لقد كتب المؤرخون والكثير ممن أرادوا توثيق ما حصل في هزيمة 67 ولكنهم لم ينقلوا لنا ما كان يجب أن يقال وما عليهم نقله من حقائق ومواقف اقل ما توصف بالذل والهوان وعدم الاكتراث بما حدث وسيحدث.
ومن هؤلاء محمد حسنين هيكل الذي كتب في ذلك الموضوع ولكنه تجاهل الدور السلبي للقيادة العسكرية في مصر ولم يذكرها إلا بكل ما هو خير’ وتناسى حجم المسؤولية التي تقع عليها وأنها هي السبب الحقيقي في نكسه عام 67 باعتبارها هي من تتولى قياده الجيوش العربية في تلك الحرب’ والتي لم تدم إلا ساعات فقط خسر بعده العرب الجولان من سوريا والضفة الغربية والقدس من الأردن وفلسطين وسيناء من مصر وما زالت تحت السيطرة الأسرائيليه.
وأن ما يقال إعادتها إلى مصر مجرد أوهام ودغدغه مشاعر وذر الرماد في العيون ليس إلا والدليل على ما أقول عدم مقدره الجيش المصري إدخال أيه أسلحه أو آليات عسكريه إلى منطقه سيناء إلا بموافقة إسرائيل وهذا يكفي .
ونعود إلى إهمال وتقصير القيادة العسكرية في مصر قبل هذه الحرب التي كانت من طرف واحد هو إسرائيل أما الجانب العربي ممثلا بالقيادة المصرية فقد كانت نائمة ومنشغلة بالملذات وغير مستعدة لهذا الهجوم على الرغم من تزويدها بكل المعلومات الدقيقة التي تؤكد أن الحرب قادمة لا محال.
وقد تناولت السينما المصرية في أكثر من عمل تلفزيوني وسينمائي ’ استبداد الجيش والسلطة أنذالك على المواطن الغلبان ومعاملته بكل قسوة ووحشيه وظلم فادح لم يسبق له مثيل’ سوى في أيام الانقلاب العسكري الذي قام به عبد الفتاح السيسي وزمرته من الجيش والشرطة والقضاة والشيوخ والإعلام المنافق.
ولكن من الناحية الأخرى فقد كان وضع الجيش المصري سيء من حيث الاستعداد لهذه الحرب وقد تناول مسلسل رأفت الهجان بكل حلقاته الدور المخزي للجيش المصري في هذه الحرب على الرغم من حصوله على المعلومات الكافية ليكون مستعدا لهذا الهجوم.
وكذلك أفلام الكرنك الذي قام ببطولته الفنان كمال الشناوي وكان يمثل دور السلطة في ذلك الوقت وكيف اظهر مدى الظلم والاستبداد الذي كانت يمارسه رجال الأمن مع المواطنين وكذلك أفلام (إحنا بتوع الأتوبيس) بطوله عبد المنعم مدبولي وفيلم (التحويله )لفاروق الفيشاوي( والبريء) للمثل احمد زكي وكلها تدور حول ظلم الجيش والأمن للمواطن المصري وهو ما يحدث الآن ولكن بدرجات أعلى ومن هنا نستطيع القول أن الجيش المصري كان بطلا على الشعب فقط.
ولكن في الحرب رأينا بطولاته و بدوره خسر العرب كل شيء فلا يعقل أن يكون قائد الجيش المصري آنذاك عبد الحكيم عامر ومعه كبار القادة يقضون أوقات المتعة والليالي الحمراء مع الفنانات والراقصات’ والعدو الإسرائيلي يستعد لضرب مصر ولا يوجد هناك أيه استعدادات لصد هذا الهجوم والتقارير تقوا أن الطيران الإسرائيلي قام بتدمير الطائرات المصرية وهي جاثمة على ارض المطارات العسكرية حيث تم تدمير سلاح الجو المصري بساعات قليله.
ثم نتكلم عن البطولة والشجاعة ولكن للأسف الشديد لم يتحدث المؤرخون من أمثال المفوه هيكل عن هذه الأحداث لأنه كان من نفس الزمرة التي كانت تحكم مصر في ذلك الوقت ولا يجوز توجيه النقد لها تماما مثلما امتنع عن اعتبار الإبادة البشرية والمجازر التي ارتكبها الانقلاب في رابعة والنهضة وغيرها من الميادين جرائم بل على العكس بارك في ذلك واعتبرها بطوله من القتلة . نعم إننا نعيش في زمن تغيرت فيه كل المبادئ والحقائق فأصبح الصدق كذبا والكذب صدقا والأمانة خيانة والخيانة أمانه لأننا عربا .
الجيش المصري هو المسؤول الأول والأخير عن هزيمة عام 67 وعن فقدان بلاد عزيزة علينا وان كل ما ارتكبه العدو الإسرائيلي بعد ذلك كان بسبب تقاعس وعدم اكتراث القيادة المصرية في الاستعداد لهذه الحرب التي انتصر فيها العدو الإسرائيلي والحق الهزيمة النكراء للجيش المصري أولا وللعرب ثانيا .
وكان على الشعب المصري منذ ذلك التاريخ تفكيك هذا الجيش وأعاده تنظيمه وتقليص صلاحيته وان يكون تابعا لا متبوعا ولكن سيطرة الجيش المصري حتى هذا اليوم جعل قياده هذا الجيش رجال أعمال وأصحاب تجاره وتمويل وحماية الوطن في أدنى الاهتمامات فمن لا يهتم بالمواطن لن يهتم بالوطن وما نراه في هذه الأيام يؤكد ما نقول .