أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
انخفاض أسعار الذهب عالميا مراقبة بالجيش الإسرائيلي: بـ7 أكتوبر أخبرنا رؤساءنا أننا على وشك الموت منح دراسية جزئية جامعية للأردنيين بالعراق استشهاد 12 فلسطينيا بغارات إسرائيلية على غزة منذ الفجر ارتفاع أسعار النفط عالميا هاريس تجتمع بقيادات أميركية عربية المنتدى الاقتصادي: مؤشر ايجابي في بيانات معدلات البطالة ترمب لإسرائيل: اضربوا منشآت إيران النووية 23 شهيدا و 66 إصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية في قطاع غزة تقديرات امريكية تشير إلى أن السنوار حيّا ويتخذ قرارات حاسمة الحنيفات: القطاع الزراعي وفر 800 مليون دينار مقال بهآرتس يحذر من حرب أهلية في إسرائيل تفعيل الهوية الرقمية للمغتربين الأردنيين بأميركا وكندا 53.8 دينار سعـر الذهب عيار 21 بالأردن السبت الأردن .. مدعوون لوزارة الأوقاف - أسماء إسرائيل تمهد لتوجيه ضربة لدولة عربية أخرى السبت .. طقس معتدل ألغام مبكرة في حضن «وزارة حسان» الأردنية: «اصطياد» أخطاء دستورية .. «وزراء تأزيم» وسيناريو «تعديل مبكر» أردنيون يهبّون لمساعدة طلبة غزيين تقطعت بهم السبل حكومة غزة تكذب الاحتلال حول (اليزيدية المحررة)
الصفحة الرئيسية أخبار الفن طعمة: الأردن عاقر سينمائيا وصناعة الأفلام لديه...

طعمة: الأردن عاقر سينمائيا وصناعة الأفلام لديه لم تعد مهمة

20-07-2010 08:42 AM

زاد الاردن الاخباري -

أكد المخرج الأردني جلال طعمة أنه لم يكن مألوفا لدى الشارع الأردني قديما أن يطلق على الفتاة لقب ممثلة، مؤكدا أن ذلك لم يكن مقتصرا على الفتيات فقط، وطال الشباب أيضا.

وقال إن المفارقة في النفور من التمثيل السينمائي أن الفتاة تضحك وتبكي انسجاما مع ما تشاهده من مشاهد في الأفلام، وتصحب معها مناديل ورقية أثناء ذهابها إلى السينما، وتصفق لأداء الممثلين وفي النهاية تقول:"عيب أمثل".

وأقر طعمة بأنه "نادم" الآن، على عودته إلى الأردن في العام 1968 لينقل خبرته السينمائية، ظنا منه بأن بلده سيمد له يد الدعم المعنوي بإطلاق العنان لموهبته، غير أن ظنه خاب، "حاله مثل الكثيرين من الفنانين الأردنيين اليوم".

وعزا طعمة أسباب انفتاح السينما أكثر، سواء فيما يتعلق بالمادة أو في الإخراج، لأن التلفزيون يدخل إلى البيوت ولكافة أفراد الأسرة، أما السينما فهي منتقاة حسب رغبات المشاهدين.

ولفت طعمة إلى أن السينما الأردنية في زمن السبعينيات كانت بمثابة أرشفة للمناطق في الأردن بشكل عام وعمّان بشكل خاص، مضيفا "كنت أحرص على أن أجعل المشاهد لأفلامي يستشعر بعمّان وتاريخها فالسينما بحسب وجهة نظري هي أرشفة للتاريخ".

وانتقد طعمة مستوى السينما الأردنية اليوم، ذاهبا إلى أن "الأردن عاقر سينمائيا"، وأن صناعة الأفلام الأردنية لم تعد بالشيء المهم، محملا مسؤولية ذلك للحكومة التي لا تدعم القطاع السينمائي ولا تدرك أن الأفلام هي عامل أساسي للتعبير عن روح المجتمع الذي انطلقت منه.

وبين طعمة أنه رفض أكثر من عرض في الخارج أملا في أن يساهم في بناء سينما أردنية، فالفن بحسب وجهة نظره هو هوية شعب لا بد من أن تبنى وتصقل. وفي ما يلي نص الحوار:

لنتحدث عن البدايات التي حملتك إلى السينما، واحتراف الإخراج؟

- لعل ذلك يعود إلى مرحلة الشباب الأولى، حيث اكتشفت تعلقي بالسينما عندما أتيحت لي في سن (18 عاما) فرصة أن أكون واحدا من العشرين مساعد مخرج لفيلم "لورنس العرب" للمخرج ديفيد لين في العام 1962، حيث كان تصوير بعض المشاهد يجري في مدينة العقبة، واقتصر عملي كمساعد مخرج في ذلك الفيلم بالبوق الذي كنت أحمله، وانا أقف بجانب المخرج وأترجم حركته الى صوت أنادي به من خلال ذلك البوق، ولا أخفي أن مشاركتي تلك تعد الخطوة الأولى لدخولي الى عالم السينما.

وداست قدماي تلك العتبة عندما دعتني زوجة المخرج الى كوب من الشاي نظرا لإعجابها بي عندما سمعتني أثناء إحدى استراحات التصوير وأنا أغني أغنية "مارينا.. مارينا" الإيطالية، حيث ذهلت لتمكني من غنائها بالإيطالية وزاد ذهولها عندما علمت أنني تعلمت اللغة من خلال استماعي الى الأوبرا التي أعشقها.

وتخللت دعوة الشاي تلك قدوم ديفيد لين وكلامه لي عن السينما والإخراج، وسألته: "هل تنصحني بدارسة السينما؟" ورد علي: "طبعا وأعدك أنه وفور انتهائك من الدراسة سوف أجعلك تعمل معي كمساعد مخرج رئيسي".

وهل أوفى بوعده؟

- تخلفه عن الوعد ليس ذنبا منه، بل ذنب الظروف التي قلبت الموازين رأسا على عقب وما يزال أثرها حاضرا حتى هذه اللحظة.

وماذا حدث معك بعد فيلم "لورنس العرب"؟

- بالفعل تشجعت لفكرة دراسة السينما وأخذت أبحث عن طرق تمكنني من ذلك، خصوصا وأنني لم أكن أملك المال الكافي للدراسة الجامعية في أي مكان، وإذ بصدفة مكنتني من ذلك عندما قرأت اعلان شركة ايطالية مقرها في الكويت ترغب بمتقدمين عرب يتحدثون الانجليزية والايطالية لدراسة السينما من خلالها في الكويت، وبالفعل قدمت طلب الالتحاق وعلى الفور أرسلت الي فيزا الى الكويت عن طريق السفارة الكويتية في عمّان، ومكثت هناك مدة (11 شهرا)، وحالت قدرتي على تحملي مناخ "الطوز" في الكويت حتى قررت الذهاب الى ايطاليا بغية البحث عن جامعة هناك تؤهلني لدراسة السينما.

ألم تكن تلك مغامرة غير محسوبة، خصوصا وأنك لا تملك أي بديل آخر يؤهلك لدراسة السينما؟

- ربما، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، اذ رفضت من دراسة السينما هناك نظرا لعدم حيازتي على شهادة جامعية، وبدأت أتخبط هنا وهناك الى حين التقيت وبالصدفة المخرج المصري فاروق العجرمي الذي لمس رغبتي الشديدة في تعلم السينما وعرض علي الدراسة في معهد متخصص في القاهرة.

وبالطبع اغتنمت الفرصة وذهبت الى هناك وكنت من ضمن (720 متقدما) لامتحان القبول الذي يقبل (27 شخصا) والحمد لله قبلت وكنت في المرتبة الثامنة ولا أخفي انني وحتى هذا اليوم أشعر بالغيظ لأنني لم أكن في المرتبة الأولى.

وماذا أضافت دراستك السينما في القاهرة إلى رصيدك المهني؟

- الكثير، ولعل أبرز ما حققته هناك، عندما زارنا قبل تخرجي بعام المخرج الايطالي روسيليني وكان قد شاهد فيلم كرتون كنت قد أعددته مدته خمس دقائق يدور حول "شبشب" يلحق خطوات صاحبه ولأن إخراجه كان ذا طابع مميز، فقد أثار إعجابه.

وهل بقيت في مصر بعد تخرجك؟

-لا، ففي العام 1967 وأثناء زيارة جلالة المغفور له الملك حسين بن طلال لمصر للقاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان بصحبته هناك وزير الإعلام الأردني في ذلك الوقت صلاح أبو زيد الذي سمع أن شابا أردنيا يدرس السينما في القاهرة وطلب لقائي.

ذهبت إليه وقال لي يجب أن تعود لبلدك لأننا نعكف على إعداد محطة تلفزيونية، فرحت جدا وشعرت أن السماء قد فتحت أبوابها لي، وبالفعل وفور تخرجي في العام 1968 عدت الى عمّان في 18-8 من ذات العام وكان اليوم التالي أول يوم عمل لي في التلفزيون الأردني.

وكيف كانت ظروف تطبيق ما درسته من علوم السينما في التلفزيون الأردني في ذلك الوقت؟

- كانت الظروف صعبة جدا لكن "روحنا كانت طويلة" ففي ذلك الوقت لم يكن هناك ما يسمى الآن بالمونتاج، اذ كانت أي غلطة ولو صغيرة في عملية إعداد الأفلام تكلفنا وقتا طويلا يضطرنا لإعادة ما بدأنا به من جديد، ناهيك عن المعدات التي كانت متواضعة جدا مقارنة مع اليوم.

ما هو أول إنتاج سينمائي لك في التلفزيون الأردني؟

- عملت أول فيلم وثائقي اسمه "الغصن الأخضر" مدته (27 دقيقة) وترجم الى اللغة الانجليزية، يرصد مدينة عمّان عندما كانت مغطاة بالغابات الى حين قيام الحرب العالمية الاولى التي استهلكت أشجار تلك المدينة واستخدام خشبها لإعداد سكة الحديد، والجميل في الأمر أنه حاز على الجائزة الأولى في مهرجان "أوبرهاوزن" في ألمانيا الشرقية.

بعد ذلك قمت بعمل أول فيلم سينمائي في التلفزيون الأردني أسمه "الأفعى" في العام 1972.

وماهي أبرز التحديات التي واجهتك في إعداد ذلك الفيلم؟

-حصولي على الموافقة لإعداد الفيلم الذي هو قصة وسيناريو وحوار وإخراج جلال طعمة كان التحدي الأكبر لي، عندما رفض التلفزيون بداية ذلك نظرا لعدم توافر القدرة المالية لإعداد أي فيلم، لكنني قبلت التحدي ووضعت نصب عيني قرار التمسك بذلك، واستطعت أن أنجزه كاملا بكلفة 650 دينارا أردنيا.

التحدي الثاني كان اختياري لبطلتي الفيلم اللتين من المفترض أن تمثلا الى جانب الفنانين الأردنيين سهيل الياس ومهدي اليانس، وأتوقف هنا وأذكر أنني وأثناء فترة بحثي عن الممثلات ذهبت في احدى المرات الى الجامعة الأردنية وجلست في الكافيتيريا واذا بأربع طالبات يجلسن بقربي، شدتني إحداهن ووجدت أنها تصلح لأداء أحد الدورين في الفيلم.

ذهبت اليها وسألتها: "عندك مانع تمثلي"، وقالت لا مانع، وطلبت منها أن تأتيني بكتاب موقع من والدها يمكنها من ذلك، الا أنه رفض، تلك الفتاة كانت النائب السابق توجان فيصل.

وهو ما اضطرني الى الذهاب الى الشام للبحث عن ممثلات سوريات يقمن بأداء الأدوار في الفيلم وكانتا ثراء دبسي ولينا باتع.

لكن كان من البديهي أن تتحفظ الفتيات الأردنيات على هذا العمل باعتباره تمردا آنذاك على منظومة القيم الاجتماعية السائدة، وخصوصا فيما يتعلق بنظرة المجتمع للمرأة؟

-بالتأكيد لم يكن مألوفا لدى الشارع الأردني قديما أن يطلق على الفتاة لقب ممثلة، مع العلم أن ذلك لم يكن مقتصرا على الفتيات فقط بل طال الشباب أيضا.

والمفارقة في الأمر أن الفتاة تضحك وتبكي انسجاما مع ما تشاهده من الأفلام وتحرص على حمل مناديل ورقية قبل ذهابها إلى السينما، وتصفق لأداء الممثلين وفي النهاية تقول:"عيب أمثل".

وحتى أنا كان لي نصيب من النفور الاجتماعي عندما قررت دراسة السينما، وأذكر أن أقارب لي قالوا لوالدي عندما سمعوا عن رغبتي في دخول عالم السينما: "ابنك راح يدرس رقّاص".

لذلك وعندما انتهيت من عمل أول فيلم لي صممت أن أكتب في نهاية الفيلم "إخراج جلال عيد طعمة" بحيث يكون اسم والدي مدرجا على ذلك العمل، وقتها قلت لوالدي "اسمك رح يدخل التاريخ" وبالفعل دخل التاريخ.

لنعد إلى السينما الأردنية في زمن السبعينيات ذروة الأعمال الفنية والدرامية والسينمائية، في الإخراج كيف كانت تسير الأمور؟

- بداية لا بد أن أؤكد أن السينما كانت أكثر انفتاحا سواء فيما يتعلق بالمادة أو في الإخراج أكثر من التلفزيون. وذلك يعود لأن التلفزيون يدخل إلى البيوت ولكل أفراده، أما السينما فهي منتقاة حسب رغبات المشاهدين.

إلا أنني أود أن أشير هنا إلى جانب معين في السينما الأردنية في زمن السبعينيات وهو أن الأفلام كانت بمثابة أرشفة للمناطق في الأردن بشكل عام وعمّان بشكل خاص. وأذكر أنني في تلك الحقبة كنت أحرص على أن أجعل المشاهد لأفلامي يستشعر بعمّان وتاريخها فالسينما بحسب وجهة نظري هي "أرشفة للتاريخ".

إضافة إلى أنني أرى أن استعراض مشاهد في الفيلم تكشف جمالية الأماكن هي أفضل وسيلة أرشفة، يستفاد منها في المستقبل خصوصا وأن أي فيلم ليس له مدة محددة لانتهائه.

وبالطبع كان هناك اهتمام واضح لصناعة الأعمال الفنية الأردنية ومن أبرز الأمثلة على ذلك دائرة "السينما والتصوير" التابعة لوزارة الإعلام قبل إنشاء التلفزيون الأردني والتي كانت تصدر منها "جريدة الأردن الناطقة" التي كانت تصور الأحداث التي تحدث على الساحة الأردنية وتعرض على شكل أفلام قصيرة شهريا في جميع دور السينما.

فضلا عن التلفزيون الأردني الذي كان فيه قسم "الإنتاج السينمائي" وفي فترة من الفترات كنت مشرفا عليه إلا أن القسم أغلق لاعتبارات ومعتقدات شخصية لواحد من الذين تسلموا زمام الأمور في التلفزيون بحجة أنه ضد السينما.

على امتداد هذا التاريخ الطويل ما هو تقييمك للسينما الأردنية اليوم؟

-"الأردن عاقر سينمائيا"، وصناعة الأفلام الأردنية لم تعد بالشيء المهم وهنا ألقي باللوم والمسؤولية على الحكومة التي لا تدعم القطاع السينمائي ولا تدرك أن الأفلام ليست مثل "سيجارة ما بعد المنسف" بل هي عامل أساسي للتعبير عن روح المجتمع التي انطلقت منه.

الأمر الباعث للسخرية اليوم أننا كأردنيين نفتخر بما أحرزه التاريخ قبل 4000 عام في مجال الفن، ونتغنى بالمدرج الروماني وبمسارح جرش وأم قيس وغيرها، ولا ندرك أننا وفي القرن الـ 21 لم نقدم شيئا يفتخر به أحفادنا بعد 4000 عام.

ذلك ما يدفعنا للسؤال عن إمكانات عودة السينما الأردنية لتقف على قدميها من جديد؟

-أنا كمخرج أردني أرى أن وجود فنانين أردنيين في كل محطة عربية لا يعتبر بالشيء الباعث للمديح بل على العكس أرى أن هذا شيء مهين، فأن ينجح فنان أردني في الخارج ولا ينجح في بلده تلك إهانة للفن والفنان الأردني.

وذلك ليس ذنب الفنانين الأردنيين في الخارج بل ذنب المسؤولين في الداخل، الذين أداروا ظهرهم للفنان ولم يلتفتوا إليه ويقدموا الدعم لهم، في النهاية الفنانون هم أشخاص لديهم مواهب فنية عالية ولم يجدوا أنفسهم في بلدهم لذلك اضطروا إلى الخروج، كما أنهم لم يجدوا حتى الدعم المعنوي لهم الذي يحفزهم لتقديم عمل فني يضاف إلى التاريخ الفني الأردني الذي أصبح مهزوزا اليوم.

وهل تنحصر مسؤولية إحباط الفنانين الأردنيين على الحكومة؟

- قطعا لا يقتصر ذلك على الحكومة فقط، بل هناك جزء من المسؤولية على الإعلام الأردني الذي يخصص صفحات السينما في جرائده لإبراز انجازات الفنانين العرب ويهمش الأردنيين، ويسلط الضوء على تخصيص زوايا للقاءات صحافية مع ممثلين غير أردنيين.

في هذه النقطة أنا لا أقصد تهميش الفنان العربي بل على العكس فإن ذلك باعث على الفخر بأن نرى فنانا عربيا قد أضاف إضافة نوعية على السينما العربية لكن في المقابل هناك فنانون أردنيون أحبطوا مهنيا وبحاجة إلى تسليط الضوء عليهم حتى لا يمحوا من ذاكرة الجمهور.

وهنا أتساءل لماذا لا يغار الإعلام الأردني وعلى رأسه التلفزيون عندما يتم تخصيص حلقات حوارية خاصة "خمس نجوم" للعاملين في المسلسلات العربية، لماذا لا يشعر بالغيرة التنافسية بأن تكون تلك اللقاءات للعاملين في مسلسلات وأعمال فنية أردنية؟

هناك توجه شبابي عربي نحو السينما والإخراج ما رأيك بما يقدمون من أفلام؟

- المخرجون بشكل خاص والقائمون على الأعمال السينمائية العربية بشكل عام يقترفون خطأ كبيرا، وهو عدم الاستعانة بالمخرجين ذوي الخبرات الطويلة.

فالفن عبارة عن تراكم للخبرات الحياتية للفنان، والتي من خلالها يستطيع أن يكون العين على صورة عمله الفني بالأخير، ومن غير الممكن أن تتكون تلك الرؤية دون ترسبات حياتية شخصية الأمر الذي يدلل أن المخرجين الشباب وإن كانت لديهم شهادات وخبرات تدريبية في العمل الإخراجي، إلا أن تجاربهم الحياتية التي تدعم العمل الفني غير موجودة.

والفيلم يخاطب جميع الفئات، وحتى يتمكن المخرج من إقناع جميع تلك الفئات مع اختلافاتها فكريا واجتماعيا، فيجب أن تكون لديه القدرة في توجيه عمله إليهم جميعا.

وهو ما يقودنا للسؤال هل استطاع الفن العربي أن يصل إلى المستوى الذي من الممكن معه أن يصبح البصمة التي تعكس صورة الشارع العربي؟

- ليس بعد، فالفن العربي ما يزال سطحيا، والسبب وراء ذلك يعود إلى أن %90 من الشعب العربي بشكل عام، والفنانين بشكل خاص، أشخاص يتجهون نحو الخط السمعي الذي لا يستند إلى مبدأ، بعكس الاتجاه البصري الذي يجعل القائم على عمل فني يجمع الخطوط ويشبكها ببعضها البعض ليكون فكرة يعمل عليها.

ما هي المعوقات التي تحول دون وجود سينما أردنية اليوم؟

-العامل المادي بالنسبة للكثيرين هو المعوق الأول في شق طريق الفن الأردني إلى السينما، لكن بالنسبة لي لا أجده المطب الوحيد لأنه في المقابل هناك اهتمام حكومي أردني بقطاعات أخرى مثل قطاع السياحة. وهنا أتوقف عند سلوك مألوف يقوم به المسؤولون وهو أن لا أحد منهم فكر أن يستضيف فنانين أردنيين خلال المؤتمرات التي تنظم في المملكة لمناقشة ماهية الاستثمار السينمائي، فجل اهتمامهم بالقطاعات الأخرى التي من خلالها تشجع المستثمر الأجنبي على تنفيذ مشاريع.

الاستثمار السينمائي والتلفزيوني برأيي هو عامل يستطيع أن يرفع رصيد الأردن الاقتصادي. وأكبر دليل على ذلك المسلسلات التركية التي ومنذ أن اجتاحت التلفزيونات العربية ساهمت في رفع السياحة الخارجية إليها خمسة أضعاف عن ذي قبل.

قديما كانت المسلسلات الأردنية تدخل كل منزل عربي، لماذا اختفت اليوم؟

-لأنه لم يعد هناك منتجون أردنيون سوى قلائل فضلا عن أنهم لا يستقطبون منتجين من الخارج لينقلوا خبراتهم هنا.

إضافة إلى ذلك في السبعينيات والثمانينيات كانت المسلسلات تنتج وتسوق إلى الخارج وتوسع من انتشار التلفزيون أما اليوم فهو غير قادر على ذلك بسبب الصعوبات المادية التي أجد أن أساسها البطالة المقنعة في التلفزيون، وذلك من الأسباب التي ساهمت في أن ينسى الجمهور العربي الفنان الأردني.

هل وصلنا إلى مرحلة فقدنا فيها الأمل بأن يعود الفن الأردني كما كان عليه في السابق؟

- نعم، ولا أنصح أي شخص أن يدرس الفن في الأردن وحتى لو درس عليه أن يجد نفسه في الخارج، ما دام مفهومنا كما هو بأن الاستثمار في السينما "ما بطعمي خبز".

وماذا عن الهيئة الملكية للأفلام؟

-أذكر أنني وعندما تأسست الهيئة الملكية للأفلام وفق الإرادة الملكية السامية في العام 2003 سعدت كثيرا وقلت في مقال نشرته في صحيفة الرأي "هذا قرار سياسي أنتظره منذ ثلاثين عاما".

إلا أن هناك ثغرات موجودة في آلية عمل الهيئة وهي أنها لم تخصص حتى هذه اللحظة الخدمات السينمائية التي تسهل إعداد أفلام حتى لو كانت غير عربية في الأردن، مثلما هو الحال في المغرب التي يصور فيها سنويا ما يقارب الـ 18 فيلما تدر مبالغ ضخمة عليها. وهناك ثغرة أخرى، أستنكر وجودها في الهيئة، وهي أنها تعطي لقب مخرج لكل شخص يقوم بإعداد فيلم حتى لو كانت مدته 4-5 دقائق، فلقب مخرج لا يطلق على شخص يحمل كاميراته الخاصة ويصور فيلم فيديو قصيرا.

وما رأيك بالأفلام العربية اليوم؟

- سيئة وأصبحت تجارة بالنسبة للمنتجين، بعكس ما كانت عليه قديما عندما كان هناك احترام لمهنة التمثيل وكان هناك حس الذوق في انتقاء الأفلام.

هل هناك أعمال عرضت عليك مؤخرا؟

-لا، لم تعد تعرض علي أعمال سينمائية أو تلفزيونية ولا أعرف السبب بالضبط، مع أنني عملت مع الكثيرين ممن ينتجون المسلسلات الأردنية، لكن ربما افسر ذلك بأنني صعب في اختيار النص.

هل هناك سن تقاعد للمخرجين؟

-بالطبع لا، ومشكلة الحكومات العربية أنها لا تستوعب أن الدماغ لا يتقاعد وهذا الحوار الذي دار بيني وبين وزيرة الثقافة السابقة أسمى خضر، عندما طلبت منها أن أعود مستشارا في التلفزيون الأردني ورفضت بحجة أنني أصبحت فوق الستين.

قلت لها وقتها: "معاليك أعطيني اسم مخرج واحد حاز على جائزة الأوسكار قبل أن يبلغ الستين عاما".

بماذا تقيم اليوم واقع الفن الأردني؟

-أشعر بالإحباط، وأرفض أن أعود بذكرياتي إلى الماضي، ولا أخفي أنني وعندما أشاهد مسلسلا تركيا أحزن كثيرا لأننا نشاهد شيئا أقرب إلى التفاهة ونحن نستطيع أن نبلغ الأفضل.، فنيا وفكريا.

أحاول أن لا أتذكر أنني أول من قام بأول فيلم سينمائي، وأول من أخرج فيلما تسجيليا، وأول من أخرج مسلسلا بالألوان. وأتجاهل ندمي لعودتي إلى الأردن أول مرة، أملا مني في أن أقدم خبرتي فيها لكنني لم أحصد شيئا. وأتناسى الجملة التي ما تزال تتردد على ألسنة الناس الذين عاصروا مسلسل "رأس العين" الذي أخرجته: "وين أبوك يا محيسن؟ لسة ما اجاش".

السيرة الذاتية

مخرج أردني مخضرم ولد في محافظة إربد في العام 1942، وتنقل في دراسته بين لبنان وبيت لحم والأردن

درس السينما في القاهرة وعمل في سن الثامنة عشرة مساعد مخرج في فيلم "لورنس العرب" للمخرج ديفيد لين

حصل على جوائز عربية وعالمية عديدة، وعمل في التلفزيون الأردني مدة عشر سنوات وكان من أوائل العاملين فيه منذ تأسيسه

من أبرز أعماله الفيلم الروائي الطويل "الأفعى" وأول مسلسل أردني ملون "رأس العين"

ساهم في صناعة السينما الأردنية وأوصلها إلى العالم العربي والغربي سواء من خلال الأفلام الطويلة أو من خلال الأفلام التسجيلية القصيرة.

الفتيات يضحكن ويبكين لمشاهدة الأفلام ولا يمثلن

قال المخرج الأردني جلال طعمة إنه لم يكن مألوفا لدى الشارع الأردني قديما أن يطلق على الفتاة لقب ممثلة، مؤكدا أن ذلك لم يكن مقتصرا على الفتيات فقط بل طال الشباب أيضا.

وقال إن المفارقة في النفور من التمثيل السينمائي أن الفتاة تضحك وتبكي انسجاما مع ما تشاهده في الأفلام وتصحب معها مناديل ورقية أثناء ذهابها إلى السينما، وتصفق لأداء الممثلين وفي النهاية تقول "عيب أن أمثل".

وأقر طعمة بأنه "نادم" على عودته إلى الأردن في العام 1968 لينقل ما حصل عليه من خبرة سينمائية فيها، ظانا بأن بلده سوف يمد له يد الدعم المعنوي بإطلاق العنان لموهبته، إلا أنه يقول إن ظنه قد خاب كحال الكثيرين من الفنانين الأردنيين اليوم.

وانتقد طعمة مستوى السينما الأردنية ذاهبا إلى أن "الأردن عاقر سينمائيا"، وصناعة الأفلام الأردنية لم تعد بالشيء، محملا مسؤولية ذلك للحكومة التي لا تدعم هذا المجال ولا تدرك أن الأفلام ليست مثل "سيجارة ما بعد المنسف" بل هي عامل أساسي للتعبير عن روح المجتمع الذي انطلقت منه.

حاوره: غادة الشيخ- الغد





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع