الموقف الغربي المتصهين تاريخيا مفهوم من جهة حماس، والمقاومة الفلسطينية، ومن الإسلام الشامل، والحق العربي االإسلامي في الحياة!!
أما الشيء الغريب والمُشين والمخجل فهو موقف النُّظم العربية، ورموز سياستها وإعلامها وأذنابها، ولفيف مرتزقتها، ويبدو أن هذا الموقف- الذي لم تَخْفَ جذورُه للمتابعين من بدايات القرن - قد جاء ليقطع الشك باليقين، ويكون أكثر وضوحا وثُبوتا، ويُظهر الافتراق الكامل بين مشروع النظم، والغاية التي جاءت من أجلها، واكتسبت شرعيتها منها، وهي رعاية مصالح الأمة، وتحقيق هويتها، وتثبيت حقوقها، وتحقيق آمال وطموحات شعوبها، وبين حقيقة الدور الذي تمارسه عمليا منذ نشأتها!!
ليتَ الأمرَ وقف عند حدِّ افتراق المسارين، لكنه - وكما أظهرت الحرب على غزة تموز2014م- تحوَّل إلى شراكةٍ، وتَمَاهٍ، وتلاحُمٍ مُنقطعِ النّظير في العالم، بين العدوّ التاريخي للأمة، وبين النظم الموكول إليها مهمّة إخراج الشعوب من معادلة الصراع، وتأمين حدود إسرائيل، ورعاية استقرارها!!
الأسوأ من ذلك كله هو الحالة تُظهرُ حقيقة المواقفِ السياسية والأمنية من الأزمة القائمة، والتي يعبر عنها الرسميّون بقدر كبير من السذاجة في محاولة بائسة، لإخفاء ضلوعهم في المؤامرة، وبقدرٍ أكبرَ من الفَجَاجة والنّذالة، التي تُظهرها وسائل الإعلام المحسوبة عليهم، وهي تعكس حقيقة موقفهم، وتُعبّير عنه بصورة غاية في السقوط والإسفاف الأخلاقي، وتزخر بها مواقع التواصل!!
الوَغد هو الرّذلُ النّذل الدّنيء الحَقير، والأحمقُ صغيرُ العقل، وتافه الغاية، وهو الرّجل - مجازا - الذي يخدمُ مُقابل طعامِ بطنه.
هذا حين يخدم أناسا - ربما كانوا من عموم الناس أو كرامهم - فما بالكم حين يخدم أرذلَ الناس، وأحقرَهم، وأهونَهم على الله من بني صهيون، سواءٌ كان زعيما أو وزيرا أو جنرالا، أو عبدَ عبدٍ يَدّعي - كذبا - أنه فينا رئيسٌ أو وزيرٌ أو جنرال!!!
عبيدٌ وعبيدُ عبيدٍ.. أوغادٌ عكفوا على تحطيم مقومات نهوض الأمة، وسلخها من دينها وعقيدتها وتراثها، ومسخ هويتها، وإلغاء دورها الحضاري، وغدوا كلاب حراسة لأعدئها ومبغضيها، مقابلَ وَهْمِ مُلك، وملءِ كرش، ونزوةِ فرج، ما عتادوا شهامة ولا نخوة، ولا عرفوا كرامة ولا عزّة، وما اعتادوا إلا كل دَنئ وخَسيس تافه، حتى لكأنّهم الذين وصفهم الشاعر بقوله:
عَكفَ العَنيدُ عَلى الخَديعة مِثلَما***عَكَفت عَلى رَوثِ البَهيم الخُنْفُسا
وَاِعتادَ أَكلَ البعرِ، حَتّى ظَنَّهُ***أَحلى مِن الرُّطبِ الجنيِّ، وَأَسْلَسَا
وَرَبَا، فَكانَ إِذا تَمرّضَ طَبعُه*** وَأتَوا بِهِ، كَي يَعرِضوه عَلى الإِسا(الطبيب)
وَصَفوا لَهُ بَول الكِلاب تَرشُّفاً***قَبلَ المَنام، وَبَعد ذَاكَ تَغَطُّسَا
ووالله إن ما يتوهونه من مكانة ومتاع وغنى ورفاه، على حساب دينهم وأمتهم وشعوبهم، وما يأتون به من خيانة، لَأدنى وأحقر من بَعْرِ الدَّواب، وبول الكلاب، وأن اعتقدوه أطيب من رطب النخل وجنى النحل!!
هذا الصنف عارٌ في الأمة، ولا يمتُّ لها بِصِلةٍ، ولا ينتسب ليها، ولا يدري شيئا عن تاريخا وشرفها.. خُلِق في قصرٍ حَظيرة!! وتوسَّدَ عتَبَةَ المذلةِ الوثيرة!! وألِفَ عِشْرةَ الدّنايا والخزايا، فتَرَاه يُقبّلُ القدَمَ الرَّاكلة، ويلحسُ الحذاء الدّائسة على الهامة، على حدّ وصف محمد إقبال رحمه الله تعالى شاكيا هذا الصنف الوضيع من الناس، ومحذرا من خطره على مشروع الأمة:
آهِ مِــــن وَغـــْـدٍ ذلــيــلٍ يــائـــسِ***هـالـكٍ مـِــن ركـــلاتِ الـحــارسِ
يـائــسٌ فَـسْــلٌ حَـلـيــفُ الـخَـيـبـة *** شِـقْـوَةٌ فـــي خِـسَّــةٍ فــــي ذِلَّـــةِ
لـيــس إلا الـحـقـدَ فـــي جـَوهــرِه *** لـيـس إلا الـعَـجـزَ فـــي مـخـبـرِه
حماسُ وفصائلُ المقاومة، وقادتها السياسيون، وبرنامجها، ومرجعيّتها الدينية - تمثلُ ضمر الأمة وروحها، وعنوانها الحقيقي في معركتها التاريخية، وجذرها الضّارب في عمق الزمن، موصولا بنبع بدر ، وأحد، واليرموك ، وحطين!!
هم القادة الحقيقيون للأمة، مُتَوّجون لا ينتظرون موافقةَ العبيد..هم قادمون كالعافية للبدن.. هادرون كالسيل المغيث .. قاصفون كالرعود في دنيا يهود، وربائب يهود، أنارَت عقولهم، وشجُعَت قلوبهم:
نَـّـيِّــرُ الـفــكــرِ يـَـقُـــودُ الـعَــمَــلا ***مـثـلَ بــرقٍ قــادَ رَعــداً جَـلْـجَـلا
حماس والمقاومة تجسيدٌ للوعد الرباني في الكتاب الكريم: {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ، لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً}.
وهم الطائفة المصورة المذكروة في الحديث الشريف، والمبشّرة بأنه لا يضرها من خذلها وتآمر عليها. ومن شكَّك في هذا، فهو مُشكِّك بأصول الدين والعقيدة، ومخوف عليه سوء الخاتمة.
حماس المجاهدة، ومن معها من الفصائل، هُديت السبيل، وشربت السلسبيل من بطحاء مكة.. مكة إبراهيم ومحمد عليهما السلام، في حين شرب الأعراب من قارِ النفطِ، وأسقوا بني صهيون لعربدوا في قداسة القدس، فزدادوا سوادا، وغشاهم العار!!
بان السبيل ولا عذر لمتقاعد أو عاجز، وكُلّ حرّ مدعوّ للتّدارك:
مِن حَرُورِ البِيدِ فاشرَبْ يا رفيق*** واشربَنْ مِن تَمرها الرَّاح العتيقْ
فإن أبَيتَ، ولم تفعلْ، فما أنت مِن الله ولا من رسوله ولا من دينه، ولا من صالح المؤمنين!!
ما أنت حينها إلا عارٌ في الحياة:
أنت للذُّلِّ أَرَحْتَ البَدَنا *** أنت للإسلامِ عارٌ في الدّنَى!!
وما أنت بفاعل إن شاء الله، أيها المسلم الحرّ، وما أنت بفاعل إن شاء الله تعالى!!!