حضرت أول من أمس محاضرة الدكتور محمد أبو رمان واستمعت له جيداً وأقدم قراءة فيما تم نشره حتى الآن عبر وسائل الإعلام وما لفت نظر هؤلاء الإعلاميين، في حين أنني سجلت ملاحظاتي ضمن بعد آخر بعدما صرح ابو رمان عن لقاءاته مع عدد من قيادات التيار السلفي في الأردن وهنا أعادني ابو رمان الى ما قبل عام 2007م حيث كنت من أوائل من أجرى اللقاءات الصحفية مع قيادات التيار السلفي وبدأت حينها مع جاري الشيخ رمضان الجلاد والذي كان يحترمه مجتمع جرش ويأخذ بفتاويه دون غيرها حتى الرسمية منها.. ووجدت هنا أن ابو رمان تأثر بالسلفيين الذين ما أن تتعرف عليهم حتى تحبهم وتحترمهم وتميل إليهم وتتغير عندك الصورة النمطية التي رسمها الإعلام في ذهنك فلا تجد نفسك إلا بصفهم.
وتركت العديد من الملاحظات للحلقة التالية كي لا أشتت القارئ هنا لحجم ودسامة المادة ومن أهم ما سنتناوله في الحلقات القادمة هي الغاز مداخلات وزير الخارجية السابق كامل أبو جابر الذي قدم للمحاضر والمحاضرة في بعد آخر وبعمق يعيدنا لمراجعة سيرة كل الحكام العرب.
وكان عرض الباحث الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور محمد أبورمان السادسة مساء الاثنين 01/09/2014م في منتدى شومان بعمان محاضرة بحثية بعنوان "داعش الظاهرة والحقيقة" كانت عبارة عن تعبئة وتجييش لداعش دون أن يقصد ذلك.. حيث أنه قدم قراءة علمية ومعلومات موثقة قد تكون صحيحة ولكنها كانت تسوق للتعاطف مع داعش التي وصفها بانها نخرجات القهر والظلم والتهميش والأقصاء المتبع من الأنظمة العربية بلا إستثناء. وأهم ما بين خلال المحاضرة وأهم ملاحظاتي هو التالي:
1. أتى هذه التحليل بعد أن قامت الأردن باعتقال عددا من أتباع التيار السلفي الجهادي لافتا فيه ابو رمان إلى أن التعاطف مع داعش لا يأتي من فراغ بل من الظلم الواقع على الناس والشباب تحديدا والتخلي عن تنميتهم وتحسين أوضاعهم وكذلك التطرف في دعم اسرائيل. ويتزامن ذلك مع لقاء الملك بالنيتو لبحث موضوع الحرب على داعش وكذلك بعد التسريبات التي أفادت أن الأردن أعد خطة لمواجهة داعش عسكريا وقدمها للنيتو.
2. وحيث قال ابو رمان: إن غالبية أتباع التيار السلفي الجهادي في الأردن من جيل الشباب وهم أقرب إلى التطرف وإلى تنظيم دولة الإسلام المعروفة بـ"داعش"، وبينهم أعداد لافتة من حملة الشهادات الجامعية. واشار الى ان منهم المهندس والطبيب.... و... قال: "نتحدث عن 2500 متطوع في سوريا وفي حال إنفتاح الوضع في العراق نتحدث عن أعداد أكبر.. وقال: نتحدث عن مئات المسجونين ومئات الناشطين والفاعلين." ويقصد في السجون الأردنية.. وأضاف.. " لم يعد يقتصر هذا التيار الأكثر تشددا على الشباب التائه بل نتحدث اليوم عن أساتذة جامعات عن محامين عن مهندسين وعن طلاب جامعات كلهم يتبنون هذا الفكر ومقتنعون بهذا الفكر نتحدث عن اتجاه ينمو وبسرعة."
3. بين أن الأردن للآن لا توجد فيه حاضنة اجتماعية لـ"داعش" إنما بيئة "منتجة لهذا التيار". وأضاف: "لا يوجد في الأردن بيئات حاضنة كما توفرت في العراق وسوريا". لكنه أردف وقال: "بعض المناطق في الأردن تكاد أن تصل إلى حاصنة إذا ما استمر الحال على ما هو عليه".
4. ونوه إلى أن هناك "تضاعفا في الأعداد" أتباع التيار الجهادي السلفي في البلاد خلال عامين، وقال تصل اعدادهم المتوقعه وغير الرسمية إلى نحو سبعة إلى تسعة آلاف فرد وأكد أنهم "مندمجون في هذه الحالة،".
5. صنف التيار الجهادي في الأردن إلى اتجاهين، اتجاه بقيادة أبو قتادة الفلسطيني وأبو محمد المقدسي، مشيرا الى أن هذا التيار أصبح هو الاتجاه المعتدل المقابل لتيار "داعش" تستعين الدولة (يقصد الدولة الأردنية) بفتاواهم للرد على فتاوى التيار الآخر الأكثر تشدداً.
6. كشف أن هناك حالة اعتراف رسمي برزت مؤخرا فقط، بمخاطر تمدد تنظيم داعش، وأن لجنة "رسمية " شكلت مؤخرا من مستويات معينة لم يذكرها، لمتابعة الملف داخليا. وقال هذا ما يخيفني؟؟!!
7. حذر بصورة غير مباشرة، من مخاطر "داعش" على الأردن في حال مشاركة المملكة في عمليات عسكرية مع حلفائها في المنطقة، وأردف قائلا: "لا أعتقد أن الأردن من أولويات داعش على المدى القريب لكن على المدى البعيد هناك خشية على الأمن في المنطقة." وبين أن الخوف ليس مقتصرا على المواجهة العسكرية لافتا الى خطورة الخلايا النائمة والاشكال الأخرى من مخاطر داعش.. أعتقد مثل العمليات الإنتحارية.
8. اعتبر الباحث أن الفساد السياسي للأنظمة العربية في المنطقة، ودعم هذه الأنظمة للثورات المضادة لثورات الربيع العربي، من الأسباب العامة التي أفرزت "التطرف."
9. وحول التوظيف لظاهرة داعش، أوضح قائلا: "لا أفصل بين ما تمارسه داعش عما يجري في القاهرة وليبيا.. لكن داعش وضعتنا أمام مشهد الموت والذبح بينما لا توجد كاميرات في سجون النظام السوري والنظام العراقي ذلك لا ينفصل عن السياق السياسي العربي والأنظمة العربية وضعتنا أمام إما نحن أو داعش."
بالبطبع لم نتطرق إلى تأثير منهج الزرقاوي في هذه الجماعات وتلك وكذلك إلى المشهد السياسي العراقي الذي انطوى على خداع السنة هناك ومن جانب آخر هناك المراجعة لنهج القاعدة التي جرت بين أسامة بن لادن والظواهري ومن هي التيارات التي أخذت بها ومن رفضها وما إلى ذلك من الأمور التي كانت على تماس محاور أخرى غير الأردنية منها.. وسيكون ذلك في الحلقات القادمة ان شاء الله.
العبرة أن التعمق بمثل هذه الحالة التي تشكلت منها دولة الإسلام تحتاج منا إلى تعمق كبير حتى نستطيع التعامل مع المرحلة بما يتناسب ومصالحنا وأمننا وبرامجنا ومشاريعنا التحررية.