضية فلسطين، اجل فهاهو قائد سلاح الجو الذي اخرس المدافع الإسرائيلية و دمر حصون خط بارليف قابعا في السجن، و ها هو العراق الذي كان جيشه، الجيش العراقي، يدخل دفاعا عن بلاد العرب مع النسق الأول في معارك الشرف و البطولة، جريح يئن من العمليات التخريبية و يقسم شعبه و تقطع أوصاله و يعاقب جيشه و يفكك في اول يوم لغزو العراق في محاولة لمحو تاريخ هذا الجيش. و هاهي مصر و اليمن و ليبيا و تونس تنشغل بهمها المحلي غير قادرة على استعادة دورها، و ها هو الاردن يحاولون اثارة أزمة فيه. ان القاسم المشترك بين هذه الدول انها وقفت و حاربت من اجل فلسطين و قضايا الامة و كان لها مواقف واضحة من تلك القضايا القومية، فالهدف ليس الديمقراطية، فقد عرفت هذه الدول الديمقراطية قبل ان يعرفها الغير و من في الجوار، فلقد شكلت فيها مجالس نيابية بعد تحريرها من رجس الاستعمار التركي.
يأتي العدوان ليؤكد على ان ما تتعرض له سوريا ما هو الا مخطط تدميري ينفذ من خلال دول و مجموعات تتدعي الديمقراطية و الحب والعطف على الشعب السوري، فلماذا بدءوا في تدمير و اخراج كتائب الدفاع الجوي و المطارات و الطيران السوري من العمل، لماذا يركزون على الأسلحة الإستراتيجية السورية و تدميرها بحجة انها تستخدم ضد المعارضة، فانا لا اصدق ان هذه الأسلحة تستخدم ضد المعارضة التي ليس لها طائرات او مواقع ثابتة او تحتل مساحات واسعة من الأرض لتتح استخدام تلك الأسلحة، فالهدف من ذلك فتح المجال الجوي السوري إمام إسرائيل و جعل سوريا لقمة سائغة لإسرائيل.
يأتي هذا العدوان في وقت تطالب فيه جامعة الدول العربية بوضع سوريا تحت الفصل السابع و تستجدي التدخل العسكري الأجنبي ضد سوريا، فهل دفعت الدول المتحالفة ضد سوريا الثمن لإسرائيل نظير قيامها بهذا العمل طبعا من اموال العرب التي تنفق على تدمير العرب بدل ان تنفق على مكافحة الفقر و البطالة، طبعا ممنوع و ممنوع انفاقها على مقاومة إسرائيل و تحرير فلسطين.
و اذا كانت حجة اسرائيل انها تريد تدمير أسلحة ترسل الى حزب الله و المقاومة اللبنانية فهذا لوحده كفيل ان تجعلنا نقف احتراما و اجلالا لسوريا قيادة و حكومة و شعبا لانها حتى في ازمتها و على الرغم من جراحها لم تنسى المقاومة و لم تنسى فلسطين و تقوي الجبهة ضد إسرائيل.
اذا كانت المعارضة السورية فعلا معارضة وطنية هدفها سوريا الوطن و الدولة فيحب عليها توجيه سلاحها الى اسرائيل و الا فانها الا جزء من المخطط التدميري لسوريا و للامة العربية، فلماذا يكبرون لتدمير سوريا و يتعبرون الحرب على سوريا جهاد و يهتفون لإسرائيل لانها تدمر سوريا و كانها أصبحت مجاهدة لانها تعتدي على سوريا، لماذا تدين الجامعة العربية سوريا و تفصلها و تذهب الى الامم المتحدة لوضع سوريا على الفصل السابع وتترك إسرائيل تضرب سوريا دونما النطق بنت شفة، و كانها لا تستطيع النطق و كان العدوان وقع على دولة في عالم غير عالمنا.
فيا عرب ابعد هذه الرسالة الواضحة تقولون حراك ديمقراطي و حرية، أحصوا يا عرب من سباتكم و يا احرار العرب اتحدوا و قولوا كلمتهم و لا يبقوا صامتين، و اعلوا أصواتكم و قلوا كلمتكم. فسوريا ستبقى سوريا عصية على الطامعين، و ستبقى قلعة المقاومة و بوابة التحرير.