زاد الاردن الاخباري -
ليل الخميس 12 آب سيقدّم لهواة التأمّل في السماء هديّتين جميلتين، وحدثين فلكيّين قلّما يتصادفان معاً. الحدث الأول هو اصطفاف الكواكب المرّيخ والزهرة والقمر على خط رؤيةٍ واحد، وبقربها كوكبي زحل وعطارد على خطٍ موازٍ آخر. وتجتمع هذه الأجسام الفلكية الخمسة قرب أفق الغروب في دائرةٍ رؤية صغيرة. ويمكن التمتّع بمشاهدة هذا الحدث، بالعين المجرّدة، مباشرة بعد غياب الشمس وحتى التاسعة مساءً بتوقيت بيروت.
ولكن الكواكب التي تبدو للناظر الأرضي مصطفّة على خطٍ مستقيم، ليست في الحقيقة كذلك، إنما إسقاطها البصري على ما نسميه "صفحة السماء" الإفتراضية، يكون على خط مستقيم. لذا، فإن هذا الإصطفاف الوهمي ليس له أية قيمة علمية ولا يشكّل أيّ تأثير على الأرض.
ويشكل الحدث الثاني مناسبة سنوية، هو "الهطول الشهبي" أو "الدوش الشهبي" أو "زخّة الشهب"، الناتج عن مرور كوكب الأرض، في مداره حول الشمس، ببقايا الرذاذ والغبار المتفلّت من ذيل المذنّب "تامبل-تاتل". والمعروف أن هذا المذنّب ينهي دورةً كاملة حول الشمس كل حوالى 33 عاماً. وحين يقترب من الشمس، يجر خلفه ذيلاً طويلاً من الغازات والغبار يمتدّ ملايين الكيلومترات خلفه.
وفي مثل هذا اليوم من كل عام، يمر كوكب الأرض بإحدى هذه التجمعات المذنبية، جاذباً اليه موادها، ما يرفع سرعتها الى ما يزيد على 60 كيلومترا في الثانية (224000 كلم في الساعة). حين تخترق هذه الحبيبات الفائقة السرعة الغلاف الجوي للأرض، فإنها تشعّ كشهب مضيئة.
تستمر حال عبور كوكب الأرض في غيمة ذيل "تامبل-تاتل" لأكثر من أسبوع، لكن مرورها في القسم الأكثر كثافة في هذا الغيم المتناثر يصادف ليل 12\13 آب، حيث نشهد ذروة المشهد الشهبي، عند اقتراب منتصف الليل.
ولكي لا نشتّت أبصارنا على امتداد السماء بحثاً عن الشهب المنتظرة، يجب التحديق بنقطة مصدرها، أي بمكان الغيمة المذنّبية، التي يبدو عنوانها بالنسبة للراصد الأرضي في المجموعة الفلكية "برسيوس" (ومن هنا اشتقت تسميتها: زخّات شهب برسيد) أو ما يعرف بالعربية ببرج "حامل رأس الغول" الذي يشرق حوالى الساعة العاشرة ليلاً من الأفق الشمالي-الشرقي على الخط الأفقي نفسه لكوكب المشتري. ويكفي ان تشهد واحداً من هذه الشهب في تلك الليلة حتى تنتظر انبثاق كل الشهب التالية من نفس النقطة في السماء.
كما يقدّم ذلك الليل الحالك، للمجهزين بتلسكوبات عادية، فرصة لرؤية كوكب المشتري، عملاق المجموعة الشمسية، الذي يطلع من الشرق عند حوالى الساعة الثامنة مساءً بتوقيت بيروت، مع أقماره الرئيسية الأربعة (آيو، يوروبا، غانيميد وكالّيستو)، التي تبدو للراصد دائماً في خطٍ مستقيم حول كوكبها الأم.
ويستمرّ المشتري على كل حال مرئياً في ليالي النصف الشمالي للكرة الأرضية حتى أواخر شهر كانون الثاني (يناير) من العام القادم 2011، ويشكّل رصده متعةً لهواة الفلك.
الى ذلك ذكرت الجمعية الفلكية الأردنية إن زخات من الشهب ستمطر سماء المنطقة العربية نهاية الأسبوع الحالي، وبمعدل قد يصل إلى 85 شهاباً في الساعة.
وبحسب ما أوضح مدير الجمعية السيد هاني الضليع، في تصريح خاص بوكالة "قدس برس"، ستدخل أسراب من شهب البرشاويات - نسبة إلى برج برشاوس السماوي- الغلاف الجوي للأرض، بأعداد تتراوح ما بين 35-85 شهاباً في الساعة، وذلك اعتباراً من مساء يوم الخميس وحتى فجر اليوم التالي.
وأضاف بأن الكرة الأرضية تعبر أثناء دورانها حول الشمس بقايا أغبرة المذنب "سويفت تتل"، الذي يدور حول الشمس مرة كل 135 سنة، فيترك أتربته وأغبرته على شكل حبيبات صغيرة جداً تسبح في الفضاء، فإذا ما قاطعتها الكرة الأرضية في الفضاء دخلت الغلاف الجوي بشكل خيط لامعة تدعى الشهب، وتظهر وكأنها تدخل من نفس المكان في السماء وهو هنا برج برشاوس".
ويوضح الضليع، وهو عضو في الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، أن معظم المواد الشهابية الداخلة الى جوّنا الأرضي هي من مختلفات المذنبّات، فهي حين تقترب من الشمس ويسخن سطحها، يتراءى الجليد على شكل نافورة جارفاً معه حبيبات الغبار المخلوطة فيه، وفي كل زيارة للمذنب الى الشمس يحرّر الكثير من الغاز والغبار فيه، وتعادل مادة شهاب من عُشر الغرام، ولا يبلغ حجمه أقل من سنتميتر واحد.وتنظم الجمعية الفلكية الأردنية بهذه المناسبة مخيمها الفلكي 167، لرصد ظاهرة زخة شهب البرشاويات في"مخيم حمزة الفلكي" بالصحراء الأردنية الشرقية بالأزرق.
وبحسب ما أشار مدير الجمعية؛ بالرغم من أن زخات الشهب هي ظاهرة متكررة نسبياً، فهناك زخة شهب الأسديات في شهر تشرين ثاني وزخة شهب التوأميات شهر كانون أول من كل عام، إلا أن زخة شهب البرشاويات لهذا العام 2010 تتميز بصفاء السماء واعتدال الحرارة ليلاً وغياب القمر، الذي قد تضعف إضاءته ضوء الشهب، وهي ظروف ُتتيح للهواة فرصة الرصد الجيدة رغم أجواء رمضان.
وطبقاً لمدير الجمعية؛ من المتوقع أن تكون ذروة الشهب صباح يوم الجمعة الساعة الثالثة فجراً بالتوقيت العالمي، وسيكون هواة الفلك بانتظار الشهب، حيث من العادة أن يعد الواحد منهم دخول أكثر من مائة شهاب في تلك الليلة أو حتى بضع مئات إن استمر في الرصد فترة أطول.
قدس برس+ الحياة اللندنية