اجتثاث سبعة عشر شجرة أرز نادرة في محمية لهذا النوع من الأشجار يتوسطها برجاً للمراقبة، وإعدامها كلها بدم بارد دون تحطيبها لا يمكن ان يكون بقصد السرقة، ولو كانت المؤامرة على الحطب بالتواطئ مع الحراس الذين فعلوها مرات وامتنعوا عنها مرات كثيرة لكانت ساحة الجريمة بعيدة عن البرج ولكان اختيار الأشجار على نوعية حطبها وإكتنازها بكمياته.
غابة الأرز هذه والتي غرسها محمد نويران مدير الحراج في سبعينيات وستينيات القرن الماضي الشريك الأقوى لصديقه وصفي التل في مشاريع التحريج الكبرى التي ساهمت في تخضير مساحات واسعة من الأردن لم يكن يعلم بان هناك اعداءً للشجر، ولم يكن يعلم أن أيادي الغدر ستمتد للاشجار النادرة التي غرس المئات منها على مساحة سبعون دنما في دبين، المرحوم نويران كان صاحب الأيادي الأولى في تنمية وتطوير الأراضي الحرجية عن طريق تنفيذ خطط التحريج لأراضي الدولة وتحريج جوانب الطرق والمحافظة على ديمومة الغابات. نويران استقدم هذه الأشجار شتلا من لبنان قبل 42 عاما وخصص لهذه الغابة مساحة 78 دنم غرسها بمئات الأرز وعين لها موظفين خاصين وجحفلها بتنك ماء خاص لسقايتها.
نويران تسلم منصبه خلال الفترة 1963-1973 بواقع عشرة سنوات كفلت له أن كان شاهدا على تشجير غابة الشهيد وصفي التل وزراعة غابة ديغول في جرش وغابة جودت صوناي والمدينة الطبية والجامعة الاردنية وغابات وادي وران وغابة ثغرة عصفور والجبل الاقرع وجوانب طريق السرو. ففي عهد نويران تم حينها تخصيص ما يزيد عن ربع مليون دينار سنويا لغايات التحريج بالرغم من قلة الإمكانيات المادية المتاحة.
لم يكن يعلم نويران ان قطع سبعة عشر شجرة معمرة منها سيكون فقط للانتقام وبدافع لا يتعدى عن أنه فعل نذل وردئ من شخص أو اشخاص جبناء لم تعجبهم تصرفات موظفي مديرية الزراعة في جرش.. ولجبنهم لم يواجهوا الموظفين، واتخذوا من صمت تلك الاشجار واستسلامها لمناشيرهم الخرساء وسيلة انتقام من مديرية زراعة جرش الذي وإن تجبر مديرها على موظفيها منذ أول يوم أتاهم في جرش مديرا لمديرية زراعتها فلا يبرر ذلك الجريمة بحق هذه الثروة التي يؤتمن عليها كل شخص فينا حتى وإن لم يكن موظفا في وزراة الزراعة.
الحادثة كانت بشعة في جميع أوجهها فاهمال موظفي الحراج غير مبرر خوصصا ان منطقة الغابة المغدورة محروسة من برج مراقبة وطوافين اختصاصهم المنطقة، والحادثة بشعة عندما يقدم هؤلاء الجبناء على جز هذه الاشجار النادرة بمناشير صامتة حَرَكَتها أذرعا مات ضمير اصحابها قبل ان تعدم هذه الاشجار العزيزة علينا كلنا، والحادثة بشعة عندما يتسلط المدير على موظفيه ضنا منه انه يضبطهم بقوة القانون لا بقوة الاحترام والحب النابع من قلب الانسان المحب لوطنه ولاهله فكيف له ان يقسو عليهم لو كان يحبهم او لو كان يعرف كيف يحركهم بالحب وبدافع الوطنية والوفاء للارض والانسان.
فأمس ومن على مسرح جريمة الأرز لا زال المدير يمارس تعسفه على موظفي مديريته خصوصا البائسين منهم فينقل حارسا من مشتل جملا يجاور مسكنه المشتل، ينقله ويحوله من حارسا لعاملا في مشتل فيصل الحرجي، يباعده عن مسكنه عشر كيلومترات ولكم ان تدركو المصيبة التي حلت على مثل هذا الموظف المسحوق اصلا، بعدما يذهب من راتبه المتردي ربعه مواصلات فكانت مصيبته مضرجة بويلات المسافات والاستقرار الوظيفي المختطف عند العديد من الموظفين المسنونة رقابهم بسكين تسلط هؤلاء الناصحين للمدير ،منذ أول يوم أتى به جرش بتتارية لم يفهمها حارسا هنا وعاملا هناك، إلا ذلك المعتدي الآثم الذي شيطنته افعال المدير المتسلط ليلقي بجام غضبة على اشجار محمد نويران فيخرسها بعد ان سبحت لوجه الله اكثر من اربعين عاما سرت بها الناظرين. مع تأكيدنا هنا على حزن المدير البالغ على هذه الاشجار البريئة، ولكننا نسألة كيف لك ان تحزن على الشجر ولا تحزن على البشر خصوصا من هم في نطاق مسؤوليتك فلا تنسى ما نحن فيه من ظروف مالية واجتماعية صعبه.
لك ان تعتبر يا وزير الزراعة لتصويب وجبة تنقلات حذفت لجرش هذا المتسلط، وجاءت بدون مصوغات إدارية، ولم تكن قوائمها إلا انتقاما من مدير الحراج السابق المهندس محمد الشرمان، الذي ما عرفنا بعد نويران مثله إلا هذا الشرمان، الذي أصر على معاقبة نائبا تعدى على الحراج باختطافه الاشجار الحرجية ولمخالفته القانونية حيث أصر الشرمان على تحويل النائب الآثم الى الإدعاء العام ليجد نفسه معزولا عن منصبه، لأمانته التي دفع ثمنها فيرمى به مستشارا بمنزله، ولحبه للعمل قَبِلَ ضمن صفقة مخابراتية بمنصب مديرا لمديرية زراعة الزرقاء. فهل انت منصفا موظفي جرش البسطاء؟ وللقوي الأمين مدير الحراج السابق.
ولكم ان تحكموا على ان هذا الاعتداء هو للانتقام بعدما تشاهدوا هذه المادة الفلمية التي توضح ان قطع الاشجار كان الى جانب برج المراقبة مباشرة
وللعلم لم يتبقى لدى الأردن من أشجار الأرز الأصيلة سوى أربعة أشجار معمرة في محمية ضانا