ذات تسكيرة ، كنت أعيش حالة قرف لا تُوصف..خطر ببالي الشاعر محمود درويش (رحمة الله عليه).. رنّيت على موبايله لما طقّيت.. ومحمود لا يرد.. رُد يا محمود رُد..،، وما أنهيتُ محاولاتي الفاشلة إلا و(تاكسي أجرة) يقف أمام بيتي بالغور.. وينزل محمود درويش كالملسوع: افتحلي يا كامل..،، فتحتُ الباب على عجل..: شو في..؟ مالك..؟ قال: طافش.. قلت ما إلي إلا انت.. ما حدا رح يتوقّع إني هون..،، كان محمود يحمل كيسين أسودين.. شيّلني إياهم و قال: جبت عشاي معي.. عشان ما تحملني (إجميلة)..و حتى أخلص من لسانك الزفر..،،.
متى حدثت هذه القصة معي..؟؟ حدثت في الألفين واثنين..،، من هو الشاهد عليها..؟ ولا حدا.. يعني بإمكاني أسرح و أمرح بالتفاصيل على كيف كيفي.. وبإمكاني أن أصنع بطولات لا حدود لها.. لأنّ عنصرها الأساسي وهو (محمود درويش) ذهب مع الشعر العربي بلا رجعة..،، والقصة التي حكيتها لكم توحي بأن علاقتي مع درويش علاقة متينة وقديمة: يعني أكثر من صديق.. وستستغربون إذا قلتُ لكم: كنتُ أمين سرّه الذي لا يعرفه أحد.. ياما شكالي من فلان وعلان.. وياما سألته عن فلان وفلان.. طيب فلان.. وقال لي: لم أسمع باسمه إلا الآن..،،.
وحتى لا ينتهي المقال دون قول ما أريد قوله.. أنا لا أعرف الشاعر درويش إلا كقارئ فقط.. ولم تكن بيني وبينه أية علاقة.. والقصة التي رويتها لكم هي قصة مُختلقة تماماً..،، اختلقتها لكم وأنا أرى وأسمع عن مهنة جديدة ظهرت اسمها (مهنة صديق محمود درويش).. وأقول مهنة لأنّ من يمتهنها لا يرجو من ورائها الشهرة فقط ، بل (التكسّب)..،، فكل من قال لمحمود درويش بالتلفون: آلو.. صار صديقاً و مقرّباً و يعرف تفاصيل التفاصيل..،، وكل من مرّ من جانب سوبر ماركت ، كان درويش مرّ من جانبه ذات يوم ، صار من الدائرة الخاصّة لدرويش..،، والأدهى والأمر.. أن من تصوّر بالصدفة مع درويش أثناء توقيع ديوان ، صار كاتباً لسيرة درويش.. وصار يتقن الجمل التالية (قال لي درويش وهو ممدد.. قال لي وهو واضع يده على خدّه.. قال لي وهو يودعني..)..،، ولم يقل أيّّ من أصدقائه الجدد: قال لي درويش: مشان اللي خلقك ما تحكي على لساني شيئاً لأني ببساطة لا أعرفك..،،.
أرجو من دائرة الأحوال المدنية عندنا في الأردن أن تضيف مهنةً جديدةً ، هي مهنة: صديق محمود درويش..،، حتى إذا ما سألنا أحدهم: إيش بتشتغل؟؟ يصبح لديه الوقاحة الكافية لأن يقول لك: أشتغل صديقاً لمحمود درويش..،،.
abo_watan@yahoo.com