أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
"التربية" تشارك بمهرجان مرتيل في المغرب الأردن .. إطلاق مسار الوادي المظلم السياحي في البترا الضريبة: الثلاثاء آخر موعد لتقديم طلبات التسوية الضريبية إلكترونيا المياه: تحقيق نتائج فوق المتوقع بالتصدي للاعتداءات الأردن .. حسان يتفقد مرافق صحية وإنتاجية في مادبا وزير الخارجية يؤكد دعم الأردن لسوريا وحفظ أمنها الحسين إربد يتصدر دوري المحترفين بفوز ثمين على شباب العقبة الصفدي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الروسي لهذا السبب .. أسماء الأسد ممنوعة من العودة إلى بريطانيا إعلام عبري: رصد 5 صواريخ أطلقت من بيت حانون باتجاه غلاف غزة وزير إسرائيلي: ستصل أبواب القدس إلى أبواب دمشق تحطم طائرة إماراتية خفيفة ومصرع قائدها ومرافقه روسيا: لم نتلق طلبات من سورية لمراجعة اتفاقات القواعد العسكرية المقاومة تستمر بإطلاق الصواريخ من غزة رئيس أذربيجان يطالب روسيا بالاعتراف بإسقاط الطائرة ومعاقبة المسؤولين "حريات النواب" تتبنى مذكرة نيابية لمقترح مشروع قانون للعفو العام امانة عمان تعلن حالة الطوارئ المتوسطة الأردن .. طرح عطاء (عمان مدينة ذكية) في شباط 2025 النائب زهير الخشمان يوجه عدداً من الأسئلة الى الحكومة حول مشروع سكة الحديد وزير الشباب يؤكد أهمية ترجمة القرار الأممي 2250 حول الشباب والسلام والأمن

الهويات القاتلة

18-01-2014 10:52 PM


هل يمكن إعادة قراءة الربيع العربي انطلاقا من إعادة قراءة كتاب ( الهويات القاتلة ) للكاتب والروائي اللبناني - الفرنسي، أمين معلوف عضو الأكاديمية الفرنسية ، والذي شكل حالة استباق للاحداث والتنبؤ بها.

في عام ١٩٩٨ توقع، أمين معلوف، أن العالم يسير بخطى ثابتة بأتجاه أتون صراعات دموية قاتلة، قاعدتها مبنية على صراع الهويات، وتناحرها لاثبات مشروعيتها، ومقدرتها على الاستمرار في مواجهة من يعتبرونها أعداء “ الآخر ” الذي يستوجب التخلص منه بأي طريقة، وعين الأمر ينطبق على الآخرين. الغريب أن كلًا المتصارعين على السلطة في عالمنا العربي، يستخدمان ذات الاساليب في اقصاء الأخر، بالاعتماد على عواصف الربيع العربي، واعاصيره.

الربيع العربي

لقد كان الهدف الرئيس من الربيع العربي هو كسر السيطرة على مقاليد السلطة، وإعادة فرض رغبة الشعوب، من خلال انتاج شروطا أكثر تعددية وتشاركية وديمقراطية وشفافية تمنحهم حيزا من المشاركة الفعلية في الحلكم، مع انهاء دور المؤسسات الفاسدة المسيطرة على مفاصل القرار، بما فيها العوائل الحاكمة، كما تمنحهم متسعاً ومساحة للتعبير عن مكنون صدورهم، دون اللجوء إلى اساليب الخطف، والانقلاب في التعامل مع الأخرين اصحاب الانتماءات المختلفة.

هذا ظهر جليا، منذ عام ٢٠١١، وانطلاقة قاطرة الربيع العربي من تونس، إذ شهدنا، صراعاً مريراً في منطقة الشرق الاوسط، بين التيارات كافة، باستخدام هويات، يراها هؤلاء الطريق الأمثل للوصول إلى السلطة، وبدلًا من أن تساهم هذه الهويات في جمع التيارات السياسية والفكرية العربية، عملت على زيادة الشرخ والاتساع فيما بينها، جعل العديد من المتابعين يفتقدون لاحساس الأمل بالمستقل، فالسمه لهذه المرحلة كانت إقصاء الانسان لأخيه الانسان المخالف له في النظرة، والرؤية، لننظر مثلاً لتيار الآخوان المسلمين في مصر عندما استلموا السلطة عبر صناديق الاقتراع، واعتمادهم على اقصاء مناوئهم ومخالفيهم، وكيف قاد هذا إلى انتاج حالة مضادة مناوئة لتفردهم بالسلطة، انطلاقا من اقتناعهم بمقدرتهم الدينية في التأثير على أطياف المجتمع، هذه المنهجية أنتهت بسقوطهم، على يد التيار العسكري، والذي استخدم ذات الاساليب التي اعتمدها الآخوان في نظرتهم للسلطة من حيث اقصاء من لا يتوافق مع نظرتهم، وانتمائاتهم وهوياتهم، يقول أمين معلوف:” إننا غالباً ما نهوّل تأثير الأديان على شعوبها، ونهمل على العكس تأثير الشعوب على الأديان".



انحراف المسار

إن هوية الإخوان المسلمين التي أعتلت على غيرها، كما السلفية، اعتمدتا على الدين كعنصر انتمائي، وأساسي انتاج هوية قادرة على اقناع الشعوب بشكل أحادي التأثير، دون الأخذ بعين الاعتبار أن يكون هذا الانتاج متغيرًا قابلاً للنقاش والتطوير ومواكباً العصر، لا ثابتاً منغلقاً على نفسه، فالذي نفع في القرن العاشر الميلادي، ليس بالضرورة أن يستقيم مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.

والذي ينطبق على تيار الأخوان المسلمين، يمتد للتيارات المسيحية خصوصاً القبطية منها، والتي رأت أن مصر ما هي إلا أرضا قبطية، كانت وستعود، وهم الأحق بقيادتها دون سواهم، وهذا يعني صراحة اقصاء باقي مكونات المجتمع، واخضاعم لسيطرتهم، وإلى جانب هؤلاء ظهرت بقوة هوية العسكر الذين يرون مقدرتهم واحقيتهم التاريخية على قيادة الدفة دون غيرهم، باعتبارهم الأكثر كفاءة في التعبير عن الانتماء الوطني، والاقدر على تلبية رغبات الجموع، و رؤية الانسان المصري، هذا إلى جانب مذاهب حزبية، دعمت هذا الاتجاه او ذاك،، بما يتوافق وهويتها ويقوي من صلابتها، كمدافعين على حياض الهوية واستمراريتها، السمة الابرز للتيارات هو بعدها عن التفكير الحقيقي في تداول السلطة، وحرية التعبير، وحترام حقوق الانسان.

لبننة الربيع
عين الأمر، ينطبق على سوريا، وإن بصورة أكثر صعوبة وأكثر تعقيداً، خصوصاً بعدما قسمت إلى مناطق نفوذ تسيطر عليها هويات متعددة الجنسيات، تداخل فيها الخارجي مع الداخلي، مثلته منظمات جهادية متحاربة تتخذ من الدين عنصراً اساسياً، ولبؤساً لها - جبهة النصرة، داعش، الجبهة الإسلامية، الجيش الحر، حزب الله، منظمة فتح، الجبهة الشعبية القيادة العامة (أحمد جبريل ) - وكلًا منها، يمتلك وجهة نظر تختلف عن الأخرى، تتصارع وتتقاتل فيما بينها، هذا إلى جانب صراعها مع النظام. "لقد عرفت المجتمعات البشرية على مر العصور إيجاد الآيات المقدسة التي تبرر ممارساتها الآنية" يقول أمين معلوف.

هذا يقودنا إلى طرح السؤال التالي: ما الجدوى من وجود هذه الهويات إن لم تكن منتجة، تحترم خيارات الآخرين ونظرتهم، وقادرة على تعديل الواقع، بما يتطلبه العصر؟

بناء علي ذلك، لو قارنا، وعرضنا أسباب انتشار العنف، ومظاهره في اقطار الوطن العربي من سوريا إلى العراق ومصر واليمن والبحرين والسودان، سنجدها متشابهة بتلك التي قادت إلى الحرب الأهلية في لبنان، والتي بنى عليها أمين معلوف نظرته، فالمنظمات والتيارات والمذاهب التي اعتمدت الهويات والانتماءات، الطائفية، والحزبية، والفئوية، والقومية، والعشائرية في دعم فكرتها، وابتداع اساليب تكفر الآخرين، وانكارهم، ومعاداتهم، هي عينها التي تستخدم اليوم على يد تيارات ومنظمات، ومذاهب، لا تختلف عن المليشيات اللبنانية المتحاربة سابقاً، مثلا التيار السني اليوم هو من يرفع لواء الدفاع عن الشعوب ضد اعداءه، باعتباره الاقدر على ذك من غيره، كذلك التيار السلفي الذي يرى الصورة من زاويته، دون النظر الى زوايا الاخرين لناخذ مثلا جماعة الحريري في لبنان، والتيار السني في العراق، والوهابي في السعودية والخليج، النتيجة الحتمية ستكون حتماً شبيهة بتلك التي أسفرت عنها الحرب الأهلية اللبنانية، من زيادة منسوب الكراهية وخطابها، إلى تشريع وتفعيل منظومة العنف في المنطقة، أن لم يكن اسوأ.

لذا أضحت القواسم المشتركة وعناصر الجمع، بدلاً من أن تكون بين أبناء الدين والتاريخ والشعب الواحد، عامل قوة، باتت قواعد وعناصر مجربه للقضاء على المكونات، وابادتها، تارة باسم القانون، وتارة باسم العنف، وأخرى باسم الحقوق، ورابعة باسم الحرية، وكسر حاجز الخوف، وباسم الوطنيات الفارغة، أو اسقاط الاصنام، و استرداد مقدرات الوطن من يد الفاسدين، الذين تحلوا بقدرة قادر إلى وطنيين من طراز رفيع، هذه المسيرة اعتمدت لاثباتها اشكالاً دينية، وطائفية، وعرقية، وقومية، ومذهبية، وحتى عشائرية، ما نتج عنها أصنام جديدة، لا تختلف عن تلك التي أدعت محاربتها سابقاً، قبل أن تتمكن من السلطة، بل، وأعادتها إلى عصر ما قبل الدولة !

ترويض الهوية

ومن أجل هذا، يقترح أمين معلوف العمل على ترويض الهوية، باعتبارها طريقا لإعادة أنتج الانسان (نحن ) بعيًدا عن تقسيمات الاقصاء(هم، والأخر، اولئك، معارضين) كون الجميع في مركب واحد شركاء، هذه الطريقه المثلى لابد وأن تعمم للتخلص مصنوع مصائبه، لإعادة إنتاج نفسه بما يتؤوام ومتطلبات العصر، بحاضره ومستقبله، لا بماضيه، بعيداً عن التقسيمات المتعددة، والشارخة للفعل الإنساني، من دين ولغة وجنس، وعشيرة، فالقواسم المشتركة بين الناس أكثر وأكبر من أن تحصر في أطر ضيقة وفئات بعينها، غير قادرة على الصمود بوجه متغيرات العصر.

فالقواسم التي تجمع الانسان، دون النظر الى دينه او طائفته، او حزبه، او لغته، او عرقه، او حزبه، او ثقافته، هوية تحترم الانسان وتقدره، وتقدر خياراته، تعترف به كانسان، قبل الاعتراف بحقوقه هي اللبنة الاساسة في بناء مشورع حضاري انساني خصوصاً في منطقتها العربية، فما الفائدة من الحقوق الديمقراطية مثلاً، والانظمة لا تحترم الذي يطالب بها. لذا دعونا نطرح السؤال التالي: هل أزهر الربيع العربي، وفق رؤية أمين معلوف، هوية جامعة؟

ومع كل هذا يمكن القول: إن طرح معلوف جاء ضرورياً في ظل اتساع ظواهر التعصب الديني، والتزمت الفكري، التي اجتاحت ومازالت العالم الاسلامي بطوله وعرضه، والتي ترفض الايمان بالأخر المعارض لسلطتها، كما ترفض التعايش معه إلا وفق معادلات السيطرة والاستعباد.
إذن ما الحل في ضوء ما نعانيه ونعايشه في المنطقة العربية، وفي ظل ما سمي ربيعا عربيا، وفي ظل سيطرة بعض الطغم على مقاليد ومفاتيح السلطة دون سواها،مع اقصاء الآخرين، لا يتم الا من خلال سيادة القانون داخل الدولة المدينة التي تحترم كافة المواطنين بعيدا عن انتماءاتهم.
وعليه، فإن أعادة ترويض الهوية بما يتناسب العصر، وسعادة الانسان، يتطلب الانفتاح على الآخر كما هو، لا تفصيله حسب رغبات الهويات المسيطرة، وذلك بما يمتكله من حداثة، بحيث يعيد تطوير مفاهيمه الفكرية، والتفاعلية، والمعرفية، والدينية، والاجتماعية والثقافية، بما يواكب روح العصر، لتجديد رؤيته، بحيث يستطيع امتلاكها، كونها حق مشروع له، لا النظر لها باعتبارها طريقا للاغتراب، دون اللجوء إلى طرائق الاضطهاد، والعنف المتبادل، والتطرف، والقتل والتعذيب، وتأكيد خطاب الكراهية بصوره المتنوعة.

ختاماً: لو نظرنا إلى الربيع العربي وما أسفر عنه، لوجدنا أن معلوف قد تنبئ وصدق فيما ذهب اليه، بصورة كبيرة، فالحاصل لم يعد ربيعاً، وينتظر ان يزهر بقدر ما اضحى خريفا اسقط الرؤوس، باسم الديمقراطية المجزوءة، والحرية المسلوبة الدسم، لننظر الى الخارطة نرى ما الذي انتجه، في مصر وسوريا والعراق والسودان، وغيرها، هويات متقاتله، متصارعه، تستبيح الآخريات فقط لأنها لا تتفق مع وجهات نظرها.


خالد عياصرة
kayasrh@ymail.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع