الحديث عن التسيب والتجاوزات من قبل كبار الموظفين يثير حفيظة المتابعين والمطلعين بالشأن السياسي والاقتصادي ويصر إعلامنا على ملاحقة هذه الشريحة من أبناء شعبنا على بعض الجوانب التي لا تستحق الذكر منا .
وباعتقادي انه إجحاف بحق كل الموظفين الكبار الذين مر على تعينهم سنوات طوال وحصلوا على مواقع إدارية و قدموا من خلال وظيفتهم التي يستحقونها الشيء الكثير ولا نتحدث عن تجاوزا ما من الممكن قد حصل عليه شخص في إحدى المواقع ولا يستحقه هنا نتحدث عن الشريحة الكبرى من الموظفين الأفاضل الذين افنوا حياتهم في خدمة الوطن والمواطن وقدموا لنا الكثير من التسهيلات والمساعدات أثناء أداء وظيفتهم وساهمت مؤسساتهم في رفع كفأتهم لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين وذلك من خلال المشاركة في دورات ومؤتمرات مكنتهم من تقديم الجزء المتطور في مواقعهم .
وعلينا ذكر بعض التضحيات التي نغفل عنها أحيانا فإذا عملنا مقارنة بين موظف القطاع العام وبين نظيره في القطاع الخاص فنجدها كثيرة وتصب في الغالب لمصلحة موظف القطاع الخاص فهو يتقاضى أضعاف راتب الأول وله حوافز أكثر بكثير من التي ينالها موظف القطاع العام ويشمل ذلك الثالث عشر والرابع عشر والتأمين الصحي والتقاعد.. الخ
ومع أن الجانبان حاصلان على نفس الدرجة الدراسية ومنهم زملاء حتى في مقاعد الدراسة الجامعية والأول يقدم نفس الجهد ونفس الكفائة التي يقدمها زميله في القطاع الخاص أن لم يكن في بعض المواقع أكثر ويبقى طيلة فترة خدمته وهو قلق على مستقبله ومستقبل أطفاله تحسبا من عدم رفع درجته أو نقله إلى موقع غير ملائم .
لست مع من يصر على ملاحقة موظف فكر في يوم إجازته على زيارة والدته أو خرج لتسوق مع زوجته من إحدى التجمعات التجارية القريبة لمنزله واستخدم فيها المركبة التي صرفت له من اجل تسهيل عمل في المؤسسة التي ينتسب أليها ولا اعلم كيف يصل تفكيرنا إلى هذا المستوى المتدني والغير منصف والمطالبة بملاحقتهم وكأنهم مرتكبي جرائم كبرى بحقنا فالبعض يرى في ذلك مخالفتا والهدف منه خفض الإنفاق العام و الجانب الأخر يرى بأنه حق له أن يستخدم سيارة صرفت من اجل التسهيل في تنقلاته وهو بعيدا عن أسرته طوال يوم عمل شاق , ومن غير المنطق أن كان احد أطفاله لا سمح الله يعاني من حرارة أو مرض يستوجب نقله إلى مستشفى وان ينتظر تكسي أو سيارة إسعاف لنقل طفله وأمام بيته وسيلة للنقل.
باعتقادي الشخصي أن خفض الإنفاق العام ليس بتقيد حرية تنقل كبار الموظفين لأننا ما زلنا لم نوفيهم حقهم مقابل خدماتهم التي قدموها لنا وقد اختلف مع البعض هنا وقد اتفق لكن هذا هو موقفي الشخصي ونظرتي ولا يمكن أن اعتبره مخالفا وان اقبل بان يطالب البعض بمحاسبتهم بل علينا أن نقدم المزيد من اجل تحسين دخلهم بما يتلائم مع التضخم الاقتصادي الذي نعاني منه جميعا ولكي نحفزهم على أداء عملهم على أكمل وجه وإبعادهم عن الخطاء مهما كبر أو صغر . وعلى العكس تماما فإننا نأمل من المعنيين أن يقدم لهم ما يستحقونه حتى بعد قضاء خدمتهم لكي نحافظ على كرامتهم ونحافظ على هيبتهم .