زاد الاردن الاخباري -
يدان نحيلتان، غدتا قنديلين في عتمة الأيام وتحديات الإعاقة، تحركان عوالم الإبداع الإنساني، وتعانقان أشكال الخزف المتعددة التي يدفع بها حرفيون إلى الثلاثيني سائد الجنيدي لزخرفتها وإدخال تشكيلات هندسية عليها.
لم تضعف إرادة سائد، أو من الذين انهارت عزيمتهم بسبب ما لحق بهم من إعاقة جسدية، بل أخذ يبحث عن مفاتيح القوة المتوافرة لديه، ويستخرج مواهبه الدفينة متحسسا ميوله نحو اكتساب حرفة الخزف، التي تعتبر من الصناعات السياحية المهمة في المملكة.
جسمه النحيل ويداه الضعيفتان اللتان لا تمكنانه من حمل أي ثقل أو تحريك الآلات الخاصة بصناعة الخزف والفخار، شكلت تحديا آخر امامه، لكن روحه كانت تهفو إلى الريشة التي وجد فيها ضالته وسلاحه نحو ولوج دروب الحياة، فوضع نصب عينيه أن تكون ريشته بوصلة السائح الذي يريد اقتناء قطع الخزف الأردنية، ليرسم بلوحاته الفنية ملامح الهوية الأردنية المستوحاة من التراث والآثار الأردنية والزخرفة العربية والإسلامية.
يقول الجنيدي "اختارت نفسي الريشة لما تمتلكه من قدرة بليغة على الإفصاح عن مكنونات ذاتي التي تتلمس الإبداع من الوجدان الأردني المسكون بالتميز والتفرد المعبر عن حضارة الأمة العربية والإسلامية، وكانت ذاتي تعشق الريشة لأنها خفيفة الحمل وبليغة التعبير، أحضنها بحنان وتحضن إعاقتي، أعشقها وتعشقني حتى أصبحت جزءا من تكويني".
ويضيف أن ريشتي تسعى دائما للتعبير عن سحر البلاغة والإبداع الإنساني، بحيث أصبحت أناملي تلتف حولها فيتفجر من ثناياها نور يضيء عتمة إعاقتي نحو المستقبل الآمن.
وعبر ريشته، يعبر الجنيدي عن إبداعات الرسم على الخزف، فعرفه العاملون في هذه الحرفة وقدموا له ما يحتاج من مساعدة.
ويقول ان "ريشتي الحبيبة التي أرويها بألوان تعبر عن روح وهوية المجسم الذي يصممه الخزاف الذي يدفع بها نحوي، لأسكب فيها ملامح الهوية الأردنية التي ستكون عنوانا لكل سائح ومقتن لها، وعبر ريشتي أصبحت اليوم، الحرفي القادر على العطاء بتميز، وليس صاحب الإعاقة الذي يقتات ويعيش على ما يقدمه الآخرون".
ويضيف سائد "أرفض الاستسلام للإعاقة ولا اعتبرها إعاقة، بل طريقي نحو العطاء والتميز وليس كما يعتقد بعض الناس، فأنا أمد ريشتي وسط ظلمتي، فتضيء دروبي وأكسب رزقي بجهدي وتعبي، وبإبداعي الذي ساعدني على الوقوف في وجه كل التحديات".
ويحلم سائد كغيره من الشبان بأن يكون له بيت وزوجة وسيارة، لكن ظروف الحياة لا تساعده على ذلك، لان الجهات المختصة رفضت منحه إعفاء بسبب إعاقته، مطالبا بإنصافه أسوة بغيره من ذوي الإعاقات الذين منحوا الإعفاء، ليتمكن من شراء سيارة تساعده في الوصول بسهولة إلى أماكن العمل.