في فلم \"الحدود\" للفنان دريد لحّام ورفاقه،تضامنت القوى الوطنيّة والسياسيّة مع بطل الفلم ( عبد الودود)،داعمين حقّه في العودة لوطنه،خلال مهرجان حاشد للتضامن مع قضيته العادلة،ألقوا الخطب الطنّانة، وانتهى المهرجان،وآب الجميع،كلّ إلى بيته،وبقيَ \"عبد الودود\" يُصارع وحدته، حبيس غربته.
معتصمو صحيفة \"العرب اليوم\"، هم في حالتهم اليوم أقرب لحالة \"عبد الودود\"،تشاركهم بعض القوى الوطنيّة والأحزاب على استحياء،من باب المجاملة لا أكثر،دون أن يكون لها موقفا جذريّا،بحيث تتبنى قضية الإعلام وحريته كنقطة مركزيّة، تُعلّق على جدول أولوياتها.
قضية حجب المواقع وتصفية \"العرب اليوم\"، تتعدى كونها حقّ ماديّ لموظفين،إلى كون كلّ منهما قضية وطنيّة تحاكي مستقبل الإعلام وحريته،لتسدل الستار على ما تبقّى من إعلام يحاول نقل الواقع ولو جزئيّا.
إذا تذكرنا(مثلا) أنّ \"العرب اليوم\" هي أول صحيفة ورقيّة تنشر خبرا مصورا لأوّل اعتصام للمعلمين المطالبين بنقابة لهم في 2010 (في زمن الممنوع )،فلا غرابة إذن أن يؤدي تتابع الأحداث إلى تصفيتها وإغلاقها.
موقف الأحزاب القوميّة واليساريّة،ضعيف ومبتور، ،إذ تضامنت من باب \"شرف المشاركة\" لا من باب اعتبارها قضية تقع ضمن أولوياتها المرحليّة.
حزب \" الإخوان \" لعب دور مزدوج : شماتة وتضامن، شماتة جاءت على لسان زكي بني رشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، وقبل شهر تقريبا من إعلان توقف الصحيفة رسميّا، حين دوّن على صفحته يوم 21 \\ حزيران : \" كانت العرب اليوم مخصصة لشيطنة الحركة الإسلامية وسقطت وعلى الباقي أن يتعظ والحبل على الجرار\" .
أما \" التضامن \" فقد جاء أولا على لسان على أبو السكر، رئيس مجلس الشورى في جبهة العمل الإسلاميّ ، في اعتصام لموظفي \"العرب اليوم\"في 29 تموز ، حين قال خاطبا بالجمع ، شاهرا سيف الحقّ : \"إن الهدف من هذا الأمر هو إسكات الإعلام الحر عن نقل صرخات الشعب وهموم المواطن الأردني \" .
وجاء ثانيا على لسان المرشد الأسبق سالم الفلاحات ،خلال مهرجان نظمته الهيئة الوطنية لإنقاذ الإعلام الأردنيّ، في السادس من آب ،حين خاطب الحضور ، واعظا :\" إن الدولة لجأت في إبطالها لمشروع الإصلاح إلى حجب المعلومات والحقائق عن أبناء الشعب الأردني من خلال \'التجهيل وشراء الذمم والتهديد والتفريق بين الأردنيين\" .
إذن مواقف الأحزاب تراوحت بين المشاركة الاستحيائيّة والمجاملة والشماتة والتضامن غير الصادق، وبقدرة عالية على التلوّن وتغيير المواقف،بما يتناسب والمصالح الخاصة.،وهنا نذكّر الشامتين بقول الرسول (ص):\" لا تظهر الشماتة لأخيك ، فيرحمه الله عز وجل ويبتليك \" .
في النهاية: النظام والحكومة وأصحاب القرار يقرؤون مواقف القوى والأحزاب جيدا،ويجيدون قياس مدى قربها أو بعدها عن جدّيّة الموقف،وبناء على مُعطى المؤشر،تُتّخذ القرارات.