لعلّه ليس من قبيل المصادفة أن تخطو نقابة المعلمين الأردنيين، بدورتيها: الأولى والثانية حتى الآن، نحو حالة فقدان لنقيب، يقود مرحلة توظيف رؤية شاملة لتحقيق طموحات المعلمين من جهة،وقادر على توحيد صفّهم على اختلاف تياراتهم الفكريّة،من جهة أخرى؛ ليسهل تحقيق تلك الرؤية والأهداف.
ففي دورتها الأولى جاء تحالف النقيب مع تنظيم الإخوان،فأعقب نقيبا بلا حقيبة،ليبدأ عهد التهميش والعزل،ربّما حينها، لم يكن يدرك ألاعيب التنظيم ومرجعياته، كلعبة "التصويت"،الديمقراطيّة المفرغة من أدنى مفاهيمها،حين يرفع القائد التنظيميّ يده؛ فيثني عليه الأتباع والرعيّة، دون أبسط حدود التفكير،أو استخدام العقل،أو حتى محاولة فهم لمقتضيات المصلحة العامة للمعلمين،فهم بالأصل ممنوعون من التفكير.
وعليه،لم يتبقى للنقيب إلا لسانه فصوته، فالتفوا عليه وصادروه،مبتدعين بدهاء ومكر مسمّى "الناطق الإعلاميّ"،الإخوانيّ التنظيم،لتكون سابقة نقابيّة إبداعيّة،مخالفين بذلك قانون النقابة ونظامها الداخليّ،ولا غرابة بذلك، إذ يحقّ للتنظيم "شرعا" ما لا يحقّ لغيره،فكان العزل شبه المطلق،ومضت النقابة سنتين (هي دورتها الأولى) بلا نقيب،وهنا أسجل : لست متعاطفا (من الزاوية العملاتيّة) مع نقيبنا السابق،فعلى نفسها جنت بَراقش،إذ يكفي ما ندفعه،كمعلمين وقوى وطنيّة، وحتى اللحظة ثمنا لهذا التحالف.
وفي دورتها الثانية،وبعد انقضاء أربعة أشهر "تقريبا" من عمر مجلسها، نقف أمام حالة النقيب الثاني للمعلمين،أحد أعضاء التنظيم الإخوانيّ،حمله حسن طالعه لا تاريخه النضاليّ،ليعتلي منصّة النقابة،بأولويّة مرتبته الحزبيّة،لا كفائته القياديّة،وتعويضا لذلك بقي الناطق الإعلاميّ (غير الشرعي) خلف دفّة منصبه،بوظيفتين أساسيّتين،الأولى: " قلب الباطل حقّا،والحقّ باطلا " وكأنّ لسان حاله يقول: اللهمّ أرنا الباطل حقّا،وارزقنا اتباعه،وأرنا الحقّ باطلا ،وارزقنا اجتنابه.
والثانية: كيل التهم والشتائم لشخوص الأصوات المعارضه والناقده لنهج مجلس النقابة،بشتائم تعلّموها في مدرسة التنظيم،لم نعهدها في تاريخ مؤسساتنا المدنيّة وغير المدنيّة،يساعده في ذلك الجهاز أو الفصيل الإعلاميّ،الذراع اللسانيّ للتنظيم.
أمّا النقيب،فغائب الجسد والروح والفعل،ضمّخه الفشل بأن يكون نقيبا لجميع المعلمين،واختار الانكفاء إلى أعضاء التنظيم وأعوانه، مكتفيا بصور متكلّفة، تحاول عبثا، شرح بطولات دينكوشوتيّة فارغة،لا تقنع إلا رفاقه وهواته،وكأنّ لسان حال واقعنا يقول : كُتب على نقابة المعلمين " أن تبقى نقابة بلا نقيب ".
رائد العزام