المسيرة التربوية والتعليمية في خطر !!!
إن من يطلع إلى واقع التعليم في مختلف المؤسسات التعليمية في الأردن ، ويقارن ذلك بالعهد الذهبي له حينما كانت مخرجاته تحظى بسمعة إقليمية طيبة ، يشعر بالحزن والخوف على مستقبل هذا الصرح وفق ما يقرأ عن حقيقة مخرجاته المعاصرة . لقد تظافرت العديد من المشكلات منها ما هو مادي ،ومنها ما هو إداري ،ومنها ما هو فني بحت، تآلفت جميعا حتى أصبحت اليوم سدا منيعا في طريق تقدم المسار التربوي والتعليمي الأردني، على الأقل، لمجاراة المسارات التربيوية والتعليمية في بعض الدول المجاورة !!! فلا ينكر أحد ما للنواحي المادية من أثر سلبي أو إيجابي في دفع عجلة التعليم نحو التقدم والمنافسة،حيث التسارع اليوم في منجزات التكنولوجيا الحديثة وأذرعتها ، إذ باتت تجري من حياة الناس مجرى الدم ، ولم تعد حكرا إلا على الأغنياء من الدول والأفراد ؛ لذا فإن التعليم إذا ما أُرِيدَ له التقدم بالصورة المأمولة ،لا بد من السخاء له من أيدي الحكومات والمؤسسات الوطنية ، ورجالات الوطن الذين يطمعون في رقيه وتقدمه . ومن الناحية الإدارية ، فإن الكثير من القوانين التي يسير عليها قطار التعليم في بلدنا وُضِعت منذ عقود ، حيث قلم الرصاص والممحاة ولا غير،وحيث ألواح الخشب الأسود والطبشور ، وحيث الشح في الكوادر التعليمية المحلية وفقر توزيعها ، وهي حتما لا تناسب ما آل إليه واقع التعليم اليوم ، كما أن التعليمات والقوانين الضابطة للمهنة وللمنتسبين إليها آنذاك كانت موجهة للمعلم الذي بالكاد يجد ما يقيته ، وللتلميذ الذي لا يعرف من الحياة شيئا أكثر من الخوف من كل شيء . أما اليوم فنحن أمام معلم يحتاج لتكوين ذاته في مجتمع لا يرحم النقص ،وأمام معلم لا ينظر لمهنته إلا إنها مرحلية ، ريثما يجد لنفسه مكانا يحقق فيه ذاته ، وأمام مهنة طاردة للكوادر التي تحتاج إليها ، وأمام تلميذ يعرف من فنون الحياة وعنها الشيء الكثير ،وله من مغرياتها أيضا الشيء الكثير، وأمام مجتمعات عالمية تنتقد الشدة وتنبذها ؛ لذا فإن جميع القوانين الناظمة للعملية التربوية والتعليمية بحاجة إلى مراجعة وتدوير، لتطرح بصياغة جديدة تناسب العصر وتتماهى مع روحه . وأما النواحي الفنية ، فإننا أمام صور نمطية مستهلكة في التعليم وفي سياسة المعلم والتلميذ ،لا مجال فيها للإبداع أوالتصرف وفق الموقف التعليمي والمهني ، وكأن المعلم أو المدير لا يهمه سوى إمضاء الوقت وفق ما هو معدٌ له في الخطة المكتوبة ، بغض النظر إن كان يناسب الحال أو يضره ! فلا تجد في غالب مدارسنا برامجَ تهتم بالموهوبين أو أصحاب العقول الإبداعية من معلمين وطلبة وحتى من الإداريين ، ولا تسعى المؤسسات التعليمية لتحقيق مبدأ المشورة الواسعة لمختلف الأطياف المؤسسية والوطنية ،إذ إن المشاكل التي تعترض المؤسسات التعليمية عموما أكبر من أن يقال عنها أنها بسيطة ويمكن حلها ، إلا لمن أراد النوم مبكرا !!ودائما كلما كثرت العقول المفكرة كانت الحلول أقرب للصواب وأكثر مواءمة للمنطق . لذا فإن الطريق الذي تسير فيه تربيتنا وتعليمنا يحتاج حقا إلى مراجعة وطنية عامة وشاملة ؛لأننا بتنا نفتقر للمتميزين في فنون الحياة المختلفة ،وبات واضحا حاجة الوطن لأبناء مخلصين منتمين لترابه ،ولا يخفى على عاقل ما لحق بالوطن جرَّاء من يفقدون مثل هذه الأخلاقيات !!!