لأول مرة في تاريخ حياتي أعتزم المشاركة في الإنتخابات البلدية ،فقد تولدت لديّ قناعات قوية بأنّ الإنتخابات البلدية التي ستجرى في يوم 27 آب القادم،ستكون بغاية النزاهة والمسوؤلية،فقد يعذرني البعض عن سر إمتناعي عن المشاركة في السنوات السابقة،وقد يلومني البعض الآخر..فلم تكن مقاطعتي في بداية الأمر إلاّ من أجل تدخلات الدولة ورسم خريطة الرشح كيفما يحلو لها،وكذلك مع الإحترام عدم وجود رضا من قبلي عن قائمة الشخصيات التي تترشح فهي كما هي،ولم أكن أقتنع عندئذ بالخطابات الرنانة والكلمات المأجورة سلفاً والتي ساهمت في خداع الوطن والمواطنين،وصدقت تلك القناعة ولم نخرّج للشعب أي مجالس صادقة،بل زادت في إجحافهم.
إذا أرادت الدولة أن تخلق مجالس بلدية حقيقية لديها العزم الأكيد على مكافحة الفساد والترهلات الإدارية،فعليها أن لاتتدخل في شوؤنها سواء أكانت أجهزة رسمية أو أمنية،بل تكون وظيفتها الرقابة عن بعد والإشراف على كلّ شائبة أو أي معيق يصب في عملية إجراء الإنتخابات،وكما على الدولة مسوؤلية رصد سلوكيات المرشحين القانونية والأمنية،وكلّ هذه العوامل تخلق ديمقراطية صائبة كما وعد بها جلالة الملك مؤخراً.
عزوف المواطنين عن المشاركة في الإنتخابات البلدية لا تتحمله فقط قوانين الإنتخاب بل تتحمله كذلك الدولة،فعندما يأتي مجلس بلدي ولايقدّم خدمات للمواطنين ولايستمعون لشكاويهم معنى هذا عامل مؤثر في المقاطعة،بل نعتبره من سلبيات العمل البلدي الخطيرة،وسبب آخر للمقاطعة التغلغل العشائري بفرض المرشحين بقوة السيف ،هذا بالعلم هناك مرشحين ليس لديهم ثقافة في العمل الإداري،ولايتوقع منهم المواطنين القيام بواجباتهم خير قيام،فأصبح المواطن ينظر إلى تلك الإنتخابات كعرض عضلات عشائري،فالعشيرة هي التي تأمر وتنهي،ولكن خدمات الوطن أصبحت في جيوبهم الصغيرة.
ومايروّجه العامة من أنّ قضايا الفساد التي تتغلغل في المجالس البلدية كافية للمقاطعة ،فهذه نظرية خاطئة ليست حجة في المقاطعة،فكلّنا نخطيء ونصيب ولكن على الدولة أن تفرض قوة القانون وهذا لم يحدث طبعاً..والسبب التعصب العشائري والفزعات المؤلمة التي يفعلونها من أجل الإنتصار لإبن العشيرة وهم يعلمون أنّه فاسد وفشل في مهمته أمام المواطنين.
ولا أقتنع بأنّ قانون الإنتخابات البلدية الحالي سبباً في المقاطعة وهذا ماتروجه الغوغائية فعلى العقلاء أن يدركوا أن عملية التصويت ستتم من أجل قناعة الناخب بأنّ هذا مرشح وطن وليس مرشح منفعة أو كم يدفع لي بلغة المال الحرام؟،ولهذا بإستعراضي لقائمة المرشحين فهناك شخصيات تخوض التجربة الإنتخابية للمرة الأولى وتمتلك الكفاءة والمسوؤلية والخبرة الواعدة في تقديم الجميل للمواطنين،وما يزيدنا رغبةً في المشاركة هو وجود عنصر الشباب في الترشح وهذا عامل قوي يزيدنا إصراراً على المشاركة من أجل خدمة الوطن.
ولم يلاحظ إعلان حقيقي الأحزاب السياسية من أجل المشاركة في الإنتخابات البلدية، كما حدث في الإنتخابات النيابية السابقة ،وأرجح السبب بقناعة تلك الأحزاب بأن العمل البلدي تطغى عليه العشائر، ومعظم عشائرنا للأسف تنبذ العمل الحزبي وخصوصاً في العمل الديمقراطي.
فأنا شخصياً أرفض إعطاء صوتي لإبن العشيرة غير الكفؤ وللقريب غير الكفؤ،فهناك أناس يستحقون الفوز ولكن في نهاية الأمر لغة الصناديق هي الفصل،فعلى المرشح أن يجعل من الخالق سبحانه وتعالى أمامه وأن يتوكل عليه وأن يأخذ بالأسباب والمسببات،فطريقة الديمقراطية الحرام من أجل الفوز لاتسدي نفعاً لهذا الوطن،بل عليكم مسوؤلية أمام الرعية من أن تخرجوا وطنا من دوامة الظلم، لنعيش بحقبة نزيهة ملؤها الأمل والتفاؤل،بالإضافة إلى خلق فرص تنمية حقيقية للشباب،وأن لا تعود أوكار الفاسدين والمفسدين والذين تاجروا بقوت الوطن المواطن على حد سواء إلى كراسيهم فو الله قد مقتتهم الرّعية!
وأخيراً على الحكومة مراقبة تلك المجالس والرقابة على ميزانيات البلديات وتطبيق المبدأ القائل:\"من أراد العمل بمسوؤلية وأمانة فليجعل من الوطن قبلة له،ومن ومن لم يريد تحمل المسوؤلية فعليه الرجوع إلى منزله\"..ولكن كلّ من وصل إلى المجلس البلدي من رئاسة أوعضوية من أجل الراتب فأعتقد قد غشّ نفسه..اللهم بلغت فاشهد!
وعلى هذا الأساس ستكون إنتخاباتنا البلدية في 27 آب القادم شعاراً للعدالة والنزاهة والمسوؤلية ،فيا إبن الوطن البار شارك وإكسب صوتك ولا تترك الغوغائية أن تنتصر!