بغض النظر عن أي موقف يتخذه أي انسان من هذه الدولة فهنالك مجموعة من الحقائق لابد ان نشير أليها عند الحديث عن العربية السعودية فبالأضافة لكونها أكبر ثقل عربي أقتصادي وسياسي لا يزال بخير فهي جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن الوطني والأقليمي والقومي الأردني وأكبر داعم لأقتصادنا المنهك وآخر عمق أستراتيجي أقتصادي شعبي وسياسي مقبول الكلف لا يزال آمنا غير مضطرب وتحمل بين جنباتها العمق الديني المكاني الأكثر أهمية وقيمة معنوية وأكثر دولة من دول الجوار معنية على وجه الحقيقة لا النظريات باستقرار الأردن لذا فأن أستقرار الدولة السعودية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا ..
مؤشرات خطيرة على تحولات عميقة في المجتمع السعودي تستدعي أستنفار أردني على جميع المستويات لدعم وتثبيت الوجود والاستقرار السعودي وتقديم وجهة النظر والخبرات الأردنية للأشقاء بأعتبارنا المكون الأقرب الذي خاض تجربة التغيير التدريجي بنجاح دون خلخلة النسيج الأجتماعي والأمني والسياسي السيادي وأستطاع تجاوز خطورة المرحلة الأستثنائية التي عانى ولا يزال يعاني من آثارها باقي الأشقاء ..
لم تشهد السعودية في تاريخها مثلما تشهده هذه الأيام من تجاسر على الدولة ومنظومة الحكم وأنماطه التقليدية في خروج غير تقليدي على ضوابط وتقاليد وأعراف السعوديين وبدأت الأصوات تعلو مطالبة بالتغيير وسيتم أستخدام نفس الوسائل التي جرى أستخدامها في كل الدول العربية بلا أستثناء وكأنها نسخة كربون ينقش عليها قلم واحد يعرف جيدا أين ومتى وكيف يضع الحرف والفاصلة والنقطة وعلى الأشقاء أن يكونوا متيقظين جدا ..
بيان مجموعة ال ( 56 ) الصادر عن مجموعة من المثقفين والأدباء والكتاب والسياسيين السعوديين جاء مناهضا للسياسة السعودية تجاه الأحداث في مصر ووقف بصراحة وبشكل مباشر مع الأخوان وانحاز لتنظيم تتطلع عيونه نحو دول الخليج العربي مما شكل صدمة سياسية للمجتمع السعودي لأنه كسر حاجزا كبيرا بطريقة غير معهودة وفتح الباب امام عملية انتقاد واسعة وعلنية لنظام الحكم السعودي وسياساته لن تتوقف عند الحالة المصرية بل ستطرق الوضع الداخلي حتما ..
تبع ذلك خروج علني لعدد مقلق من الأئمة والخطباء ورجال الدين على الخط التقليدي الوعظي والأرشادي في تناول القضايا السياسية من على منابر رسول الله في المساجد وأيضا جاء هذا الكسر العرفي لقواعد الخطابة السعودية وتقاليدها ليس فقط بتناول الشأن السياسي بل وليصب في مصلحة الأنتقاد السياسي لمواقف السعودية فيما يتعلق بالشأن العربي والأقليمي وقد جرى أيقاف هذه المجموعة التي تملكتها شجاعة في غير مكانها وهذا مؤشر خطير على وجود المئات من المشايخ غير الراضين عن النهج السياسي للدولة ..
أعقب ذلك حملة شعبية احتجاجية واسعة على مواقع التواصل الأجتماعي للمطالبة بزيادة الأجور - ولا تزال مستمرة - وهي المدخل الاكثر تأثيرا والأكبر قوة لتجييش وتحريض الشعوب فلقمة الخبز كانت تاريخيا ولا تزال الدافع الأساسي والمحرك الفعلي للثورات وسرعان ما ستتحول هذه الحملة لعملية منظمة تقودها جهات لا يعلمها ألا الله فتبدأ عمليات الأنتقاد والتجريح والتشهير والتعريض بمؤسسات الدولة ونشر الأشاعات حول فساد القيادات لهز ثقة المجتمع بها ويمكن لأي شخص من أي مكان في العالم ومن أية جنسية المشاركة فيها من خلال الحسابات الوهمية بأعتباره مواطن سعودي مظلوم لا يجد قوت عياله ..
التحديات التي ستواجهها السعودية لن تتوقف على الخطر الحوثي في الجنوب او الأمتداد التنظيمي والسياسي لأيران في المنطقة الشرقية الذي يستخدم البعد الطائفي البغيض لأن حالة التطرف وانتشار الفكر التكفيري عاد بقوة للمشهد الأجتماعي الداخلي وتزامن ذلك مع عمليات تهريب كبرى للأسلحة جرى احباط العديد منها مما يجعل عناصر الفتنة والأقتتال الداخلي تكتمل ويمكن القول بأنه قد جرى تجميع خيوطها بعناية وهذا ما أستدعى جهات الأفتاء بالسعودية الى أطلاق حملة تحذيرية من الأنخراط في التنظيمات الضالة ..
أرهاصات الفتنة في الداخل السعودي والحديث الأعلامي عن خلاف على ولاية الأمر وصحة الملك وأشقائه والزعم بوجود طبقة من الأمراء الشباب المطالبين بتنحية الجيل القديم والتقاط أية انتقادات عادية يجري تضخيمها ومن ثم ألصاقها ببعض أفراد الاسرة الحاكمة للترويج لفكرة أنقسام داخل نظام الحكم والتضليل الأعلامي العالمي حول السعودية ومواقفها وقدرتها على أدارة سياسات الأقليم والتأثير فيها وخلق حالة عدائية تجاه ذلك مؤشرات خطيرة جدا على وقوف السعودية على أبواب جهنم مما يستدعي من الشعب السعودي أعادة تقدير موقفه والتفكير مليا بما يرتب له وثمن ذلك ..
ما يحصل في السعودية مسألة جد خطيرة قد تتطور بسرعة أكبر من المتوقع ولا يمكن للأردن أن يقف أزائها موقف المتفرج لأن القضية بالنسبة لنا حياة أو موت ولابد من اجراءات أردنية ليس أقلها المشاركة في الدفاع عن الأمن والأستقرار السعودي بأعتباره جزءا من الأمن الوطني الأردني لأننا اصحاب التجربة الأذكى والأرشد والأكثر تكيفا وتعايشا مع مستحدثات جهنم العربي فأي ضرب للأستقرار السعودي سيذوق طعمه كل أردني وفي سوريا العبرة ..