في العادة عندما تريد أن تحفّز أحد أبنائك للدراسة تقوم بعقد مقارنة بينه وبين أحد الطلبة المتفوقين ، تقول لهُ : ليش فخري علامته أحسن؟! ، فخري بوخذ مصروف أكثر منك ؟! فخري لابس أحسن منك ؟! ، طبعا يقوم الولد بطأطأة رأسهِ ويحمر وجهه ويتمنى لو أنك تسكت ..وطبعا الولد لن يقول لك علامتي أحسن من عشرين واحد بالصف وأنت تركتهم "و نطيت عند فخري ...!"، لن يقولها .!
يعود ابنك في اليوم التالي ليطلب بنطالا جديدا ويقف بحزن أمامك "يابا البنطلون مهتري والاولاد بالمدرسه بضحكوا علي ..." تجيب رأسا وبكل فخر " إحمد ربك ولك شوف مرعد ابن جارنا ...مش لابس بنطلون من أساسه ..!" طبعا هنا أيضا لن يقول لك "ما شفت من الحاره إلا مرعد ..!".
مديرك في العمل يقارنك بوزارات أسوأ أو شركات أعطل ،راتبك الشهري يقارن مع من هم بلا عمل من أساسه ، الطرقات تقارن مع رمال الصحراء المتحركة ، الخضار مع المجاعات ، الطابور في المركز الصحي مع العلاج بالكي بالنار ، وسيارتك مع ركوب الحمير ، شعرك مع صوف الخروف ، طولك مع اقزام جوبيتر وزوجتك تقارن نفسها مع "الشحادات الي بالشارع" ... مش معقول تحكيلك شوف نانسي عجرم مثلا ..!
في العالم العربي هذهِ هي المقارنات وهذا هو الأسلوب المتبع في عقدها، والمؤلم بالأمر انك تسمعها من المسئولين الحكوميين الذين في موقع المسؤولية ؛ الأمن والأمان ... طبعا سيقارنك مع سوريا علما بأنه درس في سويسرا بعثة على حسابك ولكنه سبحان الله ينسى سويسرا عند ذكر الأمن والأمان.
وعند الحديث عن هيبة الدولة سيقارنك مع الصومال ... مع انه ممكن يكون سفير بأمريكا ..! "بس شو دخل هاي بهاي "...!
عند الحديث عن الازدهار الاقتصادي .. سيقارنك مع الكونغو.. ويقول " ما عناش نفط ... " ؛ ليش سويسرا فيها نفط يا آدمي ؟
قارن نفسك بالأسوأ وقل "الحمد لله " ، هذا شعار السواد الأعظم من المسئولين الأردنيين ، لا يقولون لك كيف تمكنت تركيا من النهوض ولا ماليزيا ... عند المقارنة لا يعرفون إلا الأسوأ .
ومن العرف الاجتماعي يستخدمون مثلا شعبيا " الي بطل فوق بتنقزع رقبته " وانا أقول " كمان الي بطاطي .. بتنشل رقبته ويمكن يحصل له أشياء أخرى خلال التدنيق (مع غمزه)...!".
لا تقارنونا بمن هم أسوأ ... اتركوا هذهِ الحجج الواهية ... ليس الدولة الناجحة ولا المسئول الناجح الذي يقارن نفسهُ بمن هم أسوأ ...!
طبعا لن نقارنكم مع مسئولين الدول المتقدمة ... مع أن رواتبكم وامتيازاتكم أكبر ...فنحن نعرف جيداً الفرق ..!
الحمد لله على هؤلاء "المسئولين" الذي ابتلانا بهم ، فلا يُحمد على "المكروه" سواه ...سبحانه عز وجل ..
"ها كيف لعاد ..!"
قصي نسور