تتزايد اهتمامات حكومتنا الرشيدة بقضية داعش، ومخاطرها المحتملة على الأردن، رغم أن التواجد الداعشي خارج الحدود، وفرص تخطيهم لحدود المملكة تكاد تكون بنسب صفرية، فالأردن ليس بالمطمع لا لداعش، ولا حتى لمن هم أسوأ من داعش.
ونرى أن اهتمام الحكومة بكل أركانها ومراكز قوتها، يجب أن يوجه لحل مشاكلنا الداخلية، والتي تعد اكبر خطرا على المجتمع من الداعشية الحديثة، فالبطالة في صفوف الأردنيين بحاجة لجهود حقيقية للتصدي لها، فما تكاد منطقة من مناطق الأردن إلا ولها معاناة مع العاطلين عن العمل، وهنا لا نريد أن نحصر الأمراض الاجتماعية ونختصرها بالبطالة، وإنما أريد أن أبين أن المعالجة السطحية لهذه المشكلة لم توصلنا إلى حلول بالمستوى المطلوب، الذي يتناسب مع خطر هذه المشكلة، وأهمية التصدي لها.
ولنسقط الحدث على البادية الجنوبية، وبعدها يمكن القياس على باقي مناطق المملكة، فالحال إلى حد كبير متطابق، فالحكومة الرشيدة تتوجه لحل مشكلة البطالة في البادية الجنوبية، من خلال فتح باب التجنيد العسكري لأبناء البادية، وهذا أمر رغم كونه إجراء محمود، وله إسهام كبير في تخفيف عبء البطالة بين صفوف أبناء البادية، إلا أن هناك مشكلة لم تتمكن الحكومة تخطيها من خلال هذا الإجراء، وهي أن هناك شريحة من المجتمع لا تتناسب معها الخدمة العسكرية من جهة، ومن جهة أخرى هناك شريحة لا يمكن للجهات العسكرية استيعابه، مثل العاطلون عن العمل للفئة العمرية التي تزيد عن 27 سنة، أو للأشخاص الذين بحقهم قيود أمنيه، أو للأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، أو للسيدات الراغبات بالعمل، أو للأشخاص الذين فاتتهم فرصة التحصيل العلمي، أو لظروف شخصية أخرى تتعلق بهم.
وإذا أردنا هنا أن نميز حالة أبناء البادية الجنوبية عن غيرها من مناطق المملكة، فذلك يعود لعدة أسباب منها، ضعف الحركة التجارية في البادية الجنوبية مترامية الأطراف، بسبب تدني مستوى الدخل للأسر، مما اضعف فرصة الانخراط في الأعمال التجارية الخاصة، والمشاريع الصغيرة لأبناء البادية.
ومن الأسباب الأخرى أيضا، ضعف الاستثمار في مناطق البادية الجنوبية، سوى ما كان من شركة مناجم الفوسفات، والشركات التي تدور في فلكها لصناعة الحوامض الكيماوية، ومصنع الاسمنت، وهي شركات تحملت عبء كبير في قدرتها الاستيعابية لعدد الموظفين من كل أنحاء المملكة، ولن تستطيع أن تسهم في حل مشكلة أبناء البادية المتعطلون عن العمل.
والمطلوب من حكومتنا النظر بهذه القضية، وإيجاد الحلول المناسبة لها، والأخذ بعين الاعتبار للظروف الخاصة لهذه الشريحة من المجتمع، وإعطائها الأولوية التي تستحقها، لان كثيرا ممن يعانون ظروفا اجتماعية متردية، تزداد لديهم دوافع التطرف الذي تَحذر الحكومة منه وتُحذر منه.
kayedrkibat@gmail.com
كايد الركيبات