كعادته صدّع رؤوسنا اعلامنا النزيه جداً جداً !! غير المسيس وغير المنحاز وغير الموجّه !! بهجوم شديد ومركز على جماعة الاخوان المسلمين والتي قضى قرار محكمتها بفصل ثلاثة من اعضائها.
مبادرة زمزم ومنذ انطلاقها شكّلت جدلاً لا بأس به بين المؤيدين والمعارضين ، وحظيت برعاية رسمية وإعلامية مثيرة للتساؤلات ، وكلنا يعرف ان دعاتها اطلقوا عليها رصاصة الرحمة في حفل اشهارها الذي لا يخفى على احد.
بعض الجهات (وبسبب تكوينها) لا تستطيع ان تدرك وتستوعب وربما هي لا تريد ان تدرك ان قرارات الاخوان المسلمين ليست فردية ولا مزاجية ولا شخصية ، وإنما هناك مؤسسات شورية ومحاكم مختصة ، وان القرار في الاخوان المسلمين اي قرار يخضع لدراسات ومراجعات ومشاورات ، وهذا بدى واضحاً وجلياً من خلال الحكم بفصل الثلاث اخوة بعد مرور اكثر من خمسة اشهر على اشهار مبادرتهم ، حيث استنفذت الأطر المؤسسية في الجماعة كافة الطرق لتلافي الوصول الى هذا القرار . ولكن امام اصرار هؤلاء الاخوة على عدم تلبية دعوة قيادتهم للحوار او حتى عدم المثول الى الجلوس مع اخوانهم من اعضاء المحكمة للسماع منهم (وهم الذين يدعون في مبادرتهم الى استيعاب القاصي والداني وضاقت مبادرتهم باستيعاب اخوانهم) جاء قرار المحكمة القابل للاستئناف. وانتهز الاخوة الثلاث هذا القرار وجعلوا من وسائل الاعلام ساحة يجلدون فيها اخوانهم ويحاكمون تاريخهم ويتهمونهم بالفجور تارة وبالعجز تارة اخرى.
قرار الاخوان المسلمين لم يكن الاول من نوعه ففي تاريخها قضت الجماعة بفصل اعضاء ورموز لهم وزنهم ومكانتهم وربما كان بعض الاخوة المفصولين اعضاء في محاكم قررت فصل سابقيهم . ومعظم قرارات الفصل كانت تتركز على عدم الانصياع الى قرار الجماعة الشوري الملزم، بل والجهر في عدم الالتزام والعمل عكس القرار . ولكن الحركة الام لم تقطع علاقتها مع احد بل مازالت تتبادل مع الكل الزيارات والحوارات والتفاهمات والمجاملات ، وتقول للمحسن احسنت وتقول للمسيء اخطأت . ذلك أن الجماعة تدرك ان هناك فرقاً بين التنظيم الحزبي وضرورة الالتزام بالقرارات ، وبين الدعوة الى الله والعمل لخدمة هذا الدين والوطن كلٌ من وجهة نظره .
والسؤال الذي يطرح نفسه هل يقبل اي حزب او جماعة في الدنيا بأن يكون هناك تنظيماً داخل تنظيمهم ؟ ام هل يقبلون وجود افراد يرفضون جهارا نهارا الالتزام بقراراتهم ويعملون بعكس مقتضاها ؟ بل ويطرحون برامجا تتعارض مع رؤية الحزب او الجماعة للإصلاح والتي نالت ثقة الأغلبية ؟ سؤال كان يجب على القيادات الحزبية ان تجيب عليه .
اما اولئك المتربصين الذين لا يرون بعيونهم العوراء في الوطن الا الاخوان المسلمين هدفا لسهام اقلامهم وعميت عيونهم الاخرى عن كم الفساد الهائل الذي يستشري في اوصال الدولة والذي اوصلنا الى حد طلب المعونة من الصالح والطالح على حد سواء وجعل منا متسولين على ابواب السفارات ، هؤلاء عليهم ان يعلموا ان اثارة موضوع مبادرة زمزم بالنسبة للإخوان لا تعدوا كونها زوبعة في فنجان . فالحركة الكبيرة والعظيمة ذات الجذور العميقة صمدت اما كل محاولات التشويه والتعطيل والإبادة ، صمدت امام طواغيت ومجرمين صمودا اسطوريا عز نظيره . فاندثر هؤلاء الطغاة وبقيت الحركة ثابتة بثبات افكارها التي اطلقها الامام المؤسس.
واخيرا ليس كل من دخل الاخوان دخل الجنة وليس كل من خرج من الاخوان خرج من الجنة ،وساحة الوطن تتسع لجميع الأفكار . وشعارنا نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه . والعمل الجماعي في اطار مؤسسي هو عمل تطوعي وليس اجباري يقتضي الالتزام والطاعة في غير معصية . ولكل واحد الحق في اختيار الطريقة التي يراها مناسبة لخدمة الوطن . ولكن ليس من حق احد ان يفرض وجهة نظره وطريقته على الاخرين.