زاد الاردن الاخباري -
لقد خاض العرب غمار تجارب كثيرة في المفاوضات مع العدو الصهيوني المدعوم من القوى العالمية المهيمنة على الساحة الدولية بالقوة والسطوة والجبروت والتي تفرض إرادتها على القوى المستضعفة من دول العالم الثاث خاصة والتي تنتمي إليها الدول العربية ومعظم دول آسيا وإفريقيا وقد كان العرب في كل تفاوض يخرجون خالي الوفاض بل يخسرون المكاسب التي كانوا يحققونها في ساحات القتال لتصب في مصلحة الدولة العبرية كما حصل في اتفاقيات رودس واتفاقيات الانسحاب الصهيوني بعد العدوان الثلاثي على مصر.
والتي تم التنازل بموجبها عن أم الرشراش وتحولت إلى إيلات الميناء الصهيوني في خليج العقبة وكذلك اتفاقيات كامب ديفيد التي حققت للدولة العبرية حلمها بتحييد الحوت المصري من الصراع العربي الصهيوني وتركت الساحة العربية عامة تندب حظها وتقف حائرة أمام الصلف الصهيوني الذي حدود له فاجتاحت جنوب لبنان حتى بيروت وأخرجت الثورة الفلسطينية منها والدور المصري كان هو مساعدة الدولة العبرية في إخراج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت حتى أنها لم تستقبلهم على أرضها بل اتجهوا إلى تونس والسودان واليمن والدور المصري منذ اتفاقية كامب ديفيد لم يخرج عن هذا الإطار بل إن ما تقوم به القوات المصرية في سيناء هو بمباركة اسرائيلية ليقوم الجيش المصري بالدور الذي يفترض أن يقوم به الجيش الصهيوني في مقاتلة ما أطلق عليهم بالإرهابيين مع أن هؤلاء الإرهابيين وفق ادعاءاتهم هم من خدموا الجيش المصري في حرب معركة العبور .
وهم أبناء منظمة سيناء العربية التي أعلن عنها عبد الناصر رحمه الله في خطابه الشهير بعد معركة الكرامة الأردنية التي مجدها ومجد دور الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية فيها ولمن يريد معرفة المزيد عنها عليه الرجوع للخطاب..
وعودة للخطاب حين ضاقت السبل بالرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد حرب أكتوبر وأخذ يزور دولاًعربية سأله وبطريقة سمجة وغير لائقة صحفي في دولة منها "كم حامل بالشنطة معك ؟ " ضاقت السبل بعدها بأنور السادات وقرر إنقاذ مصر اقتصادياً فأطلق مبادرته المعهودة من مجلس الشعب المصري أنه مستعد لزيارة القدس لتوقيع اتفاقية سلام فخاض غمار المفاوضات التي سحبت من مصر انتصارها على العدو الصهيوني وكبلها وجعلها تقف عاجزة أمام تقديم العون للفلسطينيين بأكثر من الدور الذي تلعبه حالياً دور الوسيط بين الضحية والجلاد والآن ووفق تقديري فإن المقاومة الفلسطينية التي صمدت في غزة تخوض نفس الدور الذي حصل مع مصر ما بعد حرب أكتوبر نتيجة تخلي الرسميين العرب عنها بما فيها مصر بتبريرات لعبت السي آي إي والموساد الإسرائيلي فيها والأيام ستثبت صحة ما أقول أن جهات استخبارية هي من تقوم بقتل الجنود المصريين في سيناء لبث الفتنة وشق الصفوف وعودة إلى المفاوضات أنبه المتفاوضين الآن في مصر والذين يمثلهم الوفد الموحد من مقاومة وسلطة أن يستفيدوا من دروس المفاوضات التي أجرتها السلطة وعلى مدار عشرين عاماً >
منذ اتفاقية أوسلو والتي كان من المفترض أن يتم بحث والاتفاق على الحل النهائي بموجبها بعد خمس سنوات من توقيعها أن المفاوضات لم تود إلى شيء بل تمكنت الدولة الصهيونية من تقليص مساحة الأرض التابعة للسلطة الفلسطينية وأحيطت التجمعات السكانية في الضفة الغربية بجدر وشوارع التفافية واحيطت بها مستوطنات وحولت تلك التجمعات إلى سجون كبيرة يتم إعلاق منافذها واعتفال أو اعتيال من تريد منها في أي وقت تريد وأقول لهم أرجو أن يكونوا على علم ودراية بما كان حتى لا يبقون يدورون في الحلقة المفرغة فالمؤمن كيِّس فطن ولا يجب أن يبقى يلدغ من ذات الجحر.
فهو ليس بنعامة تخفي رأسها في الرمال ظنّاً منها أنه لا يراها أحد ، فللتفاوض قواعد وأسس لا بد لمن يخوض غمارها أن يكون على وعي وإدراك بالذي يتفاوض من أجله وأن يكون على دراية تامة بمن يقابله وبما يحمله من خبث ودهاء كما أنه يتوجب أن يكون من ضمن الفريق الملقى عليه المهمة خبراء قانون واقتصاد وعلماء نفس ومنطق حتى لا يقع المحظور فمعلوم أن الأشعرية لا تفيد في عملية التفاوض أي أن حسن النوايا يجب أن توضع جانباً وعلى الشخص المفاوض أن لا يرضى بأول عرض يقدم له حتى لا يظن الفريق المقابل أو يتخيل أنه لو قدم أقل ما هو منه سيكون مقبولاً.
وأن يكون مدركاً لأساليب الابتزاز أو الإثارة حتى لا يفقد أعصابه وبفقد التركيز في مهمته كما أنه لا بد أن تكون هناك على طاولة البحث بنود أساسية لا يمكن التخلي عنها وتراتب في القضايا التي يجري التفاوض عليها كما أنه يتوجب أن يكون هناك قدر كاف من المعلومات التي سيتم التفاوض بشأنها مع الخصم لأن مثل هذه المعلومات ستزيد الفريق المفاوض بالثقة بالنفس فالمعلومات قوة لا يستهان بها في العملية التفاوضية كما أن المفاوض عليه أن يكون قوياً لأن القوة جوهر الحقيقة فإحساس المفاوض بقوة موقفه مبدأهام جداً و التمسك وعدم التنازل عن المطالب أهم لأن التنازل في العمل الدبلوماسي التفاوضي "خرافة" حسن النية ويضعف الموقف أمام الخصم الذي يطمع بالمزيد من التنازلات والتي تمكنه على أن يحرز نقطة بمعنى أن الصلابة في المفاوضات لها مكاسب كثيرة وتحقق المأمول في الحصول على أكبر قدر من المتوقع.
عبدالحميد الهمشري