زاد الاردن الاخباري -
رعى جلالة الملك عبدالله الثاني، في المركز الثقافي الملكي اليوم الأحد، حفل إطلاق برنامج التمكين الديمقراطي، الهادف إلى تعزيز وتنمية مبادئ الديمقراطية وتحفيز ممارستها لدفع عجلة التنمية والتقدم.
ويركز البرنامج، الذي حضر حفل إطلاقه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، على تعزيز القيم التنموية التي أساسها سيادة القانون، ونبذ العنف وقبول الآخر، والحوار والمساءلة، إضافة إلى تحفيز مؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها كداعم أساسي للمواطن وقضاياه.
ويسعى البرنامج، الذي ينضوي تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، إلى إشراك جميع فئات المجتمع، خصوصا الشباب، في بناء ثقافة ديمقراطية واعية، وتعزيز سبل ممارستها عبر المؤسسات الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني الداعمة، استنادا إلى أسس الثقة والقدرة على التغيير والمساهمة في دفع عجلة التنمية.
وقال رئيس مجلس أمناء صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، الدكتور عمر الرزاز، خلال الحفل الذي حضره رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، إن "لقاء اليوم يأتي تجسيدا لنهج التشاركية والتعاون والإخلاص في العمل على اختلاف مواقفنا، مدركين حجم التحديات السياسية والاقتصادية التي تحيط بوطننا، ومؤمنين بقدرة الأردن بقيادته وشعبه على تخطى التحديات، والخروج من هذه المرحلة الحرجة أقوى وأصلب مما كنا عليه".
وأضاف الرزاز ن الطريق الوحيد الذي يؤمن به جلالة الملك لمستقبل أردني مشرق هو تمكين المواطن الأردني سياسيا واقتصاديا، ليكون قادراً على ممارسة حقوقه وتأدية واجباته وتحمل مسؤولياته الوطنية.
وأشار إلى أن "الاختلاف لا يؤشر على وجد خلل، وليس شكلا لانعدام الولاء"، مبينا "أن الاختلاف المستند إلى الاحترام هو دافع للحوار بين أصحاب الآراء المختلفة، وهو جوهر الديمقراطية التي هي الأداة التي تجعل من الحلول التوافقية أمرا يمكننا من المضي إلى الأمام".
وقال الرزاز إن ما جاء في الورقة النقاشية الرابعة لجلالة الملك، يؤكد ضرورة تعزيز المشاركة السياسية، والتمكين الديمقراطي وترسيخ المواطنة الفاعلة بمزيد من الانخراط في الدولة المدنية والسياسية.
وأوضح إن الديمقراطية لم تكن يوما مجموعة من التشريعات والقوانين فقط، فالمنظومة التشريعية والمنظومة القيمية والسلوكية هما مساران متلازمان يتكئ كل منهما على الآخر ليشكلا نموذج التحول الديمقراطي العميق المنشود.
وتابع في كلمته أن "دولتنا الأردنية تسير باتجاه الإصلاح السياسي خطوات متقدمة وهامة، ولكن وكما عبر جلالة الملك في خطاب العرش السامي، فالطموح يحدونا بمزيد من الإصلاح التشريعي لقانون الانتخابات، والذي يمثل لبنة أساسية في تطوير الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية".
وأشار إلى أنه وعلى صعيد منظومة القيمِ والثقافة والممارسة الديمقراطية على مستوى الفردِ والمجتمع، "فإن تجربتنا ما زالت بحاجة إلى مزيد من الصقل، ومازال الطريق طويلاً، فالشعوب الحية تحتاج هوية وطنية جامعة، ترتكز إلى فهم مشترك وتفاعل حي مع التاريخ، والى بناء منظومة قيم حية تعين الشعوب على التعاطي مع المستجدات، والى رؤية مستقبلية تمثل الطموح والأمل" .
وبين أن التحدي أمام الجميع يكمن في بلورة هذه الهوية الوطنية الجامعة، وفي التغلب على منظومة قيم عدمية سلبية تشكلت في الآونة الأخيرة "وندفع ثمنها جميعا"، ومن معالمها التطاول على القانون والدولة والمؤسسات، وإقصاء الآخر، والتهرب من المسؤولية، والتهويل والتعميم بعيداً عن العلمية والموضوعية، والريبة والتشكيك في أي عمّل بناء واغتيال المنجزات، وسواد الجدل العقيم بدلا من الحوار المنتج المفيد.
وشدد على أن العمل التشاركي الذي نطمح إليه اليوم، هو ليس إطلاق مبادرة أو إعلان فعالية، بل إنه حركة مجتمعية تشاركيه تكاملية لا تقصي أحدا، تبني على مبادرات شبابية ومجتمعية عديدة في جميع المحافظات، وتسعى نحو استبدال القيم العدمية بقيم إيجابية نهضوية.
وتتضمن معالمها الأساسية، بحسب الرزاز، سيادة دولة القانون والمؤسسات والمواطنة الحقة، ونبذ العنف بمختلف أشكاله، والقبول بالآخر وتعظيم قيمة الحوار وأدبيات الاختلاف واحترام التعددية، والمساءلة المرتكزة إلى المعلومة الموضوعية، بالإضافة إلى التطوع والريادة والإبداع الشبابي لخدمة المجتمع، لتشكل بمجموعها لبنات التمكين الديمقراطي الحقيقي والعميق.
وأشار إلى أنه، وفي الوقت الذي تتحدث فيه بعض الدول عن ثورات دموية، يتحدث الأردن عن ثورة بيضاء لتعزيز الديمقراطية، ويمثل برنامج التمكين الديمقراطي الذي أعلنه جلالة الملك في الجامعة الأردنية وكلف به الصندوق قوةَ دفع إيجابية للارتقاء بمسيرة العمل الديمقراطي، بحيث تتكامل جميع الأدوار لتكونَ قادرة على محاكاة التطور التشريعي.
وبين أنه وتأسيسا على ما سبق، فقد أقام الصندوق وشركائه في الأشهر الماضية سلسلة من ورش العمل وجلسات العصف الذهني والحوارات المنتجة، ووضع إطار مفاهيمي يتعلق بوعي الفرد الأردني لذاته، وعلاقته مع الآخر من أفراد ومجتمع وعلاقته بالدولة.
ولفت إلى أنه تم تحديد ثلاثة محاور أساسية للعمل المشترك لترجمة هذه المفاهيم والقيم إلى برامجِ عمل من أهمها إطلاق نوادي الحوار والتطوع على مستوى المدارس والجامعات في جميع المحافظات، وتعزيز المساءلة والشفافية والحق في الحصول على المعلومة، ودعم الموهبةِ والريادة في خدمةِ المجتمع.
وأكد أنه وفي هذا اليوم يطلق "شبابنا الأردني" ميثاقا شبابيا للتمكين يمثل توافقهم على القواسم الوطنية المشتركة وعلى أسس الحوار والمواطنة الحقة.
وقال "إننا اليوم في الصندوق نستلهم مما ورد في الورقة الرابعة لبرنامج التمكين الديمقراطي، الذي يتسم بالنزاهة والشفافية والحيادية تجاه كافة القوى السياسية والحزبية".
وأعلن الرزاز عن إطلاق "نافذةَ الشباب الأردني لدعمِ الريادة الاجتماعية "والتي تقدم الرعاية للمبدعين في خدمةِ المجتمع وتنمي وتوسع مبادراتِهم القائمة لتشمل مزيداً من المشاركين، ومزيدا من مجالات الريادة الاجتماعية في جميع المحافظات".
وأكد الرزاز إن الرؤية الملكية بإطلاق برنامج التمكين الديمقراطي تعكس إيمان جلالة الملك المستمر والموصول بأن الشباب الأردني، بطموحاته وطاقاته، هو الأداة الحقيقية للتغيير، وأن النجاح هو بالقدرة على تحويل الطاقة الكامنة لديهم إلى طاقة إيجابية ومتحركة لخدمة الأردن والأردنيين.
وتضمن الحفل عرضا مسرحيا قدمته فرقة سحاب للمسرح، لخص هموم الشباب والمواطن الأردني وتطلعاتهم لتحقيق العدالة الاجتماعية، والتصدي للفساد ووقف المحسوبية والواسطة والأمراض الاجتماعية.
وحمل العرض المسرحي مضامين تدعو إلى الحوار والتفاؤل وقبول الآخر والتعامل مع التحديات والصعاب بإيجابية، كما تدعو الشباب إلى الانخراط في البرنامج لتحقيق التغيير الإيجابي.
وتم عرض فيلم تناول جوانب وتجارب الشباب في التعاطي مع قضايا الوطن ومشاكل وهموم المواطنين وهمومهم بطرق ديمقراطية، مبنية على الاحترام وحرية التعبير والتعددية وقبول الآخر.
وفي ختام الحفل، قرأ عدد من الشباب ميثاق التمكين الشبابي، الذي يتضمن ثوابت وقواسم مشتركة، ويتعهد فيه الشباب بالسعي نحو الحقيقة وعدم الالتفات إلى الإشاعات، واحترام الرأي والرأي الآخر، والالتزام بأدب الحوار المنتج والبناء، ومراعاة أصول الاختلاف.
وحضر الاحتفال رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري، ورئيس مجلس النواب المهندس سعد هايل السرور، ورئيس المجلس القضائي هشام التل، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، وعدد من المسؤولين، وأعضاء من السلك الدبلوماسي، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الشبابي.
بترا