تشكل الجماعات الإسلامية العاملة في الساحة الأردنية مصدر قلق كبير للنظام، فهذه الجماعات تستطيع في أوقات قصيرة، تجييش مجموعات كبيرة من الأفراد يمكنها تبني أفكارها والوقوف في صف المواجهة مع السلطة.
وإذا كانت فترة أوج النشاط لهذه الجماعات في أحداث الربيع العربي، وبرزت خلاله وبشكل كبير جماعة الإخوان المسلمين، التي استطاعت أن تثبت قدرتها على تحريك الشارع للوقوف إلى جانبها في توجهاتها ومساعيها الإصلاحية، وعاندت النظام وأوصلته إلى اضعف مراحل المواجهة في تاريخه.
ولم تستطع الحكومة أن تتخلص من ضغط الجماعة إلا من خلال صناعة أعداء لها، سواء كان هؤلاء الأعداء من داخل الجماعة المحسوبين عليها، كما حدث في مسعى الغرايبة بالانشقاق والخروج بمبادرة زمزم، أو من خارج الجماعة من خلال تشجيع الإعلاميين الذين عادوا الجماعة، لما رأوا أن الأحداث التي سادت الدول المجاورة لا تبشر بمستقبل مشرق، فخافوا من انعكاس الأحداث بالداخل للاسواء، فكانت مضامين خطاباتهم ومواضيع مقالاتهم تدور في معاداة جماعة الإخوان، وباقي الجماعات الإسلامية، ومع تقدم الأيام وتسارع الأحداث، تكون جيش من الإعلاميين والصحفيين، سمة خطابه الرئيسية معاداة الإخوان، دون أي إساءة تكون منهم سوى ما شعروا به من قلق واضطراب والخشية من خطتهم الإصلاحية، ويروا أن قبول المجتمع في ما هو عليه من حال، أفضل من الاستمرار في طريق إصلاح طويل شائك لا تؤمن مسالكه.
وازدادت الخصومة بين جماعة الإخوان والنظام من جهة، ومن أعداء الجماعة سواء كانوا المنسلخين عنها، أو الإعلاميين، بعد الحكم على الجماعة الأم في مصر بأنها جماعة إرهابية، وبعد تطور الأحداث في الموصل، وإعلان الدولة الإسلامية إقامة الخلافة، وعلى الرغم من عدم انضواء جماعة الإخوان المسلمين لراية الخلافة المعلنة، إلا أن الجماعة أصبحت مصدر قلق كبير للنظام، فكان من المهم بالنسبة له تفكيك الجماعة، ولما كان لا ينوي أن يباشر هذا العمل بالصفة الرسمية عاد لفكرة ضرب القوم ببعضهم، فكان من الميسور له أن يجد من يقوم بهذه المهمة، وهو الإخواني المعروف والمرشد السابق عبدالمجيد الذنيبات ومجموعته.
حيث تقدم بطلب ترخيص جمعية الإخوان المسلمين، وسرعان ما حصل على هذا الترخيص، والذي مثل استحداث جهة رسمية إخوانية جديدة تتحدث وتعلن وتشارك باسم جماعة الإخوان المسلمين، واعتبارها جماعة إخوانية وطنية تنفصم عن الجماعة الأم في مصر، واعتبار ذلك سبب كافي للطعن في شرعية الإخوان المسلمين في الأردن من غير جمعيته، ناسيا أو متناسيا أن جماعة الإخوان المسلمين ومنذ نشأتها على يد مؤسسها، وهي تعتبر حدود الوطنية بالعقيدة الإسلامية، حيث يقول حسن البنا " إننا متفقون مع اشد الناس غلواً في الوطنية في حب الخير للبلاد والجهاد في سبيل تخليصها وخيرها وارتقائها، ونعمل ونؤيد كل من يسعى في ذلك الخلاص، بل أحب أن تعلم أن مهمتهم إن كانت تنتهي بتحرير الوطن واسترداد مجده فان ذلك عند الإخوان المسلمين بعض الطريق فقط أو مرحلة منه واحدة، ويبقى بعد ذلك أن يعملوا لترفع راية الوطن الإسلامي على كل بقاع الأرض، ويخفق لواء المصحف في كل مكان".
فإذا كان هذا مبدأ الجماعة الأسمى، فأين جمعية الإخوان المسلمين الجديدة اليوم التي ينادي بها الذنيبات من هذا الهدف، أم أنها ستعيش على مجد ويد جماعة الإخوان المسلمين التي انفصم عنها، والتي لها سهم كبير في خدمة المجتمع الأردني، والتي سرعان ما تنكر لمساهماتها وفضلها الإعلاميين، الذين سارعوا بنصرة الذنيبات في انقلابه على جماعة الإخوان المسلمين، ومن طار يصفق له من أعداء كل ما هو إسلامي في المجتمع.