نعيش سوياً في دولة العدل والعدالة، دولة الحريات والمؤسسات التي تميزنا بها عن باقي الأقطار العربية ، بفضل حنكة القيادة الهاشمية، ووعي الساسة وراجحة عقول الأردنيين، التي راهن عليها الكثير من الأعداء ولكنها بقيت قلعة الصمود الشامخة وملجأ للقاصي والداني.
إلا أنني بدأت اليوم أستشعر بأن هنالك سوساً قد بدأ ينخر جسد الأمة، وقد بدت الكثير من علامات الاستفهام تحوم حول أشخاص قد برزوا للمجتمع بقيادة مؤسسات خاصة.. ووهمية.
(وذلك على وجه التخصيص لا التعميم )، ليعيثوا بعد ذلك في الأرض فساداً وافساداً بنشر إعلاناتهم عبر الفضائيات والصحف والمجلات ،مثل عمر بيتك بالأقساط... وغيرها من الإعلانات التي تجذب إليها الفرائس لتلتهمها.
ومن خلال عملي في إحدى المؤسسات كُنت أرى الكثير من الأمور غير المنطقية والأقرب إلى عدم الشفافية والصدق في التعامل مع المستهلك والمنتج بحيث كانت تلك المؤسسة تلعب دور الوسيط بين الطرفين، وكنت أعلل نفسي لعل هذه سياسة مؤسسة أو أسرار تجارية كوني جديد في هذه المؤسسة أو في عالم المؤسسات التجارية، وفي كل يوم أكتشف شيء جديد واختزله في ذاكرتي.
إلى أن وقع الفأس في الرأس حيث داهم المؤسسة التي كُنت أعمل بها مديراً للعلاقات العامة ،مجموعة من عناصر البحث الجنائي واقتادوا صاحبها ومديرها إلى مركز آمن المدينة بقضية احتيال مقدمة من أحد الأشخاص التي تم النصب والاحتيال عليهم بمبالغ مادية وشيكات بنكية بدون رصيد...
وعندما قمت بالاستعلام وجدت بأن صاحب الشركة ومن خلال جهاز التنفيذ القضائي للأمن العام عليه(22) قيد أبرزها نصب واحتيال وسرقة واتجار بأعضاء بشرية ومفروض عليه إقامة جبرية، أعتقد بأن هذه الأمور غير طبيعة، ولكنها من الممكن أن تحصل في مجتمع مكتظ بصالح والطالح.
ولكن ناقوس الخطر يدق عندما نعلم بأن أصحاب السوابق في عمليات النصب والاحتيال والسرقة وغيرها، تسمح لهم البلديات والجهات المختصة في محافظة الزرقاء ببيع الأجهزة الكهربائية بالأقساط بعد استيفاء دفعة أولى من العملاء، وهم أصلاً لا يدفعون ثمن هذه الأجهزة الكهربائية بل يحصلون عليها بإبرازهم السجل التجاري وشيكاتهم المؤجلة ، دون الحوار أو التنسيق مع الأجهزة الأمنية بممارسة هذه الأعمال التي تتيح لهم المزيد من عمليات النصب والاحتيال.
فقررت باستشارة قانونين عن مدى شرعية مثل هذه المؤسسات فأفادوني بأنها مؤسسات شرعية ولكن القائمين عليها غير شرعيين، وعلى الفور قدمت استقالتي منها مضحياً براتبي الشهري وعلاوتي الشخصية التي أنا بأمس الحاجة إليها ولكنني غلبت مصلحة الوطن على مصلحي خصوصاً في ظل ما يموج به الوطن من حالة فقر جراء الظروف الإقليمية السائدة.
بل حذرت بعض الناس على التعامل مع تلك المؤسسات إلا أن صاحب المؤسسة ذهب إلى محافظ محافظة الزرقاء ورفع علية قضية تشهير، ثم استدعاني مركز أمن الحسين وحجز بطاقة الأحوال المدنية على أن أحضر في صباح اليوم التالي، وفعلاً اقتادني شرطي بعد أن آتى صاحب الشركة إلى نفس المركز لتوقيع الإقامة الجبرية المفروضة عليه نتاج عملية احتيال ونصب إلا أن عطوفة محافظ الزرقاء الأكرم أفرج عني بكفالة.
لستً أسفاً على نفسي بقدر ما أنا آسف على جمهور المواطنين وتجار الشركات الكبرى التي ترفد الاقتصاد الأردني والذين يتم عليهم النصب والاحتيال بالعقل......
أخشى معالي الوزير أن يتم الانفجار من الداخل عندما بنفذ صبر المجني عليهم، ولا يملكون حولاَ ولا قوة فإن الشر يبدأ من شرارة.