في صباح ذلك اليوم 21/اذار /1968 كنت في منزلي في ماحص المطلة على الغور ..... وكانت( المدفعية السادسة)( التي احب... والتي كان والدي الشهيد احد منتسبيها )( وهي الان تسمى بأسم...كتيبة الامير حمزه بن الحسين )في عيرا ويرقا ترجد وتدك معاقل العدو الصهيوني كنا نسمع هدير المدافع وقصفها .....وعندما كنا نسمعها كنا نتوقع ان هناك معركة ....كانت المدفعية تتدخل لحماية الدوريات الاردنية المقاتلة او الاستطلاعية التي كانت تدخل الى الداخل الفلسطيني وكانت السادسة تتدخل لحماية الفدائيين الفلسطينيين العائدين من عملياتهم ايضا ....وكانت هذه المرة غير ....لقد طالت المعركة اكثر من اللازم .... وازداد القصف شدة ....وطائرات العدو المقاتلة تملا الجو....وتقصف الارض ....كنا نسمع ضوضاء هائلة ....لقد كنا القرية الاقرب الى المعركة ....ولذلك سميت قريتنا بكل فخر ....ماحص الصامدة ....التي لم يهاجر منها احد .... وسمي الطريق الواصل بينها وبين الغور .....بالطريق الحربي .....ذلك اليوم ازدادت هذه الطريق حركه ......لقد استمر قصف المدفعية الثقيلة الى ساعات متأخرة من الليل .....لقد كانت هذه المعركة هي معركة الكرامة .....ومعركه العزة ....لقد كانت اسطورة قتالية بحق ....لقد اندحر العدو الصهيوني لأول مره في تاريخه على يد الجندي الاردني العربي.... لقد قاتل الجندي الاردني بشجاعة وتصميم على النصر او الشهادة .....لقد حدث في سياق المعركة عجائب كثيره منها مثلا ان اثنين من ضباط الملاحظة او الرصد .....التابعين للمدفعية طلبوا قصف مواقعهم التي داهمها العدو....واستشهدوا رحمهم الله .....لم يحدث مثل هذا سوى مرتين في الحرب العالمية الثانية ....لقد اخذ الجيش العربي بثأر شهدائه الابرار ....وحافظ على الارض الأردنية من الاحتلال الصهيوني الذي خطط له الصهاينة ولم يفلحوا ..... حيث كان تخطيط العدو هو احتلال الاغوار والمرتفعات الشرقية التي تطل على عمان لمحاصرتها ...نعم فيها استعاد الجيش العربي الاردني ثقته بنفسه .....ولم يكرر الصهاينة مثل هذه المحاولة التي افشلها الجيش العربي مره اخرى بكافه صنوفه من مشاه ودروع وقوات حجاب بالاشتراك مع شعب الغور الابي وجماعات من العمل الفدائي الفلسطيني الشريف ....لصنع هذه الملحمة البطولية الباهرة ......... لقد كانت معركه الكرامة نصرا لنا نحن ابناء واشقاء وعائلات شهداء 67 ......فرحنا بها فرحا غامرا ...وكثيرا فلقد اخذ زملاء الشهداء جنود الجيش العربي البواسل ثأرهم وثأرنا من هذا العدو الغاشم ....ولقد كانت الكرامة كذلك نصرا مؤزرا على العدو ....لقد رفعت الكرامة معنويات كل العرب ....وزرعت فيهم روح المقاومة ....نعم نحن نستطيع إذا اردنا .....رحم الله شهداء الكرامة الابرار ....وطوبى لك يد حاربت في الكرامة.....والنصر بإذن الله لنا في النهاية ....والله اكبر ...الله اكبر ....وليخسأ الخاسئون