رؤيا للداخل العربي
مصر من جديد تثبت انها زند العزم العربي وانها الرافعةالمهمة في مشروع النهضة المغيب من اطراف المؤامرة.
استدل الستار ونصب "السيسي" وصار الرئيس ببيعةشعبية واعتراف عربي ودولي ، ليس انتصاراً للجماهير بل انتصارا للمحور السعودي.
والبداية قبلالربيع العربي وفي زمن تفجر نجم تركيا بحزبها الذي ذهب باتجاه العمق العربي وخاصةبعد رفض الاتحاد الاوروبي الموافقة على عضوية تركيا في الاتحاد، فسقطت ورقة التوتعن القوى الوطنية والليبرالية التركية التي كانت ترفع شعارات التقرب من الجماهيربتحسين الوضع الاقتصادي .
فجاء الحزب الذي خاص تجربة عميقة بمواجهة مؤسسات الدولةبقيادات ناصبت لبعضها العداء فيما بعد، ببرنامج التحسين الاقتصادي اعتمادا علىالاسواق العربية، وما كان ليتم تطبيق البرنامج دون تقرب من الاحساس العربي الذيصدق الرواية التركية (مرمرة) والتي جلبلها شهود عرب ليكونوا الصف الثاني فيجوقة الجعجعة التركية .
ودخلت تركيا الى تفاصيل الحياة اليومية وتجرأ الوجه الابرز في تركيا بالقول(تركيا تستطيع ملئ الفراغ في العراق فيحال خروج القوات الامريكية) فجاء الرد سريعا من قبل المقاومة بانها ستعامل اي قوة اجنبية أياً كانت معاملة المحتل.
محاولة التدخل في العراق وسفينة مرمرة، والهالةالاعلامية عن رئيسٍ يصلي الجمعة ، اعطت للقيادة التركية الحالة القدسية بعدم الاقتراب بالنقد ، واستخدمت تركيا الاعلاموالقوة الناعمة(الادب والفن ) لفرض سيطرتها على العقول و بتجييش اعلامي من جماعةالاخوان المدعومة قطرياً.
سعت امريكا وخاصة بعد احتلال العراق الى تغير منظومةحكمها في المنطقة بعد العديد من الدراسات التي اشارت حينها الى زيادة السخط الشعبيالعربي ضد الحكام ومؤسسات الحكم في كل الاقطار، والخطة الامريكية اعتمدت على استبدال الحكام بأنظمة حكم شعبيةذات التفاف جماهيري وسعت امريكا الى تغير الخارطة السياسية في المنطقة بما يضمنلها استمرار سياساتها الاستراتيجية وحمايةمصالحها.
البداية في العراق عندما شارك "الاخوان" فيمجلس الحكم الانتقالي بقيادة "بريمر" من خلال "طارق الهاشمي"الذي دعم في حينها من تركيا.
وتشكل في تلك الفترة محور الضد والذي شمل (تركيا وقطروسوريا وايران) و تبنى هذا المحور سياسة التمكين الامريكي ، وذهب باتجاه مواجهةالمحور السعودي الذي دعم في البدايات من الكيان الصهيوني الذي انقلب فيما بعد.
وجاءت حرب لبنان لتثبت ان المحور السعودي ضعيف وهش فيتلك المرحلة ، وعندما جاءت حرب غزة التي انتصر بها الانسان الفلسطيني ، وقعتالمواجهة بين المحورين وتم اقصاء اعضاء المحور السعودي في حينه وتقيد حركتهم فيالمنطقة ولم يبقى للمحور السعودي سوى الورقة المصرية كقوة اساس في الصراع.
وكلنا يذكر في تلك الفترة واثناء المعركة كيف تم اقصاءالدور الرسمي الاردني .
ولن ننسى ان مؤتمر اعادة اعمار غزة والذي عقد في تركيا برعايةايرانية استثني منه اي رجل اعمال محسوب على المحور السعودي.
لجأت السعودية الى وسائل نهضة في تلك الفترة فتقربت من المقاومة العراقية وفتحت خطوط معالقوى الوطنية في دولة الاحواز المحتل.
وفي المقابل ذهب محور الضد باتجاه دعم موقفه من خلالالبدء بتشكيل هيئة دعم المقاومة بقيادة الاخوان والتي حاولت تجنيد عدد من القوىالوطنية واليسارية والقومية في هيئتها.
في تلك الفترةكان من المبكر جدا الحديث عن استبدال الاخوان بالأنظمة القائمة والفكرة كانتتتمحور ان يكون الاخوان ورقة الضغط الشعبي على الانظمة لصالح عدد من المواقفوالتشريعات ومن اهمها الاصلاح في انظمةالحكم واحتواء اي حركة شعبية غاضبة لا تعرف نتائجها.
وجاءت الثورة في تونس لتفاجئ الجميع وتربك المحورين، فيتونس لم يشارك الاخوان في بدايات الثورة والتحقوا بها فيما بعد وفي اليمن انقلبالاخوان على حليفهم الرئيسي "على عبدالله صالح" بعد بدء الثورة هناك فكادت السعودية ان تخسر احد اعضاء محورها لو تدخلالسعودية بما سمي حينها المبادرة الخليجية التي ابقت الحكم لصالح حزب "عليعبدالله صالح".
في مصر تراجعت القوى التي مهدت للثورة وعلى رأسها حركة"كفاية" ليتشكل ائتلاف قيادةالثورة ، سارع الاخوان ليشاركوا به بعد بدء الاعتصام في ميدان التحرير.
انطلاق الثورة في سوريا اربك محور الضد بين تركيا وقطر من جهة وبين ايران وسوريا من جهة اخرى ، حاول الاخوان اداة مشروع محور الضد ان يحافظوا على علاقة جيدة معايران وان ينفذوا سياسة المحور الجديد وامريكا ذهبت باتجاه التأييد العلني للمحور الجديد ، وغض النظر عن المحور(الايراني ، السوري).
خاض الاخوان معركة الرئاسة في مصر و وصلوا الى موقعالرئاسة، بدون برنامج للحكم او النهوض ، ولان الشعب المصري كان ينتظر نتائج حقيقيةو ملموسة للثورة وقع الاخوان في شباكالتصيد من القوى المعارضة والتي اسهمت بتحطيم صورة الاخوان شعبياً وايضا فشل الاخوان بتحقيق اي مشروع لتخفيف حدة التوتر الشعبي، وظهر جلياً التنسيق الاخواني مع اطراف متعصبةتكفيرية في سيناء.
ركز الاخوان على التحرك الهلامي الغير واضح للوزراء والذي لم يأتي بأي نتيجة تذكر لصالحالشعب، وركز ايضا على شخصية الرئيس بدغدغة العواطف من انه يصلي و يؤم المصلين .
استطاعت القوى الوطنية في الشارع المصري متحالفة معتيارات الضد في الشارع من اتباع النظامالمخلوع "مبارك" والقوى المحسوبة على "السعودية" بالذهابباتجاه اسقاط النظام الاخواني الذي لم يتعامل بعقلية الدولة بل بعقلية التنظيم الإقصائية مع المحتجين.
سقط نظام الحكم في مصر فسجل لمصر انها خلعت رئيسين خلال عامين، وهنا ذهب الاخوان باتجاهاستعادة مركزها الا انها فشلت واعطت وجه البرنامج للحكم الجديد في مصر "الامن، الغذاء" ، وبتقديري ان "السيسي" لا يمتلك اي مشروع للنهوض في مصروحملته الانتخابية اعتمدت بالأساس على اظهاره بمظهر (ابن البلد ) الذي يحفظ امن(الغلابه).
فالاخوان اعطوابرنامج الحكم للرئيس المنتخب.
القوى الوطنية في كل الاقطار العربية والتي لم تنتمي لأيمحور طرحت مبادرة الاسقاط الشرعي من خلالصناديق الانتخاب وعلى اساس انتخابات مبكرة في مصر، الاطراف جميعا رفضت الفكرة فيمصر.
المحور السعودي استطاع ان يعيد لعباءته زمام المبادرة بإعادةمصر الرسمية للمحور واقصاء قطر من اي دور في الشارع العربي، وذهب المحور الايرانيباتجاه الاستعانة بروسيا والصين لاستكمال مشروعه.
الواضح في المنطقة ان امريكا و الكيان الصهيوني يتلاعبونبكل المحاور ويدعمون الاطراف جميعاً، فحق القول ان المشروع الامريكي هو المسيطر والاقوى.
الربيع العربي اثبت انه فشل في تحقيق اي مطلب له، والقوىالوطنية الحرة بعيدة عن مركز الصراع، وان المطلب الشعبي هو (الامن والغذاء) وهو ديباجة مشاريع المحاوركلها .
والرهان اليوم فقط على المقاومة في العراق وعلى صمودالمقاتل الحر الغير منتسب او ملتحق في اي مشروع سوى المشروع الوطني الحر فيسوريا ضد ايران وحلفائها.
المطالب اليوم اعادة تنظيم الصفوف من القوى الوطنيةالتحررية بشعار اقصاء اي قوى التحقت بأي معسكر من معسكرات المحاور في المنطقة.
ما نريده وما تتوق اليه الجماهير اليوم هو مشروع وطني تحرري وحدوي، وما نراه ان هناك قوى لم تتلوث بالتبعية للمحاور ، وماينقصها اللقاء والانطلاقة.