إن المتتبع لحال نظامنا وحكومتنا يعتريه شك كبير وقلق عميق وهو غير ملام بالتأكيد فالأمور تسير نحو المجهول بالنسبة لعامة الشعب على الأقل ... فمواقف النظام وتصريحات الحكومة وتضاربها في الكثير من الأحيان مع التصريحات المضادة لشخصيات خارجية حكومية كانت أم وسائل إعلام ... تجعل المتابعين يضعون ألف إشارة إستفهام عن طبيعة ما يحاك في الخفاء ... فجولات كيري وزيارة "النتن ياهو" والإستقبال الحار لوزير الخارجية الإيراني ودعم حكومة المالكي في العراق والصمت عن مجازر "الأسد" وعن سفيره في عمان الذي تجاوز حدود الأدب وليس حدود الدبلوماسية وحسب ... ووقوفنا إلى جانب الإنقلاب وداعميه في مصر ... كل هذا وأكثر يؤكد أننا أمام إستحقاق جديد ... ربما سايكس بيكو جديد أو شرق أوسط كبير.
الغريب هنا أن الكثير من الشعب الذي نهبت ثرواته وبيعت مقدرات وطنه من قبل الفاسدين الذين لم يحاسب منهم أحد ... ومع أنه تم رفع الضرائب والأسعار عليه لا يعترض على شيء ولا يتساءل عن شيء ... وكأن النظام والحكومة نجحا في جعل تأمين لقمة العيش و"إسطوانة" الغاز والفواتير المنتفخة من ماء وكهرباء وتدريس هو الهم الأول والأخير لقطاع كبير من أبناء الشعب.
أكثر ما يؤلم في التحالفات الجديدة ما أعلن عنه أو ما يتم بالخفاء هو أن المستهدف هو الوطن العربي والمواطن العربي البسيط، أو شريحة من أحرار هذه المنطقة فمن يتتبع حال القتل والتشريد والإغتيال والإعتقال سيجده محصورا بفئة معينة دون غيرها ... فأهل سوريا يُقتلون ويُشّردون على الهوية وكذلك التضييق على نفس الفئة في لبنان ومن قبلهم في العراق والآن في مصر وقبل كل ذلك وخلاله وبعده في فلسطين الحبيبة.
أود أن أختصر الحديث وأوجه كلامي إلى تلك الثلة التي قبلت طائعة أن تكون ألعوبة بل وسخرت نفسها لخدمة أعداء الأمة والدين والشعوب المضطهده وتجاوزت ذلك بدفع المليارات من الأموال النفطية القذرة الملطخة بدماء الأبرياء والتي تدفع لمحاربة دين الله ولمحاربة الأحرار من الشعوب في كل مكان وإلى الذين يسيرون معها ويوافقونها ... والله لن تجنوا خيرا أبدا ... فمن يزرع الشر والقتل والدمار لا بد أنه سيجني ما يزرع يوما ما ... وإذا لم يكن القصاص في الأرض وعاجلا فلكم أن تتخيلوا أو تجعلوا أحدا من شيوخكم المقربين المدفوعي الأجر يشرحون لكم في جلسة مغلقة وسرية عاقبة من أزهق الأرواح البريئة بلا وجه حق ومن سعى في خراب بلاد المسلمين وصمت أو شارك أو مول عمليات قتلهم في الكثير من الدول ... فتخيلوا لو أن الأموال الطائلة التي تم دفعها ثمناً وتكلفة للإنقلاب على الرئيس الشرعي في مصر تم دفعها لدعم الثورة في سوريا ... ماذا ستكون النتائج على الأرض عندها؟؟ ... كنا حفظنا بلدا عظيما كسوريا من الدمار اليومي والقتل المنهجي المنظم وبكل الوسائل وكنا أبقينا على أمنا مصر قوية وحرة وصاحبة هيبة وشأن ... وعندها كنا سنشعر بأمل يلوح بالأفق بولادة نواة لأمة بدأت تستعيد بعضا من مجدها الغابر ... ولكن مع الأسف هؤلاء هم ألعوبة بيد أسيادهم لا قرار لهم ولا سيادة وإنما يتم تحريكهم "بالريموت كنترول" ... فبعد صمتهم الطويل جدا عن إغتصاب فلسطين الحبيبة بل ودعمهم لمن يساهم في التنازل عن الحقوق في الأرض وغيرها ... ساهموا في تدمير العراق ومن ثم صمتوا عما يحدث في سوريا أو تحركوا وفق أجندات خاصة ... وبعد ذلك دبروا ومولوا إنقلاب مصر الدموي الإجرامي والآن يمكروا لتركيا ويجهزون شيئا "لحركة حماس" ... بصراحة لا يكاد عقل مسلم حر أن يتخيل هذا ... فبعض حكام العرب والمسلمين يدفعوا ويتآمروا ويمولوا حملات إبادة لإخوانهم ... الله المستعان ... لقد أضاع هؤلاء البوصلة وفقدوا كل حس وطني أو ديني ... لقد ألغت المليارات العفنة حاسة الشم والذوق والإحساس لديهم.
أدعو الله جل جلاله أن تستيقظ الشعوب ولو متأخرا؛ لأن المؤامرات تحاك ضد بلادنا وديننا من أعدائنا في الداخل والخارج ونحن لا نجد أي صدى قوي أو أي ردة فعل مناسبة لهذه المؤامرات والإتفاقيات القادمة والتي أسأل الله تعالى أن يبعدها عنا وأن يعيذنا من شرها ومن شر من يدبرها لنا.