أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
“إسرائيل” تهدد بضرب الذراع المالية لحزب الله وتطالب اللبنانيين بإخلاء منازلهم جيش الاحتلال يهدم برجا لليونيفيل في لبنان ارتفاع عدد شهداء لبنان إلى 2464 منذ بدء العدوان الدغمي يؤدي القسم القانوني رئيساً لديوان التشريع والرأي مندوبا عن الملك وولي العهد .. رئيس الديوان يعزي الطراونة والشوابكة امين عمان يلتقي سفير بلغاريا ويبحث معه سبل تعزيز التعاون حزب الله يستهدف 3 قواعد عسكرية إسرائيلية الفايز: لم نر موقفا أقوى وأوضح من مواقف الأردن في الدفاع عن القضية الفلسطينية رئيس مجلس النواب الأميركي: تحقيق جار في تسريب معلومات سرية عن إسرائيل وإيران الولايات المتحدة تعرض مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن متدخلين روس بانتخاباتها وزيرة التنمية: العمل جار على تحديث الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية السيسي: الاضطرابات الإقليمية قد تجبر مصر على إعادة تقييم اتفاقها مع صندوق النقد الاحتلال يدعو أهالي بيروت للابتعاد عن مواقع القرض الحسن اختتام بطولة خماسي كرة القدم بتربية المزار الشمالي وزير خارجية لبنان في أوروبا لوقف إطلاق النار الصفدي: الرعب الذي ترتكبه "إسرائيل" بشمال غزة جريمة حرب لا ينبغي للإنسانية أن تتسامح معها افتتاح فعاليات تأهيل مختبر التربة في “البحوث الزراعية” شهيدان في غارة إسرائيلية على لبنان الخارجية: إجلاء 12 مواطنا أردنيا من لبنان الشاباك: هناك فرصة لإحياء مفاوضات غزة

الإفلاس الإداري

25-05-2010 09:23 PM

بقلم \\ أ‌.د. مصطفى محيلان
الإفلاس الإداري

قانون التعليم العالي والبحث العلمي النافذ حالياُ، يهدف الى رعاية النهج الديمقراطي وتعزيزه بما يضمن حرية العمل وحق التعبير واحترام الرأي الآخر، والعمل بروح الفريق وتحمل المسؤولية، واستخدام التفكير العلمي الناقد، كما يهدف الى توفير البيئة الاكاديمية والبحثية والنفسية والاجتماعية الداعمة للابداع والتميز والابتكار وصقل المواهب. إلا اننا ومع ذلك لا نزال نصادف اشخاصا في موقع المسؤولية غير قادرين على استيعابه، أو التعاطي معه، ربما لعدم اقتناعهم به، أو لان القلة القليلة الاخرى لا تعترف بأن الحرية هي اساس العطاء، وأن حسن الإدارة هي اداة النجاح والابداع، خاصة في المؤسسات التعليمية، وعلى وجه الخصوص في الجامعية منها.
في جميع الاحوال ارى شخصياً بأن مرجع هذا كله هو الإفلاس، فمن المفلس؟ المِفلس بالكسر لغة هو الفقير الذي ذهب خيار ماله وبقي فلوسه، فصار ماله فلوسا وزيوفا، ولعل العرف الآن على كون المفلس بالكسر أعم من الذاهب خيار ماله، بل هو شامل لمن لم يكن له مال من أول أمره إلا الفلوس التي هي آخر مال الرجل، وقولهم أفلس الرجل كقولهم أخبث أي صار أصحابه خبثاء، وكقولهم أذل الرجل أى صار إلى حالة يذل فيها.
كوني اعمل في مجال التعليم الجامعي، فأحب ان اركز على معنى هذه الكلمة، ومدى انطباقها على حال جامعات واداريين وصل بهم الحال الى الافلاس الاداري، وليس المالي فقط، الا ان الافلاس الاداري اثبت انه يفضي الى افلاس مالي واكاديمي ايضاً، وان من بعض معالم الافلاس الاداري الذي نعيشه هو: اهتمام ادارات بعض الجامعات بالقيل والقال، وسفاسف الامور، وعدم تركيزهم على متابعة هموم العاملين لديهم والتعامل معها بالشكل السليم حتى غدت الاعتصامات والاستقالات امراً متكرراً يفوق المؤتمرات وورش العمل، وهذا دليل على عدم وجود حل منصف أو مناسب لمطالبهم فقرروا ترك اعمالهم للتعبير عن مدى ظلمهم!.
السؤال هنا: لماذا يكون قلق المسؤولين في الجامعة من تعبير موظف عن عدم رضاه عن امر ما، او عضو هيئة تدريس له رأي خاص في امر آخر أو طالب علم يرغب بايصال وجهة نظره دون ان يستهزأ به, أكثر من اهتمامهم بحل مشكلته او سماع صوته؟ اليس قانون الجامعات واضح وصريح بالسماح بحرية التعبير عن الرأي والنقد البناء؟ أم ان البعض لا يحتملون سماع الرأي الاخر مهما كان؟ وممن كان؟ وفيما كان؟ فهل استثنوا أنفسهم من قوانين المكان والزمان؟ فلا يحفلون أحدا؟ أهي العبودية للمنصب والخشية عليه حتى اصبح ابداء الرأي من الاخر محرما؟ ام انه الخوف من ان تكشف العيوب؟ وهل الحل لديهم هو قمع الناطقين؟ واتهامهم بالفساد تارة، واللاإصلاح تارة أخرى! كيف يعيش شخص في دولة القانون، ويولى على مؤسسة فكرية تعنى بتنمية العقل والفكر والبحث العلمي ولا يسمح لمن حوله بالحديث الحر والتعبير عن ارائهم؟! اليس المفترض به هو ان يحاورهم بالتي هي احسن؟! الا يؤدي ذلك التهميش وعدم الاكتراث وربما فقدان الحيلة والوسيلة الى العنف الطلابي وهو دليل واضح على فشل وافلاس الادارات بالرقي بعقلية الطلاب وصرف فكرهم الى المهم من الامور؟!
إن عدم تعاطي ادارات جامعات مع الشائك والجاد والمُلِح من الامور مثل التعثر المالي وعدم اقتراح سبل تحصيل الدعم اللازم للنهوض بميزانياتها أو على الاقل مناقشة ذلك مع الكوادر الاكاديمية المختصة في اقسام الجامعات لدال على عدم الاستفادة من وجود اولئك المختصين وعدم تقدير كفاءاتهم، وأي افلاس بعد ذلك! واي غياب لجدولة الاولويات! وأي اهمال للطالب، وللمدرس، وللموظف؟ .
بالمناسبة لماذا لم يتم الاعلان لغاية الان عن اية استراتيجية أو خطط مستقبلية لجامعات باستثناء جامعة مؤتة؟ ما هي التدابير والتصورات والحلول المناسبة التي سوف تتخذ، للتقليل من هجرة المدرسين الجامعيين الى الخارج في ضوء رفض منح الزيادة على رواتب المدرسين، في بعض الجامعات والمرتبطة بالتعليم الموازي بعد عدم مصادقة ديوان التشريع على بند القانون الذي يتيح لمجلس امناء الجامعة زيادة تلك الرواتب من الدخل العائد على الجامعة من التدريس الموازي. علماً بأن موضوع الرواتب ظهر للعلن وبشكل رسمي منذ فترة ليست قصيرة وقد قرعت لذلك الاجراس وسلطت عليه الاضواء من اكثر من مهتم ومراقب ومسؤول، الا ان الحال دائم ومتفاقم مع الاسف، وعلى العكس من الحكمة القائلة \"دوام الحال من المحال\".
إن ما نلاحظه ايضاً في العديد من جامعاتنا، هو عدم القدرة على التعبير عن الرأي، يصل الى حد التخوف من النطق بحرية وبالذات من عمداء الكليات أو نواب الرئيس، اذ انهم المعينون بتنسيب من رئيس الجامعة أو بقرار منه مباشرة في حالة تعيينهم برتبة قائم بأعمال، اي أن امرهم بيده, ولتوضيح الموقف بشكل افضل، أُذَكِر الجميع بما يحصل بمجلس الجامعة فهو مكان مناسب للمقارنة بين اداء اعضائه المعينيين منهم والمنتخبين، اننا نجد أن المتحدثين فيه بصراحة وحرية وثقة هم ممثلو الكليات المنتخبين وليسوا عمداء الكليات المعينيين، والسبب واضح، وهو ان المنتخب مالك لموقفه وموقعه، وله القدرة والجرأة والشجاعة على الحديث، وعلى العكس منه هو من يصل لذلك الموقع بقرار او دعم مباشر من رئيس الجامعة، حتى أن اسلوب رئيس الجامعة يختلف بالتعاطي مع هولاء واولئك فترى الحرص والحذر ومحاولة الاحتواء للاعضاء المنتخبين بينما الزجر ونظرات العتاب أو العقاب للمعينيين أو على الاقل التلميح بعدم التجديد لهم لفترة لاحقة بحالة تمادوا بالتحرر من المسير خلفه أو الخروج عن طاعته أو المثول لأمره بغض النظر عن قناعاتهم الشخصية.
لقد انسحبت هذه الحالة على المجالس الجامعية فأصبحت الاصل في التعامل وليس الاستثناء. لقد تشكلت شخصية بعض رؤساء الجامعات على هذا النمط الصدامي، فوضعوا انفسهم في جرف اداري سحيق مسدود، ربما لأنهم اعتادوا عليه لعدم المسائلة! فما استطاعوا أن يظهَروه وما استطاعوا له نقبا، وما هم بخارجين منه ولا هم مفارقوه ذلك لأن الطبع يغلب التطبع، حتى ان مجالس بعضهم اصبحت اشبه ما تكون بحلبات المصارعة، فما ان يتحدث عضو هيئة تدريس حتى تنقبض العضلات وتنحبس الأنفاس وتحمر الوجوه وتقطب الجباه ويرتجف الصوت؟ ولا يستبعد ان تتم ملاحقته عند ترقيته ان لم يرق للقيادة الجامعية حسن حديثه، وعليه فليس من الغريب أن أصبح لبعض الرؤساء فئة ينصرونهم وينبرون للدفاع عنهم طمعاُ في موقع أو دفعاً لانتقام محتمل. اليس هذا البعد والجفاء والفرقة والترصد دليل اضافي على افلاس الاداري والفكري ايضاً؟ ولقد انعكس هذا على حال العديدين، اليس لافتاً ظاهرة التستر خلف اسماء مستعارة او وهمية عند الكتابة بالصحف او المواقع الالكترونية، والتي تؤكد بشكل قطعي حالة الخوف والهلع التي يشعر بها المعلقون على المقالات او طارحو الشكاوى هنا وهناك وخاصة بالجسم الاكاديمي، ربما قال قائل بأن بعض ما يرد ويُذكر هو محض افتراء وغير صحيح، نعم ولكن حتى الايجابي قلما يحمل اسم صاحبه، اذاً في جميع الاحوال لا يجد اولئك الاشخاص الأمان الكافي ليقولوا رأيهم بحرية حتى ولو كانوا محقين! هذا لأن بعض رؤساء الجامعات وقادتها جعلوا من انفسهم جبابرة مع ان موقعهم ووجودهم ما كان الا من اجل تحكيم الحجة لا السطوة، العقل لا الصوت العالي، والموعظة الحسنة وليس التجريح.
هل حرّم بعضهم الحوار بالجامعات وهو حِلٌ شرعاً وقانوناَ ؟ اننا امام مأساة لا تقف تبعاتها عند اسوار الجامعات، بل تتعداه الى المجتمع بأكمله، فالجامعات هي مصدر العلم ومنبره ومنارته، واساتذة الجامعات هم العلماء في كل مكان، وفي جميع الشرائع والأزمنة، وهم حملة الرسالة السامية وورثة الانبياء، وعليهم تقع مسؤولية التنوير والتثقيف والتعريف، وما يرتضوه لأنفسهم ويسيروا عليه يقبله المجتمع ويسير عليه، اذ انهم محط ثقته وأمله، فهل نخدع امتنا ومجتمعنا بقبول هذا الحال الاكاديمي المائل، من عدم احترام الذات والرضوخ لحالة الخوف والسماح لتمادي البعض وتغولهم علينا، وما وجدوا اصلاً الا للأخذ بايدينا لخدمة الوطن واهله؟ ان تبعات ذلك الافلاس الاداري هو قُولَبة وتحجيم جامعاتنا لتصبح صبغتها مدرسية بعد ان كانت منارات فكرية؟ ألم يكن المجتمع يقصدها اكثر من العاملين بها ومن طلبتها، لينهلوا من عظيم فكرها ويستمعوا لمثقفيها وعلمائها وخبرائها وادبائها وحكمائها؟ لعمري ان مستقبل بعض الجامعات لفي خطر، ليس لتقصير من دولتنا الحبيبة التي اعطت الفرصة للجميع للعمل والانجاز والعطاء، وانما هو لوجود اشخاص مفلسين ومتعالين بل ومتخوفين من سماع الاخر.


muheilan@hotmail.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع