عربة جديدة تمر بهدوء وسكون لتلتحق بأخواتها في سلسلة العربات الطويلة في قطار الفساد المستشري في كل مفاصل البلاد، فمن التصحيح الإقتصادي إلى الهيئات المستقلة إلى بيع الفوسفات والغاز والبوتاس والكهرباء والإتصالات وميناء العقبة والبحر الميت والعبدلي وأمنية والأراضي الأميرية إلى سكن كريم وموارد إلى صفقة الحرير... هذه المحطات كُشفت ولم يحاكم بها أحد إلا صوريا أو لتبرئته من التهم الموجه إليه إما عن طريق مجلس النواب أو القضاء ... أما جيب المواطن فهو دائما حاضر في فكر الحكومات المتعاقبة ومن يتحكم بمصيرها ليس لدعمه بالتأكيد أو للمحافظة على ما فيه بل لتعويض سرقاتهم ونهبهم ونتاج فسادهم من هذه الجيوب الخاوية ... ففي بلد فقير كما يدعون كالأردن يكاد يعجز عقل كل حر عن التفكير بكل هذا الكم الهائل من الأموال المنهوبة هذا في ما كشف أما المستور فالله وحده أعلم به ... فموازنة الديوان الملكي والأجهزة الأمنية وتكلفة السفرات الباهظة التي يقوم بها النظام ورجالات الحكومة دونما نتيجة تعود بالنفع على المواطن والكثير الكثير ما زال تحت بند "سري للغاية" ... حتى بات المواطن البسيط يخشى قدوم الشتاء لإرتفاع أسعار المحروقات وقدوم المدارس والجامعات لإرتفاع التكاليف وقدوم العيد لم يعد يجلب الفرحة لضيق ذات اليد ... ليس هذا وحسب بل إن المستوى المعيشي تدنى كما هو حال كل شيء في هذا البلد تقريبا وهذا ليس افتراء من كاتب هذه الكلمات ولكن من يتتبع كل الدراسات العالمية يرى بأم عينه كيف تراجع مؤشر الأردن في حرية الإعلام وفي حقوق الإنسان وفي التعليم وفي وفي ... ولكن ارتفع المؤشر ولله الحمد في شيء واحد وهو أن الأردن أعلى مستوى تكاليف للمعيشة بين الدول العربية مقارنة بدخل الفرد.
للأسف نجح من سمى هذه الصفقة بالحرير فهي مرت ناعمة وهادئة على الشعب المذبوح والذي استمرأ جزء كبير منه وارتضى الصمت بل وراح جزء آخر يدافع ويصفق للفساد وأهله وراحوا يوزعون التهم كحال أقرانهم في كل الدول العربية على الأحرار الذين يطالبون بالإصلاح ومحاربة الفساد ... وكأن الذي جرى والنهب الذي حصل والغلاء الذي أرهق كاهل أغلبهم ليس نتيجة هذا القطار الذي مزق كل شيء جميل كنا نعيشه ... قطار داس بلا رحمة على جيوب الفقراء وسحق كل الأحلام بغد أفضل لكل البسطاء وألغى فكرة الأمل بغد أفضل "لمهدودي" الدخل ... صفقة الحرير بإختصار لمن لا يعرف عنها شيء هي بيع أسهم الضمان الإجتماعي في بنك الإسكان لشركة قطرية ... وأطمئن الجميع أن الشرط الجزائي أقل من مئة مليون فلا داعي لإثارة الضجيج حول هذه الصفقة البسيطة والتي أجزم أنها لن تكون المحطة الأخيرة في هذا القطار النتن كضمائر من صنع عرباته ... فهل أموال الضمان بأمان؟! ... أم هل ننتظر صفقة القطن وصفقة الكتان أو صفقة الماس أم ماذا ننتظر بالتحديد؟! ... ولكن إلى متى ستبقى تمر هذه الصفقات دونما حساب ولا عقاب؟! ... وإلى متى سيبقى جيب المواطن المهترئ الممزق هو بئر نفط الحكومات المتعاقبة؟! ... إلى متى سنبقى نعاني من إنفصام التصريحات الرسمية الخارجية بأن الإصلاح في الأردن تدريجي ويسير بشكل جيد بينما الحقيقة على الأرض كلنا نعرفها جيدا ؟! ... هل من مجيب يا سادة؟! ... إلى متى؟!!.