تصريحات ناصر جودة الكارثية !
وقف رجل وسيم المنظر وانيق الهندام امام سقراط، يتبختر ويتباهي بلباسه، ويفاخر بمنظره، فقال له سقراط: تكلم حتى أراك.
من أراد تجربة هذه الفكرة الفلسفية، التي طرحها الفيلسوف اليوناني سقراط، وتجربة سحرها، فما عليه إلا النظر للقاءات وتصريحات وزير الخارجية الأردني ناصر جودة. ومقارنتها بفعل الرجل الوسيم صاحب الهندام !
بداية ألف مبروك، فقد فرح الشعب الأردني بمجرد سماع خبر اطلاق سراح سفيرنا المختطف في ليبيا فواز العيطان، على يد بعض المنظمات الجهادية، وبمساندة من بعض أذرع الدولة الليبية التي تسيطر عليها الفوضى، ما جعل بعض المنظمات تستغلها لصالحها.
كما أننا لا ننكر الجهود الكبيرة، لاجهزتنا الأمنية، ممثلة بدائرة المخابرات العامة، وبعض شيوخ العشائر الأردنية، التي أسهمت بدورها في تنسيق وتسهيل جهود الرجال الذين أخذوا على عاتقهم استعادة سفيرنا إلى حظن وطنه وعائلته.
لكن، هذه الجهود عندما نقارنها بتصريحات وزير الخارجية ناصر جودة، فاننا نجدها وقد تلاشت امام تسرعه، وعدم مسؤوليته.
فالرجل غاب مع بدايات الازمة، لكنه وبقدرة قادر زاد منسوب حضورة مع انفراجها.
نقول ان المتابع لتصريحات الرجل فأنه يصاب بالرعب، والخوف، ويعتقد أن الحكومة الاردنية لا تتابع تصريحات مسؤوليها، بل ويتأكد له أن المسؤولين يصرحون ويعلنون، دون العودة الى رئيسهم المباشر.
جودة هنا خير مثال.
الافراج عن العيطان نهاية كابوس، يقول وزير الخارجية، تعليقاً على اطلاق سراح السفير قبل أيام.
هذا التصريح غبي، لا شك في ذلك، وقد يعتبره البعض سوء تقدير من الوزير.
لكن من يتابع تصريحات جودة بعد ذلك، فأنه يصاب بادهشة، خذ مثلاً، التصريح التالي الذي يقول فيه: الأردن لا يغشى تكرار سيناريو العيطان،
التصريح بهذا الاسلوب وهذه الطريقة لدليل غباء، ولو ان هناك ثمة مجلس واب حقيقي لاستدعى الوزير وتم استجوابه.
أنا، وكثر غيري، لا يعرفون هل الرجل واعي لخطورة تصريحاته، أم هي بالاصل مدروسة وتعتمد هذا الاسلوب لهدف باطني، يحتفظ به السيد جودة لنفسه.
أحقاً امثال هذا هو من يقود الفعل الدبلوماسي الأردني ؟
في هذه المرحلة كان ثمة قنوات للاتصال، واوراق مكنت الدولة باجهزتها، من القيام بالمطلوب على اتم وجه .
لكن، هل من الممكن توافر الاوراق الضاغطة، فيما بعد، في حال تكرر سيناريو العيطان ؟
الوزير جودة قال بعد اطلاق سراح السفير: إن وزارته تتخذ كافة الاجراءات والتدابير الازمة لحماية العاملين في السفارات الاردنية في الخارج.
لكنه لم يقل لنا، إلى الان لماذا، خطف السفير العيطان، وكيف فشلت الخارجية الأردنية في حمايته اصلاً، مع انها تتخذ حسب اقوله كافة التدابير والاجراءات الازمة لحمايته.
الى جانب ذلك، يصرح الرجل: " إن الافراج عن العيطان لم يأتي من فراغ، بل من توجيهات ملكية سامية".
الجملة بحذ ذاتها جميلة، لكن معناها سيء جداً، فالرجل لا يقوم بواجبه كما تتطلبه وظيفته، ودوما ينتظر التوجيهات، كون رؤيته غير مكتملة.
ماذا لو لم يوجه الملك الخارجية ممثلة بوزيرها، هل كان من الممكن اطلاق السفير؟ وهل توجيهات الملك، فعليا انقذت السيد جودة، وعملت على اطالة عمره الافتراضي وفي وزارته !
وعليه، يمكن اعتبار تصريحات الوزير ناصر جودة، وعدم اكتراثه بتكرار سيناريو اختطاف السفير فواز العيطان، دعوة مفتوحة للمنظمات القتالية والارهابية، بالعمل على تكرار تجربتها مرة أخرى، لإرضاخ الدولة الأردنية لمطالبهم، بما يخدم مصالحهم.
فهل تاخذ أقول جودة من قبل هذه المنظمات على محمل الجد يا ترى ؟
روح يا ناصر جودة ...... منك لله ...... !!
خالد عياصرة