زاد الاردن الاخباري -
جرش – خاص – عبدالناصر الزعبي - في الوقت الذي تتلقف فيه مستشفى جرش مكارم جلالة الملك والبالغة 3,5 مليون دينار لاعادة صيانة وترميم المستشفى القديم يصيبها نقص حاد في عدد الاطباء الجراحين جراء عدم تزويد وزارة الصحة للمستشفى باطباء جراحين جدد.
وفي حين ترك الجراحون المتبقون في المستشفى يعانون من زخم في المناوبات التي تقع على عاتقهم وازدياد كبير في عدد العمليات الجراحية التي يجرونها وتصل لاعلى المعدلات اليومية والذي يفوق قدراتهم البشرية، مقلصين مع هذه الضعوطات ساعات راحتهم، وتنازلوا عن تواصلهم الاجتماعي والاسري، مضحين لاجل المرضى، غير مكترثين لتعبهم واعيائهم على نتائج اي خطأ طبي، يقع معهم نتيجة الضغط الذي يفوق طاقتهم، بعد ان رهنوا انفسهم لهذا القيمة الانسانية.
واصبحوا يعانون بشكل كبير ومحتارين بعد ان "طنش" الوزير مطالباتهم لامدادهم برفاق مهنة جدد على مدى شهور، وبقيت فاكسات الادارة التي تؤكد حجم المشكلة في مستشفى جرش دون جدوى، وبعد ان بعث مندوبنا للوزير رسالة خلوية توضح حجم المشكلة، تم مدهم مؤخرا بطبيب واحد، قد يخفف وجوده من المشكلة ولا يحلها.
انعكاسات النقص لم تقف عند خلق اشكالية للاطباء فقد شكا مرضى -بحاجة للجراحة- وعدد من ذويهم، من طول الفترات، التي تعطى لهم كموعد لاجراء العمليات التي يحتاجونها، وذلك بسبب ارتفاع معدل عدد العمليات اليومي، مما يزيد من فترة معاناتهم.
ومن جانب اخر شكا قسم كبير منهم الاجراء المتبع من قبل الجراحين في تحويلهم لمستشفيات مساندة اخرى خارج المحافظة لاجراء العمليات الجراحية اللازمة لهم، مما يوقع عليهم معاناة اظافية في المواصلات، والتنقل هم وذويهم، لاتمام مراحل العلاج، التي كان من الممكن اختصارها في مستشفى جرش..
الجراحون راودتهم انفسهم للغياب عن مناوباتهم الاظافية التي يناوبونها من غير وجه حق، ليبقوا متعاطفين مع زميلهم مدير المستشفى الجراح علي محاسنة، والذي اطلع الوزارة على النقص وكان يقوم بالمراسلة اليومية حول الموضوع من خلال ارسال الفاكسات. الى ان ضاقت ذرعا باطباء الجراحة وتغيبوا ليلتين اظطر فيها مدير المستشفى ولدوافعه الانسانية ان يقوم هو بالمناوبة.
يقول البعض "كفارة خطايا" بقصد التخفيف عن المصاب الصحي للدلالة على الاجر الذي يجزي به الله كل مؤمن لقاء مرضه ولكن هذه العبارة يغمرها شئ من الخبث اذ تدل ايظا على كثرة اقتراف الخطايا لهذا المريض الذي يذعن لزواره وعواديه قائلا "انشاء الله.. والله يسلمكم من كل شر".
ولأني منهم.. ادخلت مستشفى جرى الجمعة قبل الماضية واجريت لى عملية جراحية مستعجلة صباح يوم السبت الماضي على يد الجراح الماهر الدكتور على محاسنة وكان يومها على القوائم عشرة مرضى مجهزين ليجري لهم الجراحة، وهذا العدد يتسبب بإجهاد كبير لاي طبيب جراحة.
وخرجت من المستشفى يوم الاثنين الماضي. وراجعت للكشف على الجرح اكثر من مرة مما هيئ لي ظرفي هذا الاطلاع على كل هذه التفاصيل وكنت حاولت بعدها الاتصال بالوزير النشيط لاخذ رأيه ودفعه لحل مشكلة الجراحين في جرش، لانهم كانوا يتراوحون بين الغياب والاضراب. ورأيتهم " كــ زراطين الموس" محتارين في ابعاد مشكلتهم الانسانية والوظيفية..
هم تعاملوا مع الموس بروح المسؤولية كونهم اطباء جراحة ولا تزعجهم "الامواس"
ملاحظتي التي لا تغيب عن ذهني هي مشاهدتي لطواقم التمرض في قسم الجراحة رجال وهم يدبون بنشاط وبجد. يعكفون في مناوبتهم على الاهتمام البالغ بالمرضى وبواجباتهم الصحية تجاههم.. والله يعطيهم العافية هم والاطباء الجراحين والذين لمست فيهم المهنية والانسانية الفياضة