قبل ان ابدا حديثي الى نقابة المعلمين يجب ان انوه الى مجموعة أساسية من القضايا التي يستند اليها النقاش في هذه الرسالة، القضايا الأولى و هي الأهم ان هذه النقابة تضم تربويين قبل ان يكونوا معلمين و هذه الفئة من الناس لا يكون انتاجها و نتائج اعمالها في المدى القريب بل يمتد الى اكثر من مائة عام، فتعليم شعب او امة تكون نتائجه بعد مائة عام و ليس آنيا و في مدى قريب او حتى المدى الطويل المتعارف علية في عملية التخطيط.
و بعبارة اخرى فان التصرفات التي تقوم فيها النقابة تركز منهجا تربويا و نقابيا و ممارسة ديمقراطية لا تنعكس على تحقيق المطالب الآنية ذات الأثر المادي و على فئة المعلمين بل تمتد الى الممارسات المستقبلية على النقابات الأخرى في المستقبل و على الأجيال القادمة و في مدى قد يمتد الى عشرات السنوات و بالتالي فان من الاهم عند اي تصرف تقوم به النقابة يجب ان يأخذ بعين الاعتبار و يتمشى مع الرسالة التربوية و الرسالة المقدسة التي تطوع المعلم لحملها عبر العصور الماضية و التي ستبقى على مدار العصور القادمة.
و النقطة الثانية التي تنبثق من الدور التربوية و الرسالة المقدسة التي يحملها المعلم هي انه أمين على مستقبل جيل كامل و ان هؤلاء هم فلذات اكباد المجتمع كما هم فلذات أكباد المعلمين فالمعلم و المعلمة اب و ام و بهذه الصفة يجب ان تنظر نقابة المعلمين نحو الاطفال و التلاميذ و ان لا يكون الاضراب اغلاق المدراس و رمي الاطفال و الطلاب في الشوارع و ما يترتب على هذه من اثار سلبية عليهم و على المجتمع سواء امان ذلك في المدى القصير او المدى الطويل و هنا يبرز سوال كبير اطلب من كل معلم او معلمة و من كل عضو في نقابة المعلمين ان يجيب عليه هل يقبل ان يرمى ابنائهم و بناتهم في الشوارع و يتركوا فيها دونما حسيب او رقيب في سيبل ان يحصل اباءهم على بعض دراهم و من هو أهم الدراهم ام المحافظة على جيل كامل من الدمار و التسكع في الشوارع نتيجة اغلاق المدراس في وجههم بسبب اضراب المعلمين الذين يطالبون ببعض دراهم، هل تريدون ان تكسبوا بضع دراهم و في المقابل تفقدوا ابناءكم و بناتكم و ابناء و بنات المجتمع الأردني؟
وهنالك نقطة جوهرية تتعلق بالأطفال اللذين سيلتحقون في الدراسة للمرة الأولى هؤلاء الأطفال اللذين يفرحون بهذا اليوم و تحفر ذكرياته في أذهانهم و يحملون ذكريات هذا اليوم معهم الى مماتهم و ينقلونه الى ابنائهم و أحفادهم، اليس من بينهم من هم ابناء لكم، اليس لكم اطفال، كيف لكم ان تقتلوه الفرحة في نفوس اطفالكم و هل انتم فعلا مربون ام قاتلوا فرحة الأطفال و هل انتم فعلا تقتلون الفرحة في نفوس أطفالكم اللذين أنجبتموهم من صلبكم؟ و من أعطاكم الحق ان تقتلوا هذه الفرحة الطفولية، ان قتل فرحة الأطفال محرمة في كافة الشرائع السماوية و الشرعة الدولية و كافة المبادئ الدنيوية.
اما وجدتم الا بداية العام الدراسي للمطالبة بمطالبكم و هذا اؤكد على انني لا أقيم عدالة هذه المطالب التي تطالبون بها.
القضية الثانية ان نقابة المعلمين هي من احدث النقابات في الأردن او حتى في العالم و هذا يعني ان النقابات التي سبقتها رسخت و رسخت اعرافا نقابية و طرق و اساليب كثيرة و متنوعة و ذات مراحل مختلفة في سيبل المطالبة في الحقوق النقابية سوا اكان ذلك في الأردن او في دول العالم الثالث او في الدول المتقدمة بدا من تقييم المطالب النقابية و احقيتها و الاثار السلبية و الايجابية على المجتمع الى كيفية السير في تحقيق هذه المطالب و ا ن اخر شئ هو الاضراب الشامل و الذي في العادة لا يوقف العمل الكلي بل يبقى على العمل في ادنى شئ له، فلم نسمع ان تعطلت المستشفيات في اي بلد متحضر بسبب اضراب الاطباء و لا تعطلت المدارس او غيرها من المرافق العامة في اي بلد متخضر فيه نقابات عمالية ذات مطالب تعود في تأسيسها الى مئات السنيين و ليس الى عدة أشهر .
و هنا هنا فان نقطة اخرى يجب ان تاخذ بعين الاعتبار الا وهي ان على نقابة المعلمين ان تستفيد من تجارب النقابات الأخرى الوطنية و الإقليمية و الدولية و في الدول العربية و النامية و المتقدمة و خصوصا النقابات التربوية و ان تاخذ افضل ما لديها في الوسائل التي تحقق مطالبها دونما إحداث خسائر اقتصادية و اجتماعية للمجتمع الذي تعيش فيه، لا ان تلجاء الى الاساليب و المواعيد التي تنعكس سلبا على الوطن و المواطن و حتى على النقابة.
كما ان هذا يعني ان تتبع النقابة في اضرباها كنقابة تربوية و كنقابة وليدة الأساليب الراقية في الاضراب و التعبير عن الرأي ليس في ترك الطلاب و الطالبات في الشوارع او في انتشار المعلمين في الشوارع او اختيار الايام غير المناسبة للاضراب بل ان تكون راقية حضارية تربوية في التعبير عن مطالبها و في اختيار مواعيد الاضربات و المراحل التي تسبق الإضرابات و بشكل حضاري راقي ينم عن الرسالة المقدسة التي يحملها المعلمون و المعلمات. و ان يتواجدون في مدارسهم مع طلابهم و ان يقومون بدورهم التربوية خصوصا باول يوم من ايام الدراسة و هذا لايمنع ان يتم اداء العمل و بوتيرة اقل كنوع من التعبير الحضاري مع افهام الطلاب و الاباء ان هذا ناتج عن مطالب محقة و ان اسبابها معروفة لا بل يجب عليهم كنقابة و كمعلمين شرح هذه الاسباب الى الطلبة و ان لا يكون الاضراب غاية في حد ذاته و عرضا للقوة من قبل النقابة و لويا ليد المجتمع الأردني الا حتما و دونما شك سيطالب في يوم في الايام و التي لن تكون بعيدة بالغاء نقابة المعلمين و حضر نشاطها.
و نقابة المعلمين كنقابة وليدة تعيش في مجتمع اردني له تراثة الفكري و الاجتماعي و الثقافية يجب ان لا تعيش معزولة عن هذا المجتمع و ان لا يضع مجلس ادارتها نفسه و لا اعضائها في برج عاجي بعيدا عن المجتمع و بذلك فهي اما ان تعطي صورة ذهنية ايجابية عنها او ان تكون الصورة الذهنية للمجتمع بما فيها أعضاءها سلبية و بالتالي فان المجتمع سوف يلفظها لفظا شديدا و سوف يحاصرها في بوتقة ضيقة و تصبح نقابة هامشية لا تعني شئ سوا لوحة تحمل اسمها و مكاتب خاوية على عروشها لا يدخلها احد و لا يكترث لمطالبها احد و الصورة الثانية هي التي بدأت و لا بل تشكلت لدى المجتمع الأردني، و هنا يجب ان انوه الى تجربة اتحاد المزارعين الأردنيين الذي لا احد في الأردن يعرف عنه شيئا لانه بدء يعمل في برج عاجي و في نرجسية كبيرة و كاملة و اخذ يطالب دون ان يعطي لا لأعضائه و لا لمجتمعه و حاله في ذلك حال نقابة المعلمين لا بل ان نقابة المعلمين تسير على نفس الخطوات و كانها تقلده تقليديا اعمى و التي لا أتمنى ان تصل نقابة المعلمين الى هذا الموصل الذي وصل اليه اتحاد المزارعين.
اننا كشعب اردني شعب متعلم و شعب مثقف و نسبة كبيرة منه على مقاعد الدراسة و على مر الازمان نعتبر المعلم و له مكانه خاصه بينا الا العوامل الكثيرة التي اثرت على المعلم و التي تصرف بها المعلم اولا قبل غيرة ادت و سوف تؤدى الى زعزت الثقة فيه من جهة و أدت الى تردى منزلة و في اعتقادي و في اعتقاد الكثير من الأردنيين ان وجود و تصرفات نقابة المعلمين في الركض وراء المطالب المادية قصيرة المدى مع اهمال الرسالة السامية للتربية و التعليم التي يحملها المعلمون و عدم اكتراثها بالطلبة و خصوصا الاطفال الصغار اللذين يدخلون المدرسة لاول مرة واهمالها لمشاعر الشعب الأردني بكافة فئاته و طبقاته، سوف يكون لها اثار سلبية بالدرجة الاولى على النقابة و على المعلمين و على المجتمع الأردني ليس لان لا بل في المستقبل القريب و البعيد و بعد اجيال، وعلى النقابة و مجلسها قراءة التاريخ قراءة جيدة و واعية و متدبرة و قراءة تجارب الاخرين و الاستفادة منها، فصحيح ان هنالك قول يقول ان الشعوب العربية لا تقرا و ان قرأت لا تفهم و ان فهمت لا تطبيق و لا تستفيده مما فهمته الا انتم يا فئة المربين و المعلمين يا حملة رسالة الأنبياء يجيب عليكم لا بل ان الواجب يحتم عليكم ان تقرؤوا و تتدبروا و تستفيدوا من الدروس و العبر و تجارب الاخرين، و ان تكونوا مثلا يحتذي به لا مثالا من نوع أخر .