عبادة الشيطان لا تطلق في العادة على من يكفرون بالاديان السماوية ويتبعون نقيضها تماما فقط, الا وهو ابليس الذي تسبب في اخراج آدم من الجنة, وانما هو مصطلح يمكن ان ينسحب على عبادات اخرى كثيرة في هذا الزمن وغيره من ازمان سالفة, منها, المال والمصلحة والمنصب والجاه والمتعة وما الى ذلك من شؤون دنيوية اصبحت لها مكانتها على حساب العقيدة الالهية في كثير من الاحيان, وتقوم بهجمة على القيم الروحية التي تحض على ان يتعالى الانسان فيما يسمو اليه تعبدا لله تعالى وان لا يشرك به احدا.
كنا نتابع هذه الظاهرة الشيطانية التي تسود في بعض المجتمعات الغربية منذ عقود من الزمن, ونردها الى النزعة المفرقة في العلمانية وانتهاج الحرية المطلقة من دون ضوابط, والابتعاد عن المعتقدات الربانية من خلال اعتبارها شأنا ذاتيا لا يخص سوى صاحبه, ولم يكن يدور في خلدنا من قريب او بعيد ان تصل مثل هذه الصرعات المشركة والمفجعة الينا وفي عقر دارنا, رغم الطابع المتدين والمحافظ الذي نعتقد انه يشكل سدا عائقا امام ما قد يتدفق الينا من عوامل الانحلال وحتى الانحطاط الانساني الوافدة من الخارج.!
الاعلان عن القاء الجهات الامنية قبل ايام القبض على سبعة من الشبان الاردنيين الذي يقال انهم من "عبدة الشيطان", من خلال مداهمة حفل اقاموه لهذه الغاية في منطقة زي شمال مدينة السلط, بعد ان قدموا الى احدى المزارع الواقعة فيها من العاصمة عمان, كان بمثابة الصدمة المؤلمة التي تؤكد ان ما يشاع عن انتشار مثل هذه البدع الغريبة العجيبة في اوساط شبابنا لم يعد مجرد اوهام لا وجود لها إلا في اذهان من يرددونها, بل ثبت ان لها جذورها على ارض الواقع, وهناك من يظن ان العدد يصل الى الخمسين مع ان المعنيين ينفون ذلك تماما.!
الان وبعد ان تحول الخيال الى حقيقة ماثلة للعيان في اكتشاف ان للشيطان نفسه من يعبدونه بين افراد المجتمع الاردني, حتى لو كانوا قلة هامشية لا يمكن القياس عليها بأي حال من الاحوال, لا بد من تدارس كيفية التعامل مع هذه الظاهرة المستجدة التي لم تكن في حسبان احد على هذا النحو, وعدم اعتبارهم مجرد نزعة طيش شبابية سيهب اولياء امور المتهمين بها لاحتوائها بطريقة او باخرى, لان المهم هو معرفة الدوافع الرئيسية التي تقف وراء مجازفة هؤلاء بكل موروثهم الديني والحضاري والاجتماعي لقاء حفلات "هلوسة" شيطانية يقدمون فيها الولاء والطاعة لغير الله عز وجل.
لا بد من الاعتراف ان مجتمعنا قد شهد تطورات طارئة على اكثر من صعيد, ومنها آفة تعاطي المخدرات على نحو غير مسبوق, حيث اخذت تستوطن بازدياد ملحوظ بعد ان كانت عابرة الى غيرنا, مع تنامي العنف بين مختلف الاوساط الى الدرجة التي اخذ الكثيرون يفرضون فيها الباطل بايديهم, وهذه الحمى الملتهبة من حالات النصب والاحتيال والتعدي على اي شيء مع سبق الاصرار والترصد .. اما اخر ما حرر فهو الشيطان الذي يلعنه الكثيرون, في الوقت الذي يجد فيه بيننا من يعبدونه ويتراقصون حوله.!0