زاد الاردن الاخباري -
لا نستطيع أن ندعي، كما يفعل الاخرون، ان الجزء الأول من هذا المقال، الذي نشر عنوانا رئيسيا في زاد الأردن، الأحد الماضي، قد لعب دورا فاعلا في التغيير الهادىء، والتعديل الوزاري الذي وجه بشكل خاص، حسب وجهة نظري، إلى الوزيرين الدكتور ابراهيم بدران والدكتور نبيل الشريف، حيث بحث ذاك المقال بصدق وشفافية، الحالة التي وصلتها حكومة الرفاعي، جراء المخططات الإعلامية الفاشلة، والتي أوقعها، أي الحكومة، في حالة من العراك والجدال "البيزنطي" مع "كل مين هب ودب"، فأراد الرئيس القول، من خلال التعديل: (انه ليس صحيحا أن "الرفاعي الكبير" أو مستشارا في الحكومة، أو الرئيس نفسه أو أي جهة او شخص سوى الدكتور نبيل الشريف يقف خلف استراتيجية التخطيط لذلك "القرار" الإعلامي الذي تسبب في كل تلك السياسيات الإعلامية المتخبطة، والتي أوصلتنا لما وصفناها بـ "الفوضى"). ولا يعني هذا ان نقبل بهذا التوضيح، أو الرد، من خلال التعديل، وأن نحمّل الدكتور الشريف هذه المسؤولية بشكل كامل ومطلق، أو نظن أن هذه الفرضية وإقرارها، موجودة أصلا على أرض الواقع.
على كل الأحوال، إذا افترضنا ذلك جدلا، مع أنه ليس مهما ان يؤشر للمقالات أنها وراء التغيير، كما يعتقد البعض، ولكن إذا افترضنا ذلك، فإن رد رئيس الحكومة يوحي بالقول: "لست مسؤولا عن تلك النظرية التي تدعي أننا قد اهملنا ما يجري قصدا مقابل إجراء الإنتخابات في موعدها، قد يكون الدكتور نبيل الشريف يرى ذلك، ولكن الحكومة توليه تلك المسؤولية بالكامل، عملنا ينحصر في إختيار الخبير، وإعطاءه الصلاحيات اللازمة لتنفيذ مخططاته واستراتيجياته، وحيث اننا وصلنا إلى هذا الحدود، ولم نتفق مع الأوساط الإعلامية، لا بمدونة السلوك ولا طريقة العمل والتعامل، وأثبت الواقع التصادم والمواجهة بين الحكومة وماكينة الإعلام غير الحكومية، فليس لدينا مانع ان نبحث التعديل والتغيير".
بالنسبة للدكتور نبيل الشريف وبشكل شخصي فإني أكن له محبة خاصة، ولانه عزيز على قلبي وقلب معظم عمّار بيت الإعلام الأردني، فلا نقبل ببساطة شديدة تمرير كرة "فرضية" لنا قبل أن نسمع إجابة واضحة على هذا السؤال، الذي لن يطرحه أحد ، من الإعلام الرسمي وبشكل مباشر على الرئيس: هل التعديل يقول صراحة ان الشريف كان فعلا وراء المشهد الإعلامي الأردني المشوش الذي وصلت إليه الحكومة خلال المرحلة السابقة؟ وهل التعديل هو الرد الصريح على هذا السؤال؟ فالمعلمون يهتمون بوزير التربية الجديد القديم القدير الذي قد يمنحهم نقابة، أو يعمل معهم لإنتاج نقابة، ويعيد الأمور إلى نصابها بخبرته وحنكته وإتزانه، أما نحن أبناء المؤسسة الإعلامية الأردنية بمختلف أطيافها فنريد أن نعرف إن كان هناك سياسة إعلامية جديدة سوف تأخذ مكانها إعتبارا من تعيين علي العايد وزيرا لشؤون الإعلام والاتصال؟ وما هو المخطط الإستراتيجي الإعلامي الذي سيتبناه العايد، خصوصا وهو رجل ديبلوماسي لم يترعرع في الأوساط الإعلامية! أم أن المرحلة القادمة هي مرحلة "ديبلوماسية" داخليا على صعيد الإنتخابات وتحتاج "مجاملة" الأقطاب للتناغم مع خط الحكومة العريض وخارجيا في نسق "تبرير" أهمية المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وما يليها، وإعادة الأردن، ديبلوماسيا، إلى العمل العربي الموحد؟ خاصة وأن أحدهم قد همس ان "العايد" لن يكون ناطقا رسميا باسم الحكومة كما "الشريف"! فإذا كان إعلام "نخبة" ديبلوماسية صرفة، فهل ستعود "حليمة لعادتها القديمة" وتصبح باقي الإحتمالات التي تم طرحها غير ذات اهمية حين تتهاوى الجبهة الإعلامية الداخلية، مرة اخرى، وتسقط إلى تلك الهوة، من غير رجعة؟ والذي يعني أننا سنشاهد، خلال المرحلة القادمة، صورا كثيرة للعايد ولكننا قد لا نسمع وجهة نظره أو نتعرف إلى مخططاته بشكل مباشر؟
شخصيا، ومع ان التعديل، المتاخر، كان بمثابة "إبرة بنج" ذات مفعول قوي ومؤثر، إلا أننا سنبقى نذكر أن ممثل الإعلام الحكومي الرسمي الأسبق لا يتحمل وحده تلك الخطيئة، إلا إذا أثبت التعديل، بشكل صارخ، تغييرا جذريا محكما على الأوساط الإعلامية والشعبية، بحيث نرى حالة معاكسة لحالة الإحباط الشديد الذي شهدناها سويا، في المشهد الإعلامي الأردني، قبل التعديل.
هذه الشجون، لا تبدو أنها تتلائم مع مراسم الإستقبال وبروتوكولات اللقاء الأول مع ممثل الإعلام الرسمي الحكومي الجديد، خاصة ونحن نجهل تماما محتويات حقيبته التي يحملها، ولذلك، وبشكل ودي، نبارك له منصبه الجديد، وأظن أن الزملاء، يضمون صوتهم إلى أننا سنقف معه طالما رغب أن يقف إلى جانب الصراحة والشفافية والصدق، فنحن لا نحتاج إلى مدونات بقدر ما نطالب بالحوار الذي ينبع من القلب ويطابق الواقع، لأن المجاملات لا تعني شيئا بالنسبة للصحفي، فهو لا يذكرها وقد لا يتذكرها، وليعلم الوزير الجديد أننا في الإعلام الأردني تواقين ولو لمرة واحدة، ان نكون اول من يعرف، هل هذه صعبة؟ نريد أن يكون السبق لنا قبل الوكالات الأجنبية، وقبل أن تسمع الدنيا كلها الأخبار، ونكون حينئذ مضطرين أن ننقلها من صحف غير أردنية، كذلك نريد إهتماما خاصا بالمواقع الإلكترونية الأردنية، ودعمها وتشجيعها من قبل الحكومة لا كما يروج البعض أن جهات اخرى تدافع عن هذا القطاع امام هجوم حكومي مخطط، فبالنسبة لنا المسألة مسألة وطن نتقاسم كلنا الجهد لبناءه، وليست مزايدات لمن يدافع عنا لندافع عنه او يهاجمنا أو نهاجمه ..ولن نبتعد أكثر (فالجميع يفهم المقصود بوضوح).
هل ما زلتم تبحثون عن المشاعر المتعاطفة مع الرئيس؟ بالنسبة لهذه المحاولة فإن آلية البحث عن هذا المشاعر، في حلقتها الثانية ، مرهونة ومرتبطة بنتائج التعديل الوزاري، والذي يمثل جوابا مؤقتا يحتاج المراقبة والرصد الدقيق، وحتى يقدم لنا الرئيس السبت، فنقدم له مشاعرنا الأحد. تبقى الكرة، وإعتبارا من اليوم، في ملعبه بصفته الإعتبارية.