أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
هيئة الطاقة والمعادن تتلقى طلبين للاستثمار في تعبئة أسطوانات الغاز البلاستيكية ولي العهد: لقاء مثمر مع الرئيس التركي أردوغان التحقيق في نشر "فيديو مفبرك" لترامب وماسك داخل وزارة أميركية شقيقة آية عادل تفجر مفاجآت بشأن وفاتها الجامعة الهاشمية تحتفل بميلاد الملك وتطلق مغناة وطنية للهاشميين ولي العهد يلتقي الرئيس التركي وينقل له دعوة الملك لزيارة الأردن فيديو .. سجال بين ترامب وماكرون على الهواء وماسك يغرد بريطانيا تعلن أكبر ميزانية عسكرية منذ الحرب الباردة رئيس هيئة الأركان المشتركة يستقبل وفدا كنديا الخارجية تتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير أثيوبيا "الإعلام النيابية "تبحث تحديات الصحف الورقية وسبل دعمها الأردن يستضيف إحدى جولات كأس باها آسيا للدراجات النارية "فيم" للمرة الأولى الخارجية تتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير فيتنام "زراعة النواب" تبحث تخفيف الأعباء الضريبية عن المزارعين الدبابات تجوب مخيم جنين والاحتلال يهدم منازل بالضفة رئيس هيئة الأركان المشتركة يستقبل وفداً عسكرياً إماراتياً الاستثمار النيابية: كل الوزارات معنية بالتحديث الاقتصادي مجلس الامانة يسمح بإعادة تسجيل تصاريح وسائط نقل الركاب المنتهي ترخيصها من خمس سنوات فرصة عمل في السفارة الأمريكية الصحة العالمية: 7 مليارات دولار خسائر القطاع الصحي في غزة والضفة
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام صدام حسين وأسطورة الملاك والشيطان!

صدام حسين وأسطورة الملاك والشيطان!

11-01-2010 01:51 PM

في الأفلام السينمائية الهندية بشكل خاص، وربما في معظم الأفلام أيا تكن جنسيتها بوجه عام، كثيراً ما تفاجئني طريقة تصوير الشخصيات؛ إذ يتم تقديمها في العادة ضمن رؤية ثنائية بالغة التناقض، فإما أن تكون الشخصية موغلة في القسوة واللؤم والفساد والشر، وكأنها تمثل الشيطان ذاته، وإما أن تكون مفرطة في الرقة والبراءة والطهارة والخير، وكأنها تعبر عن الملائكة نفسها! هذا المنطق المانوي التي يقسم الناس إلى ملائكة وقديسين هو منطق ساذج ومضلل وواهم؛ فالناس ليسو كذلك في واقع الأمر، وهم يتحركون على مسرح الحياة ضمن هامش متدرج يتداخل فيه الخير والشر، وتتقاطع فيه قوى الظلام مع قوى النور!
مناسبة إيراد هذه المقدمة تتعلق بالضجة الصاخبة التي ارتبطت بإقدام مجلس بلدي لقرية صغيرة في جنوب الأردن على تسمية شارع فيها باسم الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين"، فقد قامت قيامة الكثيرين ولم تقعد احتجاجاً على تلك الخطوة، وكأنها نهاية العالم! والمثير حقاً هو انقسام الناس على نحو حاد، كما يظهر على الأقل في التعقيبات على الأخبار المتعلقة بالواقعة وردود الفعل حولها على المواقع  الإلكترونية، فبعض الناس يهاجمون قرار المجلس البلدي ويرون فيه خطيئة فظيعة لا تغتفر، وكأن المجلس قام بوضع اسم إبليس شخصياً على قارعة الشارع المغمور، فيما يدافع آخرون عن القرار بحرقة، وكأن الشارع قد أصبح مقدساً بعد تسميته الجديدة وسيهوي إلى حمأة الفجور إذا ما تم تغيير الاسم!
أتذكر، ولا أظن أن أحداً قد نسي بعد، أن صدام قد انتقل إلى رحمة ربه مشنوقاً أمام عيون الملايين ممن يمجدونه ويدعون حبه، فماذا فعل له كل أولئك الملايين!؟ لا أظنه يحتاج الآن إلى أن يسموا شوارعهم وأطفالهم باسمه، بل أظنه يود ألا يسمع باسمه يتردد على ألسنتهم أبداً، بعد أن خذلوه شر خذلان، وتركوه لقوى الجبن تقتاده جهاراً نهاراً إلى خشبة إعدامه ليضحى به في صبيحة "عيد" دموي يقطر بالحزن والذل!
صدام لم يكن ملاكاً، لكنه لم يكن شيطاناً أيضاً، كان رجلاً سولت له السلطة المطلقة التي حظي بها أن يطلق ليده وقلبه، قبل عقله العنان، فأصاب وأخطأ، وعدل وظلم، وأصلح وخرب، وأفرح وأبكى، لكنه لم يكن عميلاً أو خائناً قطعاً، فمات ميتة مشرفة وهو واقف، كما تموت الأشجار الأبية واقفة.
صدام غدا جزءاً من تاريخ أمتنا، نخطئ كثيراً ونخدع أنفسنا أكثر إذا ما ظننا أن الناس سينسوه قبل مرور وقت طويل؛ إذ سيظل في ذاكرة بعضهم ذلك الفارس النبيل الذي جاء في زمن قبيح لا يؤمن بقيم الفروسية والنبالة، فاستحق أن ينقش اسمه على قلوب الناس قبل شوارعهم، كما سيظل في ذاكرة بعضهم ذلك المستبد الأرعن الذي أحدث في قلب الأمة جرحاً غائراً لا يكاد يشفى، فاستأهل أن يلقى إلى أقسى محاكم التاريخ، غير أن الرجل في حقيقة الأمر هو بعض هذا وبعض ذاك في منطق العقل الرشيد، الذي يرفض تأليه القادة أو الانحطاط بهم إلى مرتبة الشياطين، فهم بشر، وهل ثمة من هو معصوم عن الخطأ من بني البشر!؟
لم تكن الدنيا لتتهدم حتماً عندما قرر المجلس البلدي تسمية الشارع باسم صدام، كما لم تكن لتتزلزل عندما قرر بعض الإخوة إطلاق اسم "بوش" على أولادهم وتعليق صوره على جدران بيوتهم! نسيان صفعات التاريخ قد يكون ممكناً ومفيداً في بعض الحالات، لكن إلغاء التاريخ غير ممكن، والبعض يريدون أن يلغوه بجرة قلم أو بتهديد، وكم هذا مثير للرثاء!
حتى الشيطان اللعين وجد من يعبده في هذا العالم، وربما تغض بعض المجتمعات الطرف عن عبّاده، صدام لم يكن شيطاناً بالرغم من خطاياه، فلماذا لا نغض الطرف عن تسمية شارع صغير باسمه!؟ أوليست هذه هي الديمقراطية التي نتحدث عنها ليل نهار!؟ فموقف المجلس البلدي المنتخب لم يكن يمثل الموقف الرسمي للدولة، فلماذا نجبر المجلس على التراجع عن قراره!؟
عندما يبدأ العرب برؤية العالم بألوانه الحقيقية التي تتجاوز الأبيض والأسود، سنكون قد بدأنا نعود إلى الطريق المشرق من التاريخ، وحتى ذلك اليوم، فيا لحلكة الظلام الذي سيظل يلف دروبنا من كل صوب!





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع