تعد سمعة الشخص من أثمن ما يهمه الحفاظ عليه، وتلحق بها أيضا سمعة العائلة، فالأردنيين خاصة، والعرب عامة، يولون السمعة الشخصية درجة عالية من الأهمية، ولا احد يقبل أن يداس له طرف يساء به لسمعته، ولا يقبل أن تشوبها شائبة، وهذا أمر أيضا له أصل في ديننا الحنيف، فقد رتب الشرع حداً للقذف، ونهى عن الافتراء، وحذر من البهتان، وحرم الغيبة.
واشد ما يؤسف هذه الأيام، أن ترى وسائل الإعلام تتصدر موضوعاتها ونشراتها، القصص والأحاديث التي تتحدث عن الجرائم، وخلفيات الجرائم التي تحدث في المجتمع، ويأخذ الكتاب بالتطرق لأكثر التفاصيل سرية، وأبعدها غورا في الأنفس، حتى أن بعض القراءات في التفاصيل لبعض الكتاب، لم تخطر في خلد من ارتكب الجريمة، ويحملوه وزرها مع الوزر الذي ارتكبه.
ففي العشرة أيام الأخيرة، لم تغادر صفحات المواقع الالكترونية قصة الأم والابن اللذان فارقا الحياة بعد تناول وجبة طعام، وأخذت الصحافة تحلل، واخذ المحققون يترددون، وأخذت الاتهامات تتسع، فمن تقصير مؤسسة إلى تستر على جريمة، إلى تعمد إخفاء الحقائق.
وقبل أن تحول النار إلى رماد، حتى ثارت قصة الأم التي قتلت أبنائها في جريمة بشعة، وذهبت الأقلام تتسابق في تقطيع فقرات الحديث عن فساد الأب، وهستيريا الأم، ونقلوا الخبر عمن نجا من يد الموت من العائلة المنكوبة.
واستلهم وجدان أبطال إعلامنا الحديث عن الجرائم، وذهبوا ينقلون لنا أخبار الجرائم في بلاد الله، فتلك عروس تقع ضحية الاغتصاب ليلة زفافها، ويكون حض زوجها في تلك الليلة الموت مكلوما، أو قل حتى تكتمل أركان الجريمة مطعونا أو مخنوقا.
تبكي الصحافة اليوم أقلام كتابها، كما تبكي السياسة روادها، ويلتم شمل الباكيات بنواح الاقتصاد، وطفرة عمت جيوب الراشدين، وخوت منها خِزانات أموال الدول، فأصبحت بلاد العرب تبحث عن فرسان أحلامها، وترتجي قدومهم، ولو كانوا من أهل العمائم، سود البيارق، ليخلصوها من شرور الطغاة، وسطوة المستبدين، والسارحين بأحلامهم فوق السحاب، والقائدين لزمام أمورهم بعصا في طرفها جزرة.
kayedrkibat@gmail.com
كايد الركيبات