لقد تبادر إلى ذهني عند سماعي لخبر استحواذ "مارك زوكربرغ" ملك الفيس بوك الشهير على تطبيق "الواتس أب" للرسائل الإلكترونية مقابل تسعة عشرة مليار دولار وبعيدا عن كل الشكوك والحديث عن أصوله ومن يدعمه ... تخيلت لو أن "مارك" هذا جاء للأردن قبل عشر سنوات وقام بالإستحواذ على كل الموارد الرئيسية في بلدي والتي تم نهبها وسرقتها أو بيعها بثمن بخس دولارات معدودة بصفقات مشبوهة بحجة الإستثمار وتشجيعه ... عندها وبحسبة بسيطة جدا سيمتلك "مارك" ... الفوسفات والبوتاس والغاز والكهرباء والماء وشركة أمنية وأراضي دابوق وأراضي البحر الميت وشواطئه وشواطئ العقبة وأراضي الأزرق والعبدلي والقيادة والإتصالات وجزء من غابات برقش ودبين وأسهم الضمان في بنك الإسكان وموارد وغيرها الكثير الكثير وكل ذلك مقابل مبلغ لا يساوي ثلث ما دفع ثمنا "للواتس أب" تقريبا. ألا يخجل من كان سببا في ذلك سواء من كان يسمي نفسه مشرعا أو الذي كان يدعي أنه منفذا عندما يشاهدون ويسمعون مثل هذه الصفقات ... يعني تطبيق برمجي على الهاتف المحمول يفوق ثمنه بأربع أو خمس مرات ثمن كل موارد البلد بكل ما فيها ... أيعقل أن تباع الفوسفات نفط الأردن بسعر لاعب كرة قدم إشتراه فريق إسباني مؤخرا ... وباقي الموارد كلها لم تستطع أن تقترب من سعر تطبيق بسيط للرسائل يستطيع بعض المتفوقين من أبناء بلدي لو توفرت لهم الظروف المناسبة إنشاء أفضل منه ... ولكن كتب على أكثر بلداننا العربية عامة وعلى بلدي الأردن خاصة أن تورث المناصب فيه وأن تهَجَّر العقول منه وأن تحتكر الكراسي ... ليتم ضمان توريث الفساد من جيل إلى جيل إلا من رحم ربي والذين إن وجدوا سيتم إقصاؤهم كما شاهدنا في بعض الحالات القليلة. ولا عجب أن يطالب الكثير من أبناء البلد ممن ساروا في ركب الخنوع والرضا بالأمر الواقع بالتوقف عن الحديث عن الفساد وقضاياه في الأردن؛ لأن الظروف غير مناسبة ... ولا أعرف كيف يكون الرد على هؤلاء بصراحة؟! ... فقد استغفل النظام والحكومات المتعاقبة هذا الشعب أو الجزء الأكبر منه وقلبوا الحقائق في كثير من الأحيان ... وقامت مجالس النواب المزور أكثرها بتمرير الصفقات المشبوة أو بتبرأة المتهمين فيها وكان وجود هيئة مكافحة الفساد أقرب إلي الديكور في القضايا الهامة ... والمبكي أنه بعد بيع كل مقدرات الوطن كانت النتيجة زيادة المديونية وما زال البعض يصر على الرقص والتصفيق للحكومات ومن يعينها ويقومون بشن هجوم كاسح على كل من يدافع عن حقوقهم ويبين مكامن الخلل والفساد في البلاد... ولكن السؤال الأهم ونتيجة إستغلال النظام والحكومات للظروف المتحولة والدموية في دول الربيع العربي وفي ظل صمت مخيم على أغلبية الشعب؟! ... وفي الوقت الذي يتم التحدث فيه عن قضايا مفصلية وخطيرة وخاصة عن فلسطين الحبيبة وعن الجارة النازفة المنكوبة سوريا الجريحة عجل الله بالفرج لهما ولسائر بلاد العرب والمسلمين ... ما الذي ينتظر بلدنا الحبيب؟!... نسأل الله العظيم أن يكون خيرا.